الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيله.. كيف أنقذ ألفريد لوكاس مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون؟ | نوستالجيا

صدى البلد

تحل اليوم ذكرى وفاة عالم الكيمياء الإنجليزي ألفريد لوكاس والمولود سنة 1867. وقد اشتهر الفريد ببراعته في علم الكيمياء التحليلية وكذلك في علم المصريات. إذ كان جزءًا من فريق هاورد كارتر ضمن أعمال التنقيب عن مقبرة توت عنخ آمون حيث ساهم في تحليل وحفظ العديد من الاكتشافات، لكنه كان أيضًا رائدًا في المجالات الأوسع للحفاظ على القطع الأثرية وعلوم الطب الشرعي.

حياة مبكرة

ولد لوكاس في مدينة مانشستر بإنجلترا، وقد درس الكيمياء في لندن بالمدرسة الملكية للمناجم والكلية الملكية للعلوم، قبل أن يعمل لمدة ثماني سنوات ككيميائي مساعد في المختبر الحكومي في لندن.
 


الانتقال إلى مصر

 


وقد تم تشخيص إصابته بالسل في عام 1897، وبعد أن تماثل للشفاء انتقل لوكاس إلى مصر بعد ذلك بعام حيث تعافى تمامًا، وعمل ككيميائي في الخدمة المدنية المصري، وعمل ولم يغادرها لبقية حياته المهنية. فقد بدأ حياته المهنية بالعمل في قسم الملح، بجانب عمله في سلسلة من وظائف المختبرات الكيميائية، بما في ذلك مع قسم المسح الجيولوجي، الذي قدمه إلى آثار مصر القديمة، ثم عمل رئيسًا للكيميائيين في قسم المسوح، ثم مدير وكيميائي رئيسي للمختبر التحليلي الحكومي. وفي عام 1923 خطط للتقاعد لمتابعة اهتمامه بعلم الآثار وذلك لتحقيق شغفه.  ومع ذلك فقد قبل بمنصب استشاري كيميائي في مصلحة الآثار، ثم بعد ذلك عمل كمستشار كيميائي فخري، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته في عام 1945. 
وقد تولى لوكاس أيضًا الكثير من أعمال الطب الشرعي، حيث عمل كخبير في المقذوفات والكتابة اليدوية.  وكان يقدم أدلة خبير في المحكمة، ونصح المحاكم العسكرية البريطانية في مسائل الطب الشرعي خلال الحربين العالميتين. 
وبالإضافة إلى ذلك لقيت كتاباته في علم الطب الشرعي استحسانًا واعتبرت رائدة، حيث أشارت الجريدة الإنجليزية إيجيبشن جازيت إليه على أنه "شيرلوك هولمز المصري".

 

 سمعة طيبة
 


خلال الفترة التي قضاها في مصر، استطاع لوكاس تحليل وحفظ الأشياء المسترجعة من التنقيب عن المواقع المصرية القديمة، فعندما اكتشف عالم الآثار هوارد كارتر في نوفمبر 1922 مقبرة توت عنخ آمون بمحتوياتها سليمة إلى حد كبير، وافقت السلطات المصرية على إقراض لوكاس لأعمال التنقيب. وقد بدأ عمله في ديسمبر 1922، كجزء من فريق صغير من علماء الآثار والخبراء ذوي الخبرة، بقيادة هوارد كارتر بما في ذلك آرثر ميس وآرثر كالندر والمصور هاري بيرتون.  لعب لوكاس دورًا رئيسيًا في هذا الفريق، حيث كان مسؤولاً عن الحفظ والترميم والتحضير للشحن لآلاف الأشياء التي تم العثور عليها، وبعضها كان هشًا للغاية، إلا أنه تمكن من القيام بهذا العمل، وقد تم إنشاء مختبر مؤقت في مقبرة سيتي الثاني "الفارغة" والقريبة من موقع مقبرة توت عنخ آمون، وقد تم استخدامها كمعمل لإصلاح كل كائن لضمان النقل الآمن إلى  متحف القاهرة (المتحف المصري بالتحرير).

نال لوكاس سمعة طيبة في ذلك الوقت، إذ نشرت أوصاف عملية الحفظ في العديد من الصحف، بما في ذلك مقال عام 1923 في صحيفة التايمز، حيث وصف الصعوبات التي واجهتها عند حفظ الأشياء من القبر فقال:
"العديد من الأشياء في مثل هذه الحالة التي يجب تنظيفها وتقويتها وإصلاحها قبل تصويرها أو تسجيلها أو تعبئتها أو نقلها إلى القاهرة.  أي خطأ في العلاج قد يفسدهم. أول شيء يجب فعله هو إزالة الغبار السطحي، والذي يمكن أن يتم عادة عن طريق زوج صغير من المنفاخ أو بالفرشاة اللطيفة بشعيرات الفنان الصغيرة والناعمة والجافة.  لا يمكن استخدام منفضة الغبار، لأنها قد تلتقط أي ذهب سائب وتتسبب في تلفه كما يجب تحليل طبيعة وخصائص كل هذه المواد، لمعرفة المادة الأفضل لإعادة تصنيع الذهب السائب أو البطانة الفضفاضة، حيث أن المادة التي استخدمها قدماء المصريين في المناخ الجاف لصعيد مصر ليست بالضرورة مناسبة للمناخ الموجود داخل المتاحف".

ونظرًا لارتفاع درجة الحرارة داخل القبر تم تنفيذ العمل خلال فصل الشتاء، حيث أمضى لوكاس معظم الوقت المتبقي في القاهرة لإجراء التحليل الكيميائي وإعداد الأشياء للعرض. ومن خلال العمل عن كثب مع هوارد كارتر، أثبت لوكاس أنه أحد أكثر مؤيدي التنقيب التزامًا، فقد قضى أخيرًا تسعة مواسم حتى عام 1930 في العمل في مختبره داخل الموقع.

 

مراحل لاحقة

 

بعد مشاركته في مقبرة توت عنخ آمون، دعم ألفريد لوكاس عددًا من الحفريات الأخرى، بما في ذلك العمل في لجنة للنظر في ترميم مقابر طيبة المهملة. وخلال الحرب العالمية الثانية ، ساعد في العمل على حماية الأشياء في متحف القاهرة، وألقى محاضرات ونشر كتيبات إعلامية للقوات البريطانية في مصر. 

نشر ألفريد لوكاس العديد من الكتب والأوراق والمقالات حول نتائج أبحاثه، بما في ذلك الموضوعات المتعلقة بمصر في عصره والحفاظ على المواد المصرية القديمة، بالاعتماد على عمله في مقبرة توت عنخ آمون.  أثبتت كتبه في كل من حفظ القطع الأثرية والكيمياء الجنائية أنها مؤثرة وساعدت في تطوير هذه المجالات كمهن، وبعضها ظل مطبوعًا بعد سنوات عديدة من وفاته.

وقد حصل على عدد من التكريمات لخدمته مع الحكومة المصرية، منها الوسام العثماني من الدرجة الرابعة عام 1906، وقد تم تعيينه ضابطًا في وسام الإمبراطورية البريطانية عام 192، ووسام الإمبراطورية المصرية.

ويظل كتاب الفريد لوكاس "المواد والصناعات عند قدماء المصريين" مرجع لا غنى عنه لكل باحث فى الآثار بصفة عامة والحضارة المصرية القديمة بصفة خاصة حيث يتميز بدقة المعلومات و تنظيم العرض.

توفي لوكاس عن عمر يناهز 78 عامًا في مستشفى الأقصر في 9 ديسمبر 1945، أثناء زيارة للأقصر، بعد أن عانى من قصور في القلب.