كأنما أصبح من المسلّم به أن تخرج البهجة من عنق المأساة، وأن تصبح كل الوجوه التي أمتعتنا وأشبعتنا سعادة هي وجوة حزينة في الأساس من مرارة ما لاقته في حياتها، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى، ومنها نعيمة عاكف واحدة من تلك الذين ملئوا الشاشة بالبهجة والسعادة، والتي أخفت وراءها حزن ومرارة قليل من عاشوها.
حكاية ضحكة وصورة تسببا فى علقة وطلاق
بالرغم من أن النجمة الجميلة نعيمة عاكف ملكة الاستعراض فى الزمن الجميل؛ كانت ولا تزال رمزًا وأيقونة للبهجة والسعادة والمواهب المتعددة، إلا أن حياتها كانت سلسلة من المتاعب والآلام منذ طفولتها، حتى رحيلها فى شبابها بعد رحلة معاناة مع المرض، فالنجمة الجميلة التى نشأت فى سيرك والدها بطنطا عاشت فى طفولتها مأساة وسنوات شقاء بعد أن أفلس الأب، واضطرت هى وشقيقاتها للانتقال مع الأم إلى القاهرة.
رفضت الأم أن تعمل مع بناتها فى الصالات التى شعرت بأنها أرادت استغلالهن استغلالاً مشينًا، وبدأت الفتيات الأربعة يقدمن عروضًا فى الشارع حتى يجدن ما يسد جوعهن ويعينهن على الحياة.
علي الكسار يقدم نجمة تاريخية للسينما
شاهد الفنان الكبير على الكسار الفتيت، فضم نعيمة إلى فرقته، ثم استعانت بها بديعة مصابنى، حتى شاهدها عدد من المخرجين واستعانوا بها، فظهرت كراقصة فى فيلم "ست البيت".
لكنها قدمت أول أدوارها التمثيلية من خلال فيلم (العيش والملح)، بعد أن أعجب بها المخرج حسين فوزى وتعاقد معها على عدد من الأفلام، وتزوجها.
الغيرة المجنونة
لم تكد نعيمة عاكف تعرف طريق السعادة والشهرة، حتى عانت من غيرة زوجها المخرج حسين فوزى، الذى كان يكبرها فى السن بسنوات، وكثيراً ما دبت الخلافات بينهما بسبب غيرته الشديدة وانفعاله عليها.
و كتب الكاتب الكبير محمد بديع سربية، الذى كانت تجمعه علاقة قوية بأهل الفن عن مشوار نعيمة عاكف وقصة حياتها الماساوية عن قصة طلاقها ورحلة عذابها.
وقال سربية، إن نعيمة عاكف كانت بعد زواجها من المخرج حسين فوزى نجمة المجتمعات الفنية، وكان تقيم هى وزوجها العديد من الحفلات الساهرة لنجوم الفن، وكانت تتمتع بعلاقات طيبة مع الجميع، فكانت هى وزوجها أول المدعوين فى أى حفل يقيمه كل زملائها.
ولكن كانت غيرة الزوج على نعيمة عاكف تزداد يوماً بعد يوم، حتى أنها كادت تؤثر على مكانتها الفنية ونجاحها، فمنعها من العمل مع أى مخرج أو منتج أخر، وأرغمها عن الاعتذار عن عدد من الأفلام.
ووصلت غيرة حسين فوزى على نعيمة عاكف؛ أنه كان يغضب حين تضحك على نكتة قالها زميل أو تتحدث مع شاب، أو حتى مشاهدة أفلام بعض زملائها من الفنانين.
وفى إحدى المرات التقى حسين فوزى وزوجته نعيمة فى بيروت بالفنان الكبير أنور وجدى، ودعاهما إلى قضاء سهرة فى أحد الملاهى، وبالفعل ذهب الزوجان، وطبقا لقواعد الاتيكيت جلس فوزى فى الكرسى المقابل لزوجته، بينما جلس أنور وجدى إلى جوارها، وتصادف أن قال أنور وجدى نكتة فضحكت نعيمة عاكف بشدة، وفى هذه الأثناء التقط لهما أحد الصحفيين بعض الصور، وبعد انتهاء السهرة انهال حسين فوزى على زوجته باللوم ثم بالضرب المبرح، ولم ينم حتى ذهب للصحفى وانتزع منه الفيلم الذى صوره، ولكن بقيت مع الصحفى صورة واحدة فى فيلم أخر.
تصميم على الطلاق
بعد أن هدأ الزوج صممت نعيمة عاكف على الطلاق، وفشلت محاولاته للاعتذار ، وأصرت على موقفها حتى لا تلجأ للقضاء، ووافق الزوج، لكنه طلب منها تأجيل الطلاق حتى العودة من رحلة فنية تعاقد عليها لاقامة حفلات لنعيمة عاكف فى تونس والمغرب، فوافقت على ان يتم الطلاق بعدها.
وبالفعل أقامت نعيمة عاكف عدة حفلات فى تونس والمغرب، وحققت فيهما نجاحاً كبيراً، ولم تفلح محاولات حسين فوزى فى أن يجعلها تتراجع عن قرار الطلاق وبعد عودتهما تم الطلاق بينهما.
زواج تقليدي
تزوجت نعيمة عاكف من المحاسب صلاح عبدالعليم، وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد، وتزوج حسين فوزى من شابة جميلة اسمها شيروت فهمى التى أصبحت بعد ذلك النجمة ليلى طاهر.
بدأت بفيلا وأنتهت بالغيرة والطلاق
رغم قصر حياة نعيمة عاكف إلا أنها كانت مليئة بالأحداث فهي كانت كالفراشة المحبة للحياة، وكان هذا يظهر وبشدة من خلال أعمالها التى قدمتها.
لم تكن نعيمة عاكف موفقة فى حياتها العاطفية بشكل جيد، فربما السبب هو ضريبة الشهرة التى سددتها نعيمة عاكف.
وعلى الرغم من فارق السن الكبير بينهما، فقد تزوجها حسين فوز عام 1953، ونقلها إلى فيلا في حي مصر الجديدة، وقامت بتعليم نفسها فاستعانت بمدرسين تلقت منهم دروساً في العربية والإنجليزية والفرنسية، وبذلك أصبحت تتحدث ثلاث لغات.
بلغ الرصيد الفني لنعيمة عاكف خلال رحلتها الفنية القصيرة حوالي 25 فيلماً، وكانت فى نجاح متزايد، ويبدو أن طليقها المخرج حسين فوزي قد أراخد إثارة غيظها؛ حيث قام عام 1960 بإخراج فيلم "غرام في السيرك" ويدور حول نفس العالم الذي نشأت فيه نعيمة ولكنها استبدلها بالفنانة برلنتي عبدالحميد.