الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رحلة البحث عن الذات.. قراءة في «أدب اللجوء» لـ عبدالرازق قرنح

الأديب التنزاني عبدالرازق
الأديب التنزاني عبدالرازق قرنح

أسلوب مميز في كتابات الروائي عبد الرزاق قرنح التنزاني من أصول يمنية تشكل من خلاله موروثات الاستعمار والرِق، ناقش بسلاسة قضايا الهُوية والتهجير وكأنها تعبير ذاتي عن معاناته الشخصية وتشتته طوال العمر، ولد في بلد، وحمل جنسية بلد آخر، وعاش حياته في بلد ثالث، وكأنه لم يجد ما ينشده في البلاد الثلاثة وراح يعبر عنه في رواياته العشر، الذي فاز عن إحداها وتحمل اسم "الجنة" بجائزة نوبل في الأدب لعام 2021 وتسلمها قبل أيام في ظل غياب الاحتفال السنوي المقرر في العاشر من ديسمبر بسبب عدوى كورونا.

 

تأثير الهجرة 

تقوم شخصيات قرنح الخيالية باستمرار ببناء هوية جديدة لأنفسهم لتناسب بيئاتهم الجديدة، ووفقا لموقع المعهد البريطاني، فإن شخصياته يخوضون صراعا مستمرا بين حياتهم الجديدة والماضية، وتستند جميع روايات قرنح إلى التأثير المدمر للهجرة في سياق جغرافي واجتماعي جديد على هويات شخصيته، وبالنسبة إليه بشكل شخصي، الذي عانى، مثل شخصياته، من النزوح من موطنه الأصلي زنجبار والهجرة إلى بريطانيا عندما كان عمره 18 عامًا.

وتابع الكاتب "لوكا برونو" في مقاله المنشور في عام  2005، أن الهوية تعد مسألة تغيير مستمر وما تفعله الشخصيات الرئيسية في رواياته هو تغير الهويات الثابتة للشعب التي يواجهونها في البيئات التي يهاجرون إليها. 

وكما أشار الناقد الثقافي بول جيلروي في كتابه "بين المعسكرات": "عندما يتم تمثيل الهويات القومية والعرقية وعرضها على أنها نقية فإن التعرض للاختلاف يهددهم بتغيير شخصياتهم في ظل الأحداث المتغيرة التي قد تلوث طبيعتهم النفسية، ويمثل أبطال رواياته هذا التغير الذي يطرأ على هويات الآخرين من خلال اختلافهم".

1638814496501444700
1638814496501444700

 

صراع الذكريات

جلب في كتاباته التحدي بين جنسية وأخرى بصفته مهاجرًا إلى بلد أجنبي، حيث تعتبر الهجرة والنزوح، سواء من شرق إفريقيا إلى أوروبا أو داخل إفريقيا، عنصر أساسي في جميع روايات قرنح، ومن الواضح أن حالة النشأة في مكان ما والعيش في مكان آخر كانت موضوع رواية قرنح بأكملها.

 ومع ذلك ، يدعي أنه لا يوثق تجربته في سيرته الذاتية، بل هي "إحدى قصص عصرنا" على حد وصفه في كتاب "الكتابة والمكان"، ويقول: "السفر بعيدًا عن المنزل يوفر المسافة والمنظور ، ودرجة من الاتساع والتحرر، إنه يُكثِّف التذكر ، الذي هو الجزء الأساسي من خيال الكاتب، كما أن الغرابة تزيد أيضًا من الإحساس بالحياة التي تُركت وراءنا، وبأن الناس المهجورون بدون تفكير في طريقهم للضياع  إلى الأبد".

نفس المعنى يسود شخصيات روايات قرنح الذين ينظرون إلى ماضيهم بمشاعر مختلطة من المرارة والذنب لما تركوه وراءهم. في كثير من الأحيان ، يستلزم الانتقال إلى مكان مختلف بالنسبة لشخصيات رواياته محو أي اتصال مع عائلاتهم السابقة، وفي رواية "الجنة" يتساءل يوسف بحزن "إذا كان والديه لا يزالان يفكران به ، إذا كانا لا يزالان على قيد الحياة ، وكان يعلم أنه لا يفضل معرفة ذلك. لم يستطع أن يقاوم ذكريات أخرى في هذه الحالة ، وجاءت له صور هجرتهم في فيض من المشاعر''.

