الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يفضل النازية على الإسلام.. إريك زمور متطرف يسعى لحكم رئاسة قلعة الحريات

المتطرف إريك زمور
المتطرف إريك زمور

أطلق المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية الفرنسية إريك زمور وسط تجمع من مناصريه، تعهده نحو استرداد فرنسا ودعاهم إلى تغيير مجرى التاريخ، وذلك خلال أول تجمع له في منطقة باريس أمام حشد متحمس، ورغم ذلك أدى إطلاق الحملة عدد من المناوشات.

وفي التقرير التالي يستعرض موقع "صدى البلد"، بعض المعلومات عن إريك زمور ومن أين جاء:

 

من هو إريك زمور؟ 

إريك زمور البالغ من العمر 63 عاما، ولد في 31 أغسطس 1958 في مونتروي، وهي مدينة فرنسية تقع شرق العاصمة باريس، وينحدر من عائلة يهودية من الجزائر.

هو كاتب وصحفي سياسي فرنسي، ولد في مونتروي سين سان دوني، عمل مراسلًا لصحيفة لو فيجارو حتى 2009، ومنذ ذلك الوقت كان له عمود في مجلة فيجارو.

 وهو كذلك شخصية تلفزيونية ظهر في عدد من البرامج التلفزيونية في قناة فرانسا 2 بين 2006 و2011، ومن سبتمبر 2011، يشترك مع إريك نولو في استضافة البرنامج الحواري الأسبوعي على قناة باريس بريمر، وهو معروف بآرائه المعارضة لليبرالية ومواقفه الأصولية بالإضافة إلى جدليات كان طرفا فيها في فرنسا.

 

صدر له كتاب الانتحار الفرنسي ، والذي أشار فيه زمور إلى الفرنسيين فقدوا الثقة بمستقبل بلادهم وأن الدولة ضعفت سيطرتها على بعد الأمور مثل القضايا المتعلقة بالمهاجرين.

وفي ديسمبر 2014، أنهت قناة تيلي تعاملها مع إيريك زمور على أثر حوار له نشر في صحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية، والتي جاء فيها أن "للمسلمين قانونهم المدني وهو القرآن، والمسلمون يعيشون منغلقين على أنفسهم في الضواحي، التي أرغم الفرنسيون على مغادرتها". 

 

سأله المحاور عما إذا كان يقترح إذا ترحيل خمسة ملايين مسلم فرنسي، فأجابه إريك زمور بالقول "أعرف طبعا أن هذا الحل ليس واقعيا، لكن من كان يتخيل أن يغادر مليون فرنسي من الأقدام السود الجزائر بعد الاستقلال أو أن يترك ما بين 5 و6 ملايين ألماني أوروبا الوسطى والشرقية حيث كانوا يعيشون منذ قرون"، كذلك قال أن "حالة الشعب داخل الشعب هذه، والمسلمين بين الفرنسيين ستجرنا إلى حرب أهلية".

 

جذور متطرفة مرضية 

وفي سبتمبر 2016، وضمن لقاء في إحدى القنوات التلفزيونية الفرنسية، انتقد وزيرة العدل السابقة رشيدة داتي لإطلاقها اسم عربي على ابنتها، وقال إن تسميتها بزهرة يجعلها "أقل فرنسية" من الآخرين، كونه لا يأتي من قائمة الأسماء الفرنسية المسيحية الرسمية، كما وطالب بإعادة العمل بقانون يحدد أسماء المواليد المسموح بها في فرنسا، والذي ألغي عام 1993 بعد مائتي عام من العمل به، في المقابل وصفت داتي تصريحات إريك زمور "بالمرضية".

 

أول تجمع انتخابي له 

أما أمس طالب المرشح اليميني المتطرف للانتخابات الرئاسية الفرنسية إريك زمور أنصاره بـ"تغيير مجرى التاريخ" والمضي نحو "استرداد" فرنسا، وذلك خلال أول تجمع له في منطقة باريس أمام حشد متحمس.

وأوضح الكاتب المثير للجدل والبالغ 63 عاما: "هناك 15 ألفا منكم اليوم، 15 ألف فرنسي تحدوا الصوابية السياسية وتهديدات اليسار المتطرف وكراهية الإعلام"، فيما لوح أنصاره المتحمسون بالأعلام الفرنسية وهتفوا "زمور رئيسا".

 

وتابع المرشح الذي بنى خطابه منذ شهور على رفض الهجرة والإسلام، أن "الرهان هائل، في حال فزت سيكون ذلك بداية استرداد أجمل بلدان العالم"، وتابع أن "الشعب الفرنسي يعيش هنا منذ ألف عام ويريد أن يظل سيدا في بلده"، وهتف أنصاره "نحن في بلدنا".

وأردف إريك زمور الذي دين مرتين بالتحريض على الكراهية العنصرية "سمعتم أنني فاشي وعنصري وكاره للنساء"، معتبرا أنه شخصية تلاحقها "مجموعة من السياسيين والصحافيين والجهاديين".

 

المرشح الذي اختار لحملته شعار "المستحيل ليس فرنسيا"، وهي عبارة منسوبة إلى نابليون، والذي أطلق حزبه رسميا الأحد وسماه "الاسترداد"، صعد على المنصة على وقع موسيقى احتفالية بعد تأخير لأكثر من ساعة.

 

اشتباكات لأول تجمع 

عند وصول المرشح، حدثت عمليات تدافع كبيرة في قاعة "مركز معارض فيلبينت" في بلدة شعبية تحمل الاسم نفسه شمال باريس.

 

ولفت مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن نشطاء من منظمة "أس أو أس راسيزم" الذين نظموا تظاهرة كان يفترض أن تكون "غير عنيفة"، تعرضوا لهجوم من مشاركين في الاجتماع، وأصيب اثنان منهم على الأقل بجروح دامية.

وقبل دخوله، تم إطلاق صافرات استهجان للصحافيين من برنامج تلفزيوني معروف بنبرته الساخرة اللاذعة، ونقلهم مسؤولو الأمن إلى مكان آمن، وانتشر عناصر أمن على أطراف مكان التجمع، فيما احتج نحو مئة معارض لزمور ضد "العنصرية" و"رهاب المثلية".

مرشح اليمين المتطرف

ونظمت في وقت سابق تظاهرة في باريس ضد مرشح اليمين المتطرف شارك فيها نحو 2200 شخص، وفق الشرطة، و10 آلاف وفق المنظمين (حوالي خمسين نقابة وحزبا ومنظمة).

وكان زمور شخصية إعلامية، قبل أن يعلن الثلاثاء ترشحه للرئاسيات بعد أشهر من التخمين والغموض، مؤكدا رغبته في "إنقاذ فرنسا".

 

تعهدات لجذب أنصاره 

ورفض زمور الأحد أمام أنصاره توصيفه "اليمين المتطرف"، ووعد بإنهاء الهجرة وإلغاء حق لم شمل الأسر واللجوء إلى طرد المهاجرين غير النظاميين وإلغاء المساعدات الاجