الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصاد 2021.. لم يكن عاما عاديا علي السودان.. من معاناة المظاهرات والاعتداءات الخارجية والنزاع القبلي إلى انتصار الديمقراطية والحفاظ على السيادة.. ماذا حدث في الخرطوم؟

السودان
السودان

يعد السودان، أحد اكبر الدول الافريقية والعربية، لذا فإن الاهتمام لما وقع فيه خلال العام 2021 أمر ضروري، ونرصد خلال التقرير التالي ابرز الأحداث التي مر بها السودان خلال عام 2021.

وشهد السودان خلال هذا العام العديد من المظاهرات والاحتجاجات فى انحاء مختلفة من البلاد، ونتج عنها اشتباكات عنيفة ومنها من كانت سلمية، إلي أن هدات الاوضاع بعد توقيع الإتفاق السياسي بين رئيس الوزراء عبدالله حمدوك والقوات المسلحة السودانية.

وجاءت أبرز الاحداث خلال شهر أكتوبر 2021، حيث زحفت اعداد كبيرة من المحتجين في السودان نحو مبنى الحكومة بالعاصمة الخرطوم، ووقعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن السودانية، أسفرت عن سقوط قتلي وجرحي من الطرفين.

وقامت قوات الأمن السودانية بتأمين مبنى الحكومة والمنطقة المحيطة تحسبا لحدوث أعمال شغب.

 وفي ذلك الوقت، أكدت الحكومة  السودانية اعتزامها مواصلة الحوار مع كافة الأطراف لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد حتى يصل السودان إلى "بر الأمان".

ولكن تصاعدت الاحداث مع استخدام الشرطة السودانية الغاز لتفريق محتجين أغلقوا الطرقات قرب مبنى وزارة الخارجية في الخرطوم.

 كما لوحظ انتشار أمني مكثف في الخرطوم مع إغلاق معتصمي القصر الرئاسي شوارع وجسور وسط العاصمة، حيث أغلقت حشود المحتجين المطالبين بحل الحكومة المدنية وتسليم السلطة إلى العسكريين في السودان، جسرا مهما عبر النيل الأزرق.

 كما اغلقت مجموعة من المتظاهرين المشاركين في الاعتصام أمام القصر الجمهوري بالاتجاهين جسر المك نمر الذي يربط بين الخرطوم العاصمة والخرطوم بحري.

وجاءت هذه التطورات على خلفية الأزمة السياسية المتواصلة في السودان وتنظيم مظاهرات مؤيدة ومناهضة للحكومة المدنية في الخرطوم.

 وبعد هذه التطورات، قرر مجلس وزراء السودان برئاسة عبد الله حمدوك، تشكيل "خلية أزمة" مشتركة من جميع الأطراف لمعالجة الأوضاع الحالية في البلاد، والالتزام بالتوافق العاجل على حلول عملية تستهدف تحصين وحماية واستقرار ونجاح التحول المدني الديمقراطي، والمحافظة على المكتسبات التاريخية لنضالات الشعب في تعميق قيم الحرية والسلام والعدالة.

وأكد حمدوك، في ذلك الوقت، أن تظاهرات الشعب السوداني، أثبتت تمسك الشعب بالتحول الديموقراطي.

الاعتقالات


وفي ال 25 من أكتوبر، بدات حملة اعتقالات بالسودان، وقامت قوة أمنية ترتدي زياً مدنياً، باعتقال 4 وزراء في الحكومة السودانية، بالإضافة إلى عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان.

والاعتقالات شملت وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، ووزير الإعلام حمزة بلول، ووزير الاتصالات هاشم حسب الرسول، وزير الصناعة إبراهيم الشيخ.

وجاءت هذه التحركات عقب الاجتماع الذي جمع المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان برئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، ورئيس المجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لإيجاد حل للأزمة القائمة بالسودان. 

وبعد حملة الاعتقالات، اقتادت قوة عسكرية رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، إلى "مكان مجهول"، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية.

وفي نفس اليوم، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، إن القوات المسلحة قامت بـ الاستجابة لثورة الشباب فى السودان، وذلك بسبب"تحريض بعض القوى السياسية على العنف جعلنا نستشعر الخطر للحفاظ على مكتسبات الثورة".

وطالب  الشعب بالحفاظ على السودان.

 

حالة الطوارئ

 

وأعلن البرهان، حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد، و مؤكدا علي استمرار عملية الانتقال الديمقراطي حتى تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة.

واستكمالا لحفنة من القرارات الجريئة، قام البرهان بحل مجلس السيادة السوداني الانتقالي والحكومة السودانية.

وأمر بتشكيل حكومة كفاءات وطنية، لتولي تسيير أمور الدولة حتى الانتخابات المقررة في يوليو 2023.

وفي ال 26 من أكتوبر، دعي أعضاء بمجلس الأمن الدولي لاجتماع طارئ حول السودان، بسبب تسارع الأحداث في البلاد. ولكن سرعان ما خرج القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، مؤكدا أن الجيش السوداني أنقذ البلاد من حرب أهلية.

وقال البرهان: “كان من واجبنا الوقوف مع الشعب السوداني".

واعتبر البرهان إن القوات المسلحة قدمت كل التنازلات من أجل تحقيق أحلام السودانيين، مفيدًا بأن هناك حزما في رفض جهة واحدة على السودان وانفرادها بالأمور، قائلًا “أكدنا رفضنا سيطرة أي جهة أو حزب على السودان.. فالقوى السياسية هي من رفضت إعادة تجربة سوار الذهب”.

والتقي البرهان عددا من المسؤولين من الدول العربية والاجنبية، وتدخلت بعض الدول للوساطة لإنهاء الأزمة.

وفي تلك الفترة، أعلن الجيش السوداني، عن سقوط قتيل وإصابة 58 من عناصره خلال الأحداث الأخيرة التي شهدها السودان.

وفي الـ 27 من أكتوبر، أعفي البرهان أعفى 6 سفراء لدولة السودان من مناصبهم.

وقال التلفزيون السوداني إن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان قرر إعفاء سفراء السودان في الولايات المتحدة وبروكسل (الاتحاد الأوروبي) وفرنسا وسويسرا والصين وقطر من مناصبهم.

وفي نوفمبر، خرج البرهان مدافعا عن تحرك الجيش لحماية مكتسبات الثورة السودانية، مؤكدا علي أن ما حدث ليش انقلابا، ولكن تصحيح لمسار الثورة السودانية، كما تم رفع الحصار عن ميناء بورتسودان.

ومع تصريحات البرهان، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس أن هناك "بوادر شبه نهائية" لحل الأزمة.

كما أرسلت جامعة الدول العربية، وفد إلى الخرطوم للقاء القيادات السودانية من المكونات المختلفة لبحث سبل الأزمة القائمة في السودان.

ومع استمرار اشتعال الاحداث، أكد الجيش السوداني الالتزام الصارم بالتحول الديموقراطي للسودان، كما أعرب البرهان أنه لن يكون له أي دور سياسي بع تشكيل الحكومة، وأنه ينوي اعتزال الحياة السياسية.

وفي يوم الخميس الموافق 11 نوفمبر، أعلن عبد الفتاح البرهان تشكيل مجلس السيادة، وتعهد بالتزامه بالحوار مع كافة القوى السياسية للخروج من الأزمة التي يمر بها السودان وصولا إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وبعد هذه الخطة، أشادت الولايات المتحدة بدور القوات المسلحة السودانية في ثورة ديسمبر لانحيازها لتطلعات الشعب.

ولكن الشارع السوداني لم يهدأ، وقالت الشرطة إنه “بتاريخ 17 نوفمبر انطلقت عدة مسيرات ومواكب بولاية الخرطوم كان قد تم الإعلان عنها في الوسائط منذ أيام احتجاجا على قرارات 25 أكتوبر الماضي”.

واشتعل الشارع السوداني بالمظاهرات والاحتجاجات، كما حذرت العديد من الدول رعاياها بالسودان من التجمعات والنزول إلي الشوارع.

 

الاتفاق السياسي


وفي الـ 21 من نوفمبر، أعلن البرهان وحمدوك توقيع الاتفاق السياسي السوداني الجديد، ووقع كل من البرهان وحمدوك على اتفاق السودان السياسي، والذي تضمن على أن الوثيقة الدستورية هي المرجعية الأساسية لاستكمال الفترة الانتقالية، كما يتم تعديلها بالتوافق بما يحقق مشاركة سياسية شاملة.

وشملت بنودها أيضًا على أن مجلس السيادة الانتقالي هو المشرف على تنفيذ الفترة الانتقالية، فضلا عن أن الشراكة الانتقالية بين المدنيين والعسكريين ستعد أساس استقرار السودان.

ونصت مسودة الاتفاق على إلغاء قرار إعفاء حمدوك من منصبه، والتحقيق في الأحداث التي جرت خلال التظاهرات؛ إلى جانب إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.

وشملت مسودة الاتفاق العمل على بناء جيش قومي موحد، وإعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام البشير مع مراجعة أدائها.

كما شددت على ضرورة البدء في حوار بين كافة القوى السياسية لتأسيس المؤتمر الدستوري، فضلا عن الإسراع في استكمال جميع مؤسسات الحكم الانتقالي.

ونصت أيضا على تنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال استحقاقاته، فضلا عن ضمان انتقال السلطة لحكومة مدنية في موعدها.

وأكدت المسودة على أن الوثيقة الدستورية هي المرجعية الأساسية لاستكمال الفترة الانتقالية، وأن  تعديلها يكون بالتوافق بما يحقق مشاركة سياسية شاملة

وأشارت مسودة الاتفاق إلى أن الشراكة الانتقالية بين المدنيين والعسكريين هي أساس استقرار السودان، موضحة أن  مجلس السيادة الانتقالي هو المشرف على تنفيذ الفترة الانتقالية.

وعاد رئيس وزراء السودان، عبدالله حمدوك إلي منصبه، وقال: “ إن التوقيع على الاتفاق السياسي يفتح الباب لحل الخلافات في السودان”.

وأكد خلال مراسم توقيع الاتفاق السياسي في السودان إن الهدف من الاتفاق هو حقن دماء الشعب السوداني والعمل على البناء والتغيير.

ورحبت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، والدولة العربية والأجنبية بتوقيع الاتفاق.

وبدأت عملية إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين في السودان، وتضم القائمة فائز السليك المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ووالي سنار السابق الماحي سليمان، والقيادي بتجمع المهنيين محمد ناجي الأصم، والناشط المجتمع ناظم سراج، والقيادي بحزب المؤتمر السوداني صلاح نور الدين.

كما خرج البرهان مرة أخري مؤكدا أن الجيش السوداني سيحي الفترة الانتقالية في السودان.

 

الاعتداء الإثيوبي

 

وفي نهاية شهر نوفمبر، بدا العدوان الإثيوبي علي الأراضي السودانية، وتصدى الجيش السوداني، لهجوم داخل الحدود الشرقية للبلاد نفذته قوات إثيوبية ومليشيات أمهرة الداعمة لرئيس وزراء أديس أبابا أبي أحمد.

 ورد الجيش لسوداني على توغل قوات إثيوبية ومليشيات أمهرة داخل الأراضي السودانية بشرق بركة نورين، عند مستوطنة ملكاوا، بعمق 17 كيلومترا.

 وأفاد الجيش السوداني، بوقوع قتلي في صفوفه إثر الاشتباكات المسلحة، ووصلت حصيلة القتلي إلي  ضابطين و20 جندي إثر اشتباكات بالأسلحة الثقيلة مع قوات إثيوبية على الحدود.

كما أعلن الجيش السوداني، مقتل 40 مسلحاً إثيوبيا في المعارك الأخيرة التي دارت في الفشقة.

 وقال الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني قوله إن الفشقة أرض سودانية خالصة. وتعهد البرهان خلال زيارته للفشقة عقب الهجوم الأخير بعدم التفريط في أي شبر من أراضي السودان.

 وأكد البرهان خلال زيارته لمنطقة الفشقة جنوب غربي البلاد أن السودان ليس له عداء مع إثيوبيا وملتزم بعلاقات حسن الجوار معها.

وفي ديسمبر، خرج نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مطالبا بدعم المجتمع الدولي ومحذرا دول العالم من مواجهة أزمة لاجئين جديدة حال فتح السودان الحدود.

وقال حميدتي، إن "أوروبا وأمريكا قد تواجهان زيادة في عدد اللاجئين، إذا لم تدعما السودان في ظل حكومة حمدوك الجديدة التي ستشكل".

وهدأت الأوضاع في السودان نسبيا، بعد أن أكد الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة، أن  الجيش السوداني سيترك الساحة السياسية بعد الانتخابات المقررة في عام 2023.
 

النزاع القبلي

 

وبجانب التظاهرات والاحتجاجات، عاني السودان من النزاع القبلي في إقليم دارفور، وبعض مناطق كردفان.

ووجه مجلس السيادة السوداني، بحسم حالة ”الانفلات الأمني“ التي تعانيها بعض المناطق في إقليم دارفور، وبعض مناطق كردفان، وبسط سيادة حكم القانون فيها.

ويأتي توجيه مجلس السيادة بعد سقوط 48 قتيلا خلال اشتباكات قبلية في منطقة ”كرينك“ بولاية غرب دارفور، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية.

وعقد مجلس السيادة الانتقالي، اجتماعا بحث خلاله الأحداث التي وقعت في ولايتي ”غرب دارفور وغرب كردفان“.

كما أعلنت لجنة أطباء السودان أن عدد ضحايا الاشتباكات القبلية التي وقعت نهاية الأسبوع في إقليم دارفور غربي البلاد، ارتفع إلى 88 قتيلا على الأقل.


اتهامات اثيوبيا

 

وفي ديسمبر، رد السودان، على اتهام إثيوبيا للخرطوم بدعم وإيواء وتدريب عناصر جبهة تحرير تيجراي، في وقت تستمر المعارك بين قوات الجبهة المعارضة والجيش الإثيوبي.

وقالت الخارجية السودانية إنها "تابعت بمزيد من الدهشة والاستغراب الخبر الذي نشرته وكالة فانا الإذاعية الحكومية الأثيوبية بتاريخ 9 ديسمبر 2021 والذي اتهمت فيه السودان بدعم جبهة تحرير تيجراي".

وأكد السودان أن هذه الادعاءات جزافية ومنافية للحقيقة.

وشدد السودان علي الالتزام التام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وأن ما أوردته وكالة فانا لا أساس له من الصحة مطلقاً.