رواية عبدالرازق قرنح
رواية عبدالرازق قرنح

ملخص الروايات

كذلك استوحى إلهامة من الشعر العربي الفارسي ومن القرآن، كما أوضحت الأكاديمية السويدية في بيانها، ورغم ذلك لم يتم ترجمة أيا من أعماله التي قدمها باللغة الإنجليزية بدلا من السواحيلية لغته الأم، إلى العربية حتى الآن، ويرصد «صدى البلد» ملخص لرواياته:

ذاكرة المغادرة «1988»

تعد رواية قرنح الأولى وتدور أحداثها على ساحل شرق أفريقيا، حيث تتناول قصة شاب يكافح في ظل نظام شمولي، قبل إرساله للعيش مع عم ثري في كينيا، ووفقا لـ"نيويورك تايمز" فإن الرواية تعد دراسة مقنعة لكفاح رجل بمفرده يحاول إيجاد هدف لحياته وكذلك صورة مؤلمة لمجتمع تقليدي ينهار بسبب الفقر والتغير السريع".

أدب اللجوء
أدب اللجوء

 

الجنة «1994»

تم اختيار هذه الرواية في القائمة المختصرة لجائزة بوكر عام 1994، وتدور أحداثها في شرق إفريقيا قبل الحرب العالمية الأولى، وتتبع يوسف البالغ من العمر 12 عامًا ، والذي تم بيعه إلى تاجر ثري كخادم،  ويروي يوسف رحلاته عبر القارة مع القبائل الأخرى والتهديدات التي يواجهونها، وتعد الرواية تأمل مؤثر في طبيعة الحرية وفقدان البراءة، إذ تجسد قصة صبي واحد وقارة بأكملها".

الإعجاب بالصمت «1996»

يهرب راوي لم يذكر اسمه من زنجبار في الستينيات إلى إنجلترا، حيث يقع في حب امرأة إنجليزية ويكون أسرة، بينما يكافح العنصرية التي يواجهها هناك، مع صراعه أيضًا لكراهية الذات خلال محاولاته للاندماج، ويصور في الرواية بمهارة معاناة رجل عالق بين ثقافتين، كل واحدة منهما تنكر وجوده بسبب صلته بالثقافة الأخرى.

عن طريق البحر «2001» 

هربًا من الفوضى والفساد، تقدم صالح عمر، وهو تاجر يبلغ من العمر 65 عامًا من زنجبار، بطلب للحصول على اللجوء في إنجلترا، ويجسد الكتاب تفاصيل القسوة من قبل مسؤولي الهجرة البريطانيين والبيروقراطية البائسة التي تدعم جهود إعادة التوطين، حيث يتم نقل صالح في النهاية إلى بلدة ساحلية هادئة، وهناك بالصدفة ، يلتقي بابن الرجل الذي تسبب في معاناة كبيرة لصالح وعائلته، حتى تكون صداقتهم بمثابة توفيق بين تاريخ عائلاتهم.

 

الهجر «2005» 

تتشابك قصتا حب مشؤومان في هذه الرواية التي تدور أحداثها في عام 1899، حين استولى صاحب متجر شرق أفريقي على مغامر بريطاني ويقع في حب أخته ريحانة مما تسبب في فضيحة، وبعد عقود من مشاكل عائلته يقع شقيقه في حب حفيدة ريحانة ثم تستمر الأحداث.

قلب الحصى «2017» 

نشأ سالم في زنجبار ، ولا يعرف أبدًا سبب تفكك عائلته أو لماذا ، كما يقول في بداية الرواية ، "لم يكن والدي يريداني"، ولاحقا بعد أن حصل على درجات أكاديمية ممتازة أتاحت له الفرصة للدراسة في إنجلترا، ولكنه انهار مقارنة بآمال وتوقعات عائلته.