لا تزال أزمة الولادة القيصرية أو ما يعرف بـ "بيزنس الولادة القيصرية" مستمرا بين نقابة الأطباء ولجنة الصحة بمجلس النواب.
وعقدت لجنة الصحة بمجلس النواب، الثلاثاء الماضي، اجتماعا لمناقشة ملف ضحايا "بزنس الولادة القيصرية" في مصر، بعد طلب إحاطة تقدمت به النائبة إيناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب، لمناقشة الفساد بهذا الملف على حد وصفها.
أسباب زيادة العمليات القيصرية
ومن جانبه أشار الدكتور خالد أمين أن مشكلة القيصريات تعاني منها دول شبيهة بمصر من ناحية المستويات الإجتماعية والثقافية والإقتصادية مثل تركيا والبرازيل وفنزويلا بنسب متقاربة من حجم المشكلة في مصر، إضافة إلى دول متقدمة طبيًا وتعاني أيضًا من الإرتفاع المتزايد في نسب القيصريات مثل أمريكا وانجلترا.
وعن أسباب زيادة معدل الولادات القيصرية في مصر، أضاف أمين إلى وجود العديد من الأسباب منها فزع الأطباء من المسؤولية الطبية المتزايدة في ظل غياب قانون للمسؤولية الطبية ومعاقبة الأطباء بالحبس في حالة حدوث خطأ طبي.
وأوضح أن أكثر من 70% من الشكاوى ضد الأطباء كانت ضد أطباء النساء والتوليد، وهو ما يجعل هناك ضغوطًا متزايدة على الأطباء لإتخاذ أكثر الطرق أمانًا وابتعادًا عن شكاوى ربما لا تراعي الأبعاد الفنية للموضوع.
كما طالب بسرعة تشريع قانون المسؤولية الطبية بشكل يراعي الأمور الفنية في تلك الشكاوى.
وأرجع الدكتور خالد السبب الثاني عن المشكلة إلى غياب الوعي المجتمعي، حيث تحولت الولادة القيصرية بدون ألم إلى مصدر وجاهة اجتماعية في بعض الأحيان، بسبب إنتشار أفكار غير صحيحة عن الولادة الطبيعي مثل تشوية بعض مناطق من الجسم، وعدم تحمل الألم وغيرها من المفاهيم الخاطئة.
وعن السبب الثالث قال أمين، إن عدم توافر مسكنات الألم والعوامل المساعدة في كثير من منافذ تقديم الخدمة الطبية، لافتا إلى ضرورة توفيرها، حيث أن معالجة الآلام المصاحبة للولادة تساعد في زيادة نسبة الإقبال على الولادة الطبيعية.
وأشار إلي أن هناك العديد من الأسباب الأخرى في زيادة العمليات القيصرية، مثل الدعاية الطبية الغير موفقة لبعض المنشآت الطبية، وغياب الحزم التحفيزية للسيدات اللاتي ولدن بشكل طبيعي.
وطالب أمين بحزمة مميزات للسيدات اللاتي يلدن ولادة طبيعية مثل توفير ألبان لأطفالهن، كما طالب بزيادة التغطية التأمينية والمالية للولادة الطبيعي وتقليل الفارق بينها وبين الولادة القيصرية، حيث أن التغطية المالية للولادة الطبيعية منخفض ولا يتناسب مع أهميتها.
وأكد على ضرورة تطبيق بروتوكولات طبية ملزمة بالمستشفيات الحكومية، والتأكيد على كتابة التشخيص الداعي الطبي للولادة القيصرية حيث نسبة القيصريات متزايدة بالمستشفيات الحكومية أيضًا.
رفع الوعي العام عند الناس
وبالنسبة للحلول لمشكلة زيادة معدل الولادات القيصرية بمصر، تقول الدكتورة إيمان سلامة، أستاذ الباثولوجيا الإكلينيكية بطب سوهاج وعضو مجلس النقابة العامة للأطباء، إنه من الضروري توعية الرأي العام بفوائد الولادة الطبيعية، وذلك من خلال ندوات موجهة للفتيات، وإعداد مادة علمية وتوعوية عن الصحة الإنجابية كمقرر دراسي أساسي في جميع الجامعات، إضافة إلى إنتاج إعلانات ممولة من وزارة الصحة في وسائل الإعلام المختلفة عن أهمية وفوائد الولادة الطبيعية أسوة بإعلانات المبادرات الطبية المختلفة.
وأكدت على ضرورة الالتزام بالقواعد الإكلينيكية والدواعي الطبية لاختيار طريقة الولادة الآمنة من قبل مقدمي الرعاية الطبية، لافتا إلي أنه لا بد على المرأة التمسك بحقها في المعرفة والحصول على جميع المعلومات الخاصة بحملها وجميع المضاعفات محتملة الحدوث نتيجة الولادة الطبيعية أو القيصرية، وإتاحة البدائل حال سماح الحالة الصحية لها بذلك، ولا بد أن يكون للنساء الحق في الإقرار بحرية ومسؤولية طريقة الولادة بعد المعرفة الكاملة بالتفاصيل.
وطالبت سلامة من مقدمي الرعاية الطبية بتفسير وشرح وافي لكل إجراء طبي والشعور المترتب عليه للمراة الحامل، مشيرة إلي أنه من حق المرأة الحفاظ على سلامة أعضائها التناسلية وعدم الاستخفاف بشكواها وعدم التهوين من الالام المصاحبة للولادة أو السخرية منها.
زيادة القيصريات أمام البرلمان
ومن الجدير بالذكر أن كلا من الدكتورة عبلة الألفي والدكتورة إيناس عبد الحليم عضوتا مجلس النواب كانتا قد تقدمتا بطلبي إحاطة حول زيادة معدل الولادات القيصرية في مصر والمشاكل المترتبة عليها.
وذكر دكتور أيمن سالم، أمين عام نقابة الأطباء، أنه تم دعوته لإبداء الرأي في مناقشة طلبي الإحاطة باجتماع لجنة الصحة بالبرلمان يوم الثلاثاء الماضي 14 ديسمبر، مشيرا إلى أنه طالب في كلمته بسرعة إصدار قانون المسؤولية الطبية وضرورة التوسع في تخصص طبيب الأسرة، وكذلك القابلات المدربات في ظل تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل.