الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشاعر زين العابدين فؤاد.. محفوظ مهد الطريق للرواية العربية وجعل لها طقوسا وتقاليد.. وأعماله ستظل باقية لقرون.. وعلى وزارة التربية والتعليم تبني خطة لتدريس إبداعات نجيب محفوظ للطلبة | حوار

صدى البلد

مرّت أمس الذكرى الـ١١٠ على ميلاد أديب نوبل نجيب محفوظ ، والذي يعتبره الكثير من النقاد والكتاب مؤسس للرواية العربية في القرن الـ٢٠، لذلك حاورنا الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، والذي تحدث معنا عن إرث محفوظ، وعن تأثر جيله بكتابات محفوظ والتي فتحت لهم رؤى وآفاق جديدة خلال مرحلة مبكرة من حياتهم، كذلك تحدث عن مدى تقبل الأجيال الجديدة لكتابات محفوظ، إذ أبدى رغبته في ضم أعمال محفوظ الروائية والقصصية لتكون ضمن مقررات وزارة التربية والتعليم، وذلك كي يتمكن الجيل الجديد من الطلبة من الاقتراب أكثر للتعرف على كتابات محفوظ الخالدة.

في البداية أود أن أعرف منك بصفتك على مسافة جيدة من الواقع الثقافي، كيف يستقبل الجيل الجديد من الشباب أعمال محفوظ خلال الوقت الحالي؟

سأجيبك عن هذا السؤال من خلال الواقع الثقافي الحالي، ففي صالون "زين العابدين فؤاد" خصصنا ثلاث حلقات نقاشية مختلفة عن نجيب محفوظ، فالثلاث جلسات كانوا عبارة عن "مدخل إلى عالم نجيب محفوظ"، وخلال العرض المباشر للحلقة الأولى فوجئت أن عدد المتابعين وصل لرقم تاريخي إذ وصل لـ3000 آلاف شخص، فأنا لم أكن أتصور أن نتمكن من جذب هذا العدد من المتابعين، بالنسبة لأجيال شباب تتابع محفوظ عن كثب، وخلال الحلقة الثانية والتي كانت عبارة عن حلقة نقدية لعملين من أعماله، وهما "همس النجوم" و"أولاد حارتنا"، جذبت أيضا آلاف المشاهدين. أما الحلقة الثالثة فكانت منذ عام، وتحديدا في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ، وقد جذبت هي الأخرى آلاف المتابعين، وهذا معناه أن محفوظ لايزال موجود، وهناك الكثير من المهتمين به، والمهتمين بالحديث النقدي عنه، لذلك أرى أن محفوظ موجود بشدة في حياتنا الثقافية. لكن هناك شريحة أخرى من الناس وهم الذين تابعوا أعمال محفوظ من خلال الأعمال التلفزيونية المأخوذة من رواياته، وهؤلاء كثر بالطبع، لذلك فمحفوظ موجود بيننا في جميع الأحوال؛ سواء من خلال أعماله الروائية أو السينيمائية. 
لكني أرى ضرورة أن تتبنى وزارة التربية والتعليم في مصر مشروعا، تختار من خلاله أعمال  محفوظ لتكون ضمن مناهجها الدراسية، وأن توفر أعماله داخل مكتبات المدارس فهذا هو المطلوب في نهاية الأمر، حتى يتمكن الجيل القادم من التعرف على إبداعات نجيب محفوظ.

- إذا وماذا يمثل محفوظ بالنسبة لجيلك من الكتاب؟

بالنسبة إليّ ولجيلي، فمحفوظ كان عامل مهم جدا خلال حياتنا الثقافية، إذ عرفته سنة 1962 حين كنت في العشرين من عمري ووقتها كنت سعيد بمقابلته بميدان الأوبرا القديمة، وتحديدا في كازينو صفية حلمي، ثم بعد ذلك انتقل إلى مقهى ريش وكنا نلتقي أسبوعيا، وكل جيلي من الكتاب كانوا دائما ما يلتفوا حوله، فقد كان يحتوي الجميع ويساعدنا.
أما النقطة الثانية فنحن قد قرأنا محفوظ في وقت مبكر، ودائمًا ما كنا نصفه بلفظ "عم" وهذا اللفظ لم يكن مستعمل آنذاك بهذه الصورة الموجودة حاليا، إذ تأثرنا به كثيرا -كجيل  الستينيات والسبعينيات- مثل عبد الرحمن الأبنودي، وسيد حجاب، وقد كتبنا قصائد عن شخصيات نجيب محفوظ، فعبد الرحمن الأبنودي كتب عن سعيد مهران، ومجدي نجيب عمل ديوان كامل عن سعيد مهران بطل اللص والكلاب، وأنا أيضا كتبت قصيدة مهداة لمحفوظ عن رواية "الطريق". كذلك فالثلاثية كانت هي الرواية الأهم لكل جيلنا، لأن من خلالها يمكن اعتبار محفوظ شاهدًا على عصره، إذ تقدم لنا تأريخًا لهذا العصر، كثورة 19، وحزب الوفد والمظاهرات، وصورة مصر في تلك الفترة، فهذا هو الروائي الذي يمكن أن يبقى لقرون طويلة.

-وهل هناك أعمال لمحفوظ تعتقد أنها قادرة على البقاء لمائة عام قادمة؟

أرى أن الثلاثية ستبقى لقرون طويلة وكذلك ملحمة الحرافيش، وأولاد حارتنا، وأصداء السيرة الذاتية وهي أعمال ستظل موجودة لسنوات، فرواية أولاد حارتنا اعتبرها عمل "فذ" بغض النظر عن التفسيرات السخيفة لهذا العمل من جانب البعض، فهي رواية شديدة الإحكام وبها فلسفة ووجهات نظر مختلفة، وهي تقدم رؤية للكون، وكذلك ملحمة الحرافيش التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تُفسّر على أنها تتحدث عن "فتوات" فقط، فمفهوم الفتوة في ذلك العصر يختلف عن المفهوم الموجود حاليا لأن الفتوة كان هو حامي المنطقة والقبيلة والأسرة، لذلك العالم الذي كونه محفوظ كان مختلفا. فشخصية سعيد مهران داخل اللص والكلب، هي شخصية ستظل باقية لسنوات وقرون قادمة. لذلك نجد أن أثر محفوظ لم يقتصر على مصر فقط، إذ أتذكر أنه حين حصل على نوبل وأقيمت له احتفالية، جاءه أحد الكتاب من الخارج وهو "باولو كويلو" وانحنى أمام محفوظ وقبّل يده احتراما له، وقال له: "أنا أقبل اليد التي دفعتني للكتابة" لذلك مهد محفوظ طريق الرواية العربية، وجعل لها طقوس وتقاليد، فالثلاثية تم الانتهاء من كتابتها في أربعينيات القرن الماضي، وهي فترة مبكرة ومتقدمة جدا بالنسبة لتاريخ الرواية العربية.

-في رأيك هل هناك تجارب عربية استطاعت أن تثري الرواية العربية مقارنة بإرث محفوظ الروائي؟

بالطبع هناك الكثبر فمحفوظ رائد للرواية العربية ولأنه مهد الطريق، وخلق مناخ للرواية العربية، فقد أصبح لدينا روايات مذهلة داخل العالم العربي، مثل روايات إبراهيم عبدالمجيد وغيره من كبار الكتاب، مثل محمد ناجي، ومحمد البساطي، وإبراهيم أصلان، وعدد كبير من الروائيين، وفي خارج مصر عندنا الكثيرين مثل جبرا إبراهيم جبرا، وغيره.