الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صديق الفنانين والمشاهير.. حكاية سفاح الإسكندرية الذي تحولت حياته لرواية وفيلم| نوستالجيا

السفاح ولحظة محاصرته
السفاح ولحظة محاصرته

"كان همه أن يقتل الأبرياء، وأن يسفك دماء الناس، كأن هذا المسدس الذى فى يده يهيئ له أنه فوق الناس وفوق القانون.. إنه يريد أن يفرش طريق هروبه بجماجم الضحايا وأشلاء الأبرياء" هذا ما قاله الكاتب الكبير مصطفى أمين عن محمود أمين سليمان أو ما أطلق عليه "سفاح الإسكندرية" والذي استوحى منه الكاتب نجيب محفوظ رواية "اللص والكلاب" وتحولت فيما بعد لفيلم أدى دور البطولة فيه الفنان شكري سرحان والمطربة شادية. 

كان لصا وقاتلا خطرا دخل إلى عالم الجريمة من باب الشهرة مستغلا ذكائه في انشاء علاقات صداقة بينه وبين كثير من الفنانين والمشاهير تمكنه من سرقة منازلهم الفارهة فيما بعد.. خيانة زوجته له أو ما تخيله حينها انها تخونه حولته لقاتل شرس يسفك دماء كل من يقف في طريقه لتنفيذ جرائمه. 

 

بداية الإجرام 

 

تبدأ القصة عندما قام الشاب الطموح أمين سلیمان والد السفاح بالهجرة من بلدته بالصعيد إلى لبنان عام 1920 من أجل البحث عن مصدر رزق جدید وقام هناك بتأسيس شركة صغيرة لشحن البضائع , و قد استقر بمدينة طرابلس اللبنانية بجوار مقر شركته وهناك تزوج و رزقه الله بخمس بنات و ثلاثة أولاد منهم محمود "السفاح". 

وفي مدينة طرابلس اللبنانية التحق محمود بإحدى المدارس الراقية وكانت بداية عهد محمود بالسرقة في طفولته و هو بعمر 7 سنوات عندما سرق 4 ثمرات ( خیار ) و عندما اكتشفت والدته السرقة قامت بمعاقبته ثم قام محمود بسرقة 4 بنادق من مخزن أسلحة تابع لمعسكر الجيش البريطاني والقى القبض عليه لأول مرة و هو طفل بسن التاسعة عندما التحق بعصابة متخصصة في سرقة منازل الأثرياء و كان دوره أن يتسلق الأسوار العالية لرشاقته و خفة وزنه و لكن الشرطة قامت بتسليم محمود لوالده لحداثة سنه. 

تكررت سرقات محمود حتى وصل إلى سن الشباب و جاء اليوم الذي إشترك فيه مع عصابته في سرقة منزل الرئيس اللبناني السابق ( كميل شمعون ) و قامت العصابة بقتل أحد حراس منزل الرئيس و بعد هذه الحادثة تم إلقاء القبض على ( محمود ) فشعر ( امین سلیمان ) بالخوف على مستقبل أسرته وأمواله في لبنان

بعد عودة محمود إلي مصر توفي والده فقام محمود ببيع نصيبه من أملاك والده واستقر محمود في القاهرة و قام بتأسيس دار نشر بعد أن تعرف على اثنين من الصحفيين و كانا يقدمانه للصحفيين و الفنانين على أنه الدكتور محمود أمين سليمان الأستاذ الجامعي السابق.

 

الدخول لعالم الشهرة 

 

كان تأسيس دار النشر علامة فارقة حياة محمود الإجرامية فمن خلال إدارته لدار النشر دخل في عالم الفن والسياسة وتعرف على عمالقة ذلك الزمان مثل عبد الحليم حافظ و الشاعر كامل الشناوي و الصحفي مصطفي أمين.. كانت دار النشر مجرد ستار لجرائم محمود فكان من جهة يتقرب إلي رجال السلطة و الفن و من جهة أخرى كان يختار ضحاياه من الفنانين و المشاهير بدون أن يثير الشك و بالفعل بدأ محمود في مسلسل سرقة المشاهير. 

بداية سرقاته في عالم الشهرة عندما اقتحم منزل الشاعر أحمد شوقي و قام بسرقة تمثال لنخلة ذهبية أهداها له أمير البحرين بمناسبة حصوله على لقب أمير الشعراء ثم قام بسرقة قصر المليونيرسباهي باشا بالإسكندرية و فيلا كوكب الشرق أم کلثوم. 

تزوج محمود لأول مرة من تدعي عواطف و قد اكتشف لاحقا انها لیست عذراء فطلقها بعد ذلك شاهد محمود فتاة جميلة و من أسرة فقيرة تدعي نوال عبد الرؤوف وكانت ستتزوج من تاجر من مدينة الزقازيق إلا أن محمود قام بإغراء أسرتها بمبالغ مالية كبيرة فوافقوا على زواجهما. 

 

خيانة 

 

ألقي القبض على محمود في 58 قضية سرقة منازل فأعطاه صديقه المحامي بدر الدين الذي كان يدافع عنه دائما في قضاياه وعدا بأن يساعده في الخروج من السجن و في السجن تسربت لمحمود أنباء عن علاقة غير شرعية بين زوجته نوال و محاميه الخاص كما عرف أن محاميه يتعمد تأخير إجراءات المحاكمة و البراءة حتى يخلو الجو له مع زوجته فقرر الهرب والانتقام من زوجته و محاميه وبالفعل نجح في الهرب من السجن لبراعته في الهروب والتنكر وذهب لمنزل زوجته في الإسكندرية وحاول قتلها بوابل من الرصاص الذي أصاب شقيقة زوجته فقتلها

 

و احتاج محمود للمال فذهب السرقة فيلا ( بولفار ) الثري السكندري صاحب مصنع الغزل والنسيج واكتشفه أحد الخدم فأطلق السفاح الرصاص عليه ثم توجه لمنزل أحد معارف المحامي بدر الدين فزعم الرجل بأنه يعرف مكان بدر الدين الذي يبحث عنه لكنه في الحقيقة حاول إلهاء محمود من اجل الاتصال بالشرطة فأدرك محمود هذا الفخ و قام بالهروب من المنزل بعد أن قتل اثنين من الخدم. 

 

الصحف تعلن عن السفاح 

 

منذ ذلك الحين أصبح محمود حديث الشارع المصري فقامت الصحف اليومية بتخصيص مساحة خاصة بتحركات و جرائم السفاح ومع مطاردة الشرطة المستمرة للسفاح و حاجته للمال اللازم للهروب انتشرت اخبار عن اتصال السفاح بعدد من مشاهير ذلك الزمان و تهديدهم بالقتل إن لم يعطوه المبالغ المطلوبة و من المشاهير الذي هددهم وقتها الفنانة تحية كاريوكا و الفنانة مريم فخر الدين و الفنانة ماجدة و الفنان حسن فايق، والمقرئ طه الفشني والمؤلف أبو السعود الإبياري لكن اتضح لاحقا إن هذه الأخبار كاذبة و أن من فعل ذلك هم بعض اللصوص والمتطفلين الذي أرادوا إرهاب و ابتزاز المشاهير. 

 ولبراعته في التنكر نشرت الصحف صور تخيلية للسفاح في شخصيات مختلفة مثل رجل عربي و امرأة و متسول و ضابط شرطة. 

 

السفاح تحول لبطل 

 

اختلفت الآراء بین کاره للسفاح هناك من يراه قاتل و يستحق العقاب و بين مؤيد له يراه نصير المظلومين يأخذ من الغني و يعطي للفقير مثل (روبن هود) و في ابريل 1960 نشرت الشرطة المصرية في الصحف خبرة مضمونه أن من يقبض على السفاح أو يساهم في القبض عليه يحصل على 1000 جنيها مصرية ( كان مبلغ خيالي في تلك الأيام ) و بعد أن وصل الخبر إلى السفاح قرر الهرب إلى مسقط رأسه في قنا فاستوقف احدى الشاحنات و طلب من سائقها أن يوصله إلى الصعيد لكن السائق قال انه متجه إلي مدينة الواسطي في بني سويف وفي الطريق اكتشف سائق الشاحنة أن السفاح هو من يستقل معه السيار فتوقف السائق عند أقرب نقطة مرورية و قال للسفاح انه سينزل من السيارة و يعطي رخصة القيادة للضابط و لكن السفاح بسرعة بديهته أدرك أن هذه حيلة من السائق لإبلاغ الضابط ومن توتره نسي السائق المفتاح في الشاحنة فأخذ السفاح الشاحنة وهرب بها بعد أن أطلق الرصاص على رجال الشرطة و قتل أحدهم. 

 

كلاب بوليسية ترشد عن السفاح 

 

 بعد 19 ساعة اهتدت قوات الشرطة الى الشاحنة و كانت فارغة إلا من ملابس السفاح و التي يبدو انه استبدلها بملابس شخص آخر للتنكرونجحت الكلاب البوليسية هذه المرة في اقتفاء اثر السفاح الذي وجدته الشرطة مختبئا في احدى مغارات جبل حلوان وحاصرته الشرطة عدة ساعات قامت خلالها بالتفاوض معه لتسليم نفسه الا انه اشترط لتنفيذ ذلك ان تسلمه الشرطة زوجته (نوال) ليقتلها نفسه , فرفضت الشرطة ذلك الشرط و تبادلت إطلاق الرصاص معه حتى أردته قتيلا يوم 10 ابريل 1960 و تم دفنه في مقابر الصدقة بمنطقة زينهم بالقاهرة .