تحظى المذكرات والسير الذاتية للزعماء والسياسيين والمشاهير بأهمية خاصة وتحقق في العادة أرقامًا فلكية من أرباح المبيعات، كونها تراهن على فضول الجماهير لمعرفة ما يدور في أروقة وكواليس مؤسسات الحكم والإدارة، والاطلاع على الجوانب الخفية من حياة المشاهير الشخصية.
صحيفة "الجارديان" البريطانية رصدت ظاهرة طريفة تكررت على نحو ملفت للنظر مؤخرًا، تتعلق باتجاه الزعماء السابقين والسياسيين والمشاهير إلى تأليف روايات الإثارة والجريمة بعد تقاعدهم، بجانب مذكراتهم وسيرهم الذاتية بالطبع، حيث تكتسب تلك الظاهرة أهمية متزايدة مستمدة من ثقل وزن شخصيات اقترنت أسماؤها مؤخرًا بأعمال فنية ألفوها أو شاركوا في تأليفها.
بيل كلينتون.. لا أثر لـ مونيكا لوينسكي
لطالما التقطت عدسات الصحافة صورًا للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون هابطًا من الطائرة الرئاسية متأبطًا تحت ذراعه رواية أو أخرى لمؤلفي روايات الجريمة والإثارة، مثل والتر موسلي وجيمس باترسون.
وبعد انتهاء فترتي رئاسته، تعاون كلينتون مع جيمس باترسون في تأليف رواية "الرئيس مفقود" (The President Is Missing) الصادرة عام 2018، ويعكف الاثنان حاليًا على تأليف ثاني أعمالهما المشتركة، رواية "ابنة الرئيس" (The President’s Daughter).
وتقول صحيفة الجارديان إن من الأمور الملفتة للنظر أن الروايتين لا يظهر فيهما أثر لشخصية تعادل مونيكا لوينسكي، عشيقة بيل كلينتون إبان فترة رئاسته، بينما يجد القارئ أثرًا محسوسًا لشخصية ابنة الرئيس، التي تعادل في الواقع شخصية تشيلسي كلينتون، ابنة بيل وهيلاري كلينتون الوحيدة، وتدور رواية "ابنة الرئيس" بالأساس حول المشكلات التي يتعرض لها أقارب الرؤساء الأمريكيين بعد تركهم البيت الأبيض.
هيلاري كلينتون.. وزيرة الخارجية هي الأهم
في روايتها المشتركة مع مؤلفة روايات الإثارة الكندية لويس بيني، والمعنونة "دولة الرعب" (State of Terror) الصادرة هذا العام، تتماهى وزيرة الخارجية الأمريكية والسيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون مع شخصية إيلين آدامز، وزيرة الخارجية الأمريكية في الرواية، التي تتصدى لمؤامرة تستهدف تدمير الولايات المتحدة بسلاح نووي.
وفي الرواية، تبدو هيلاري كلينتون وكأنها تصفي حسابات قديمة مع شخصيتين لا يشك القارئ أنها تعادل شخصيتي الرئيسين الأمريكيين السابق دونالد ترامب والحالي جو بايدن، وشخصيات أخرى لسياسيين وصحفيين مشهورين، كما تسلط الرواية الضوء على حياة الدبلوماسية المكوكية المرهقة لوزراء الخارجية.
بوريس جونسون.. نائب مشاغب يحبط مؤامرة إرهابية
في روايته "اثنان وسبعون عذراء" (Seventy-Two Virgins) الصادرة عام 2004، يروي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وقائع من حياة شخصية روجر بارلو، وهو شخصية خيالية لسياسي بريطاني من أصل أمريكي لاتيني وعضو مشاغب بحزب المحافظين، يعيش حياة فوضوية ويهوى ركوب الدراجات ومغازلة الحسناوات، وعند منعطف رئيسي في الرواية يصبح هو خط الدفاع الأخير عن مجلس العموم البريطاني في مواجهة هجوم إرهابي خططت مجموعة من "الجهاديين" لتنفيذه.
ومن المآخذ التي تُسجل على رواية جونسون، بحسب الجارديان، أنها تشوه سمعة أي شخص تقريبًا ليس ذكرًا إنجليزيًا أبيض عضوًا بحزب المحافظين، كما تشيع بين ثنايا الرواية نغمة ملحوظة بوضوح من العداء لفرنسا.
مشاهير السياسة والإعلام وروايات الجريمة
ومن السياسيين والمشاهير الآخرين الذين سلطت الجارديان الضوء على ميلهم لتأليف روايات الإثارة والجريمة، الإعلامي البريطاني توم برادبي، الذي ألف ست روايات جريمة من قبل، وصدرت له رواية "الصليب الثلاثي" (Triple Cross) العام الحالي، وتدور عن عميلة الاستخبارات البريطانية كيت هندرسون، التي تحقق حول سر يمنع رئيس الوزراء البريطاني المقبل من تولي منصبه، في محاكاة لأقاويل شبيهة تحيط بسيرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
أما عميل الاستخبارات البريطانية أيضًا لوك كارلتون، فهو بطل الرواية الجديدة لمراسل هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" للشئون الأمنية فرانك جاردنر، بعنوان "انتشار وبائي" (Outbreak) الصادرة هذا العام، وهي الجزء الثالث لروايتي "أزمة" (Crisis) و"إنذار نهائي" (Ultimatum)، وفي أجزاء السلسلة يتصدى ضابط الاستخبارات وبطل الرواية لمؤامرات تتعلق بأسلحة نووية وبيولوجية واحتجاز رهائن.
ومن الشخصيات ذائعة الصيت في هذا الصدد وزيرة العدل النرويجية السابقة آن هولت، التي صدر لها 18 كتابًا حتى الآن، بينها 3 روايات جريمة سياسية، تدور إحداها، وهي رواية "الموت في أوسلو" (Death in Oslo) حول اختفاء الرئيس الأمريكي بينما كان في زيارة رسمية إلى النرويج، وتدور رواية "فم الأسد" (The Lion’s Mouth) حول مقتل رئيس الوزراء النرويجي، بينما تدور روايتها الأخيرة "ذكرى جريمة قتل" (A Memory for Murder) حول مقتل نائب في البرلمان برصاصة قناص.