أكدت الدكتورة فتحية الحنفي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن جريمة الإسماعيلية القتل والتمثيل التي شهدتها محافظة الإسماعيلية، وعقدت محاكمتها اليوم ذات شقين، الأول أن ارتكاب الجريمة في وضح النهار وأمام الجميع ولا يهاب أحد، وهذا يعد إفساد في الأرض، وينطبق عليه قول الحق تبارك وتعالى: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساد أن يقتلوا......" الآية، مشيرة إلى أنه في هذه الحالة ووصل الأمر إلى القضاء وجب تنفيذ الحد وهو القتل في حق المجرم، ولا عفو فيه حتى لو كان تحت تأثير مخدر، لأنه تناوله باختياره فيكون مسئولاً عن كل تصرف يصدر منه.
جريمة الإسماعيلية
وأوضحت الحنفي في تصريحات لـ "صدى البلد" تعقيباً على مطالبة محامي المتهم بالإفراج عن موكله باعتباره واقع تحت تأثير المخدر لحظة ارتكاب الجريمة، أن الشق الثاني لو تم تصنيف هذه الجريمة على أنها قصاص، فالأمر يعود إلى أولياء المقتول ولهم أن يطلبوا القصاص من الجاني، أو العفو من القصاص إلى الدية، أو العفو التام.
وشددت على أنه بناء على جعلها جريمة إفساد في الأرض وجب لها الحد، أو قصاص، ففي كلا الحالتين لا يكون هناك تبرير لارتكاب الجريمة سواء مرض أو تناول مخدر، لأننا لو تركنا كل من يتناول مخدر لارتكاب أي جريمة لصار المجتمع غابة، مؤكدة أن الغرض من العقوبة الزجر والردع فلو علم كل إنسان انه لو ارتكب أي جريمة ونفذ فيه العقوبة لكان هناك ردع لارتكاب الجرائم والتخفيف منها.
وبينت أن الواقع الذي نحياه كثرت فيه الجرائم باختلاف أنواعها وأغلبها تحت تأثير المخدرفلابد من العقاب للحد من تناول المخدرات، مشيدة بقرار وزارة التضامن التي عاقبت بالفصل كل من يثبت تناوله لمادة مخدرة من العمل.
أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف، أن جريمة فصل رأس شاب بالإسماعيلية والتمثيل بجثته أمر تأباه الشريعة الإسلامية وتستنكره مهما كان الدافع وراءه، مشيراً إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف أمام الكعبة وقال لإن تهدم لبنة لبنة أهون عند الله من أن يراق دم مسلم.
وقال الأطرش في تصريحات لـ "صدى البلد":" إن سفك الدماء أمر عظيم عند الله عزوجل ولا يجوز تبريره بأي مبرر كان، فهناك جهات مسؤولة عن إعادة الحقوق لأهلها، وإلا لصارت الدنيا غابة يستباح فيها القتل وإراقة الدماء بمزاعم واهية"، مؤكداً:" ما فعله المجرم بفصل رأس صاحبه أمر تأباه الشريعة وينهى عنه الإسلام وهو قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد يجب أن يواجه بأقصى عقوبة يعرفها القانون حتى لا تتكرر".
واستشهد رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تكشف حرمة سفك دماء المسلمين، يقول تعالى: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق".
وحول ما يشاع من دوافع كالاغتصاب وغيرها، شدد “الأطرش” على أنه في حال تلك الفرضية فلا يمكن أن تكون مبرراً لأن في تاريخ الإسلام لم تثبت تلك الجريمة لصعوبة إثباتها، فقد أمر الله تبارك وتعالى بأربعة شهود عدول، فلو أن رجلاً دخل على زوجته ووجدها متلبسة لم يبح قتلها وجعل الله له أن يقوم بلعانها، موضحاً أن ملامة الناس على عدم تدخلهم في الدفاع عن المقتول ورد القاتل لا يكون له وجهته الشرعية فقد يكون القاتل في حالة جنون تدفعه لقتل المزيد، كما أنهم في حالة يغلبها الرهبة والدهشة والاستغراب وكله يخشى على نفسه، لافتاً إلى أن حديث النبي "من رأى منكم منكراً فليغيره"، جعل التغيير باليد مهمة الحكام لأنها لو تركت لكل إنسان أن يأخذ حقه بيده لصارت غابة، أما التغيير باللسان فهذه مهمة العلماء، بينما تغيير المنكر بالقلب فتلك مهمة عامة الناس، حيث يطلبون العون من الله ويسألونه الهداية لا أن يتدخلوا مباشرة ما يعرضهم للأذى.