نشر السفير المصري لدى الولايات المتحدة معتز زهران مقالًا بصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، بمناسبة مرور 100 عام على تدشين العلاقات الدبلوماسية المصرية الأمريكية، احتفى فيه بنقاط القوة في العلاقات بين البلدين، ودعا إلى تطوير الشراكة القوية بينهما. وإلى نص المقال:
تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على تعزيز الشراكات العالمية التي ستساعد في إبقاء الولايات المتحدة آمنة وحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها.
وفيما أبدت دول عديدة أخرى تشككها في الولايات المتحدة وأعربت عن حاجتها لإعادة تقييم الشراكات معها، عززت مصر روابطها القوية مع واشنطن ونسقت استجابة مشتركة للتحديات الاقتصادية والبيئية الجديدة والتهديدات المتزايدة في الشرق الأوسط.
واختتم وزير الخارجية سامح شكري ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن مؤخرًا الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر، معلنين أن شراكتنا التي استمرت 100 عام لم تكن قط أقوى أو أكثر حيوية لمصالحنا الأمنية والاجتماعية والاقتصادية المشتركة.
وخلال الأشهر الأخيرة، عندما اشتعلت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، عمل الرئيسان عبد الفتاح السيسي وجو بايدن معًا للتوسط في وقف إطلاق النار والالتزام بتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة. تلعب مصر اليوم دورًا أساسيًا في تثبيت التهدئة تمهيدًا لإطلاق جهود سلام جادة.
ومع ترقب إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا في 24 ديسمبر الجاري، لعبت مصر دورًا حاسمًا في التقريب بين جميع الأطراف. وفي يونيو الماضي، مع انهيار مناقشات قمة برلين بشأن مستقبل ليبيا -بما هدد انتخابات ديسمبر- عملت مصر والولايات المتحدة بسرعة لضمان نجاح مؤتمر باريس حول ليبيا، وتعملان معًا لإبقاء عملية الانتخابات في مسارها الصحيح وإجراء الاستحقاقات في أوقاتها المحددة.
وفي أغسطس الماضي، عندما أنذرت الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان بالفوضى، عملت مصر والولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق مع الدول المجاورة للسماح لمصر بتزويد لبنان بالغاز الضروري لدعم وإعادة المستشفيات والشركات والخدمات الحكومية للعمل بعدما كانت على حافة هاوية.
ومع المخاطر والشكوك التي أثارها الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، نسقت وزارة الدفاع المصرية والقيادة المركزية الأمريكية مع 21 دولة عمليات جوية وبرية وبحرية مشتركة في شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، في رسالة للجميع بأن مصر والولايات المتحدة وحلفاؤنا على أهبة الاستعداد لحماية السلام والاستقرار معًا.
والشهر الماضي في قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26)، وقفت مصر إلى جانب الولايات المتحدة ودول أخرى للإعلان عن التزاماتنا بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. إن اختيار مصر لقيادة جهود تغير المناخ للعام المقبل وصولًا إلى استضافتها مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27 في شرم الشيخ يعد دليلاً واضحًا على الثقة الدولية في مصر الجديدة اليوم.
وتواكب جهود مصر المشتركة دوليًا مع الولايات المتحدة تقدمًا كبيرًا يقوده الرئيس السيسي في الداخل، بهدف حماية الأرواح وحقوق الإنسان بطريقة شاملة ومتوازنة لجميع المصريين.
يسير تعزيز حقوق الإنسان في مصر على مسار واعد، حيث أطلقنا مؤخرًا استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان مدتها خمس سنوات (2021-2026) تعترف بعيوبنا وتحددها، وتتعهد بإصلاحها لأنها تعزز التزامنا تجاه أكثر من 100 مليون مصري لهم الحق في الحياة -وهو أكثر الحقوق قداسة- والتنمية والرعاية الصحية والسكن الميسور والضمان الاجتماعي والفرص الاقتصادية. تحدد هذه الخطة أهدافًا مدنية وسياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية سنوية بالتماشي مع مقررات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتحقيق وحماية الحريات الأساسية لجميع المصريين.
على الصعيد الاقتصادي، أجرت الحكومة المصرية أيضًا إصلاحات اقتصادية واسعة سمحت لنا بتحقيق معدل نمو بنسبة 3.6% خلال عام الوباء وتوليد استثمارات أجنبية متزايدة، بينما عانت دول أخرى في منطقتنا. تتوقع المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني مستقبلًا اقتصاديًا مستقرًا لمصر واستمرار النمو بمعدل 5.5%، وقد تميز الربع الأول من السنة المالية الحالية بالفعل بمعدل نمو مذهل بنسبة 9.8%.
من الواضح أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به، حيث تسعى كل من الولايات المتحدة ومصر لمعالجة الأولويات الوطنية والدولية. وبينما نمضي قدمًا معًا للاحتفال بالذكرى المئوية للعلاقات الثنائية الرسمية بين البلدين والاحتفال بها في عام 2022، من الأهمية بمكان أن تواصل القيادة في واشنطن، سواء في الكونجرس أم إدارة بايدن، زيادة تقدير قيمة الشراكة المصرية الأمريكية، فأي شيء أقل من ذلك يخاطر بتقويض التقدم الحقيقي الذي أحرزناه معًا، ويتجاهل الفرص الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تفيد كلا البلدين.
لقد حان الوقت الآن للولايات المتحدة ومصر للالتقاء والبناء على إرث مشترك تم تطويره على مدار المائة عام الماضية، وهو مدعاة لفخر بلدينا معًا. ومن خلال العمل معًا على التحديات الجديدة الممتدة للأمن القومي والمصالح الاجتماعية والاقتصادية والجيوسياسية، سنبني حقًا إرثًا أفضل للقرن القادم.