رأت مجلة ”ناشيونال إنترست“ الأمريكية أن الرئيس السابق دونالد ترامب، ارتكب خطأ كبيرًا في الإصغاء لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقع بين إيران و 6 دول كبرى عام 2015.
وأشارت المجلة في تقرير لها نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، إلى أن قرار ترامب كان أسوأ خطأ إستراتيجي في تاريخ إسرائيل، كونه أتاح لإيران تحقيق تقدم كبير في الطريق نحو العتبة النووية، وأن الاتفاق كان يشكل عقبة أمام هذا التقدم.
ونقلت المجلة عن رئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية والرئيس السابق للمخابرات الجوية الإسرائيلية، اللواء إسحاق بن إسرائيل، قوله ”إن جهود نتنياهو لإقناع إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي تبين أنها أسوأ إستراتيجية خطأ في تاريخ إسرائيل“.
بدوره رأى رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس يادلين أن ”ما أوقف تقدم إيران نحو إنتاج أسلحة نووية هو اتفاق 2015 وليس العمل العسكري“.
وقال ”إن حقيقة أن إيران الآن أقرب كثيرًا إلى مثل هذه الأسلحة هي بسبب السياسة الخاطئة جدًّا التي انتهجتها دولة إسرائيل“.
واعتبر الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية في فرع إيران، داني سيترينوفيتش، أن الانسحاب من اتفاق 2015 كان بمثابة ”كارثة“.
فيما وصف الرئيس السابق لجهاز المخابرات الموساد، تامير باردو، الانسحاب بأنه ”مأساة“ واعتبر جهود الحكومة الإسرائيلية لإقناع ترامب بالانسحاب أنها ”خطأ إستراتيجي“.
وأوضحت المجلة أن مثل هذه الأحكام الصادرة عن مسؤولين محترفين إسرائيليين ليست بجديدة، لافتة إلى أن الكثير منهم قالوا أمورا مماثلة عندما دخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ للمرة الأولى في عام 2015.
وأشارت إلى أن رئيس الموساد السابق إفرايم هاليفي تساءل بشكل خطابي عن جهود نتنياهو لنسف الاتفاق، قائلاً ”ما الهدف من إلغاء اتفاق يبعِد إيران عن القنبلة“.
فيما أكد الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي شين بيت، عامي أيالون، في الوقت ذاته تقريبًا، أنه فيما يتعلق بالقدرة النووية الإيرانية، فإن اتفاق 2015 ”هو الخيار الأفضل“.
وقالت المجلة ”لا ينبغي أن يكون أي من هذه الأحكام مفاجِئًا، حتى التفكير للحظة يؤدي إلى استنتاج، وهو أنه إلى الحد الذي يمكن أن تؤثر فيه الأنشطة النووية الإيرانية على أمن إسرائيل، فمن الأفضل بكثير السيطرة على هذه الأنشطة بقوة كما هي الحال في اتفاق 2015، بدلاً من أن يكون لديك بديل لا يتضمن أي قيود على إنتاج إيران من المواد الانشطارية“.
وأضافت ”إذا كان المتخصصون الأمنيون المعنيون في إسرائيل يتحدثون علنًا عن هذا الموضوع الآن أكثر من ذي قبل، فربما يرجع ذلك إلى أن تجربة السنوات الست الماضية جعلت الاختلاف الكبير في نتائج سياستين مختلفتين تمامًا أكثر وضوحًا من أي وقت مضى“.
ونبهت المجلة إلى أن إيران التزمت بشكل كامل بالقيود الصارمة التي فرضها اتفاق 2015 على أنشطتها النووية خلال السنوات الثلاث الأولى من الاتفاق، وبذلك أبقى الاتفاق على أي طريق محتمل للوصول إلى سلاح نووي مغلقًا.
وأضافت ”في المقابل، أظهرت السنوات الثلاث الماضية أن سياسة الضغط التي انتهجها ترامب فشلت تمامًا، إذ أصبح مخزون إيران من اليورانيوم المخصب أكبر بعشرات المرات مما كان عليه في إطار اتفاق 2015“.
ورأت المجلة أن سياسة الحكومة الإسرائيلية لا تعكس أيًّا من هذه التقييمات وهذه الدروس من التاريخ الحديث، فيما لا تزال حكومة نفتالي بينيت تعارض المفاوضات النووية أو أي مفاوضات بهذا الشأن مع إيران.
وأعربت المجلة عن اعتقادها بأن بينيت يواصل سياسة سلفه نتنياهو، الذي لم يدخر جهدا في محاولة تخريب اتفاق 2015 والمفاوضات التي أدت إليه، حتى أنه استنكر سياسة واشنطن أمام الكونغرس الأمريكي.
وأوضحت أن الولايات المتحدة ليست غريبة على القادة السياسيين الذين يتجاهلون الأحكام الصادرة عن أجهزتهم الأمنية، ويمكن أن يظهر النمط ذاته في أي بلد آخر.
وقالت المجلة ”لكن التناقض في إسرائيل بشأن هذه المسألة البارزة يتطلب مزيدًا من التوضيح، إذ تعكس سياسات بينيت ونتنياهو جزئيًّا ما أصبح كراهية إسرائيلية شديدة وعميقة لكل ما هو إيراني والذي تم تضخيمه وتشجيعه مرارًا وتكرارًا من خلال تصريحات القادة السياسيين الإسرائيليين أنفسهم“.
مضيفة ”أصبحت المعارضة الحازمة لأي تعامل مع إيران، التي تغذيها هذه المشاعر والميول والطباع عادة قومية في إسرائيل“.
واختتمت بقولها ”باتت المساحة السياسية لأي زعيم لرسم مسار بديل شبه معدومة، بالنظر إلى الاعتقاد المؤكد من أن الخصم السياسي سيستغل أدنى تلميح من ذلك الزعيم بأنه لين مع إيران“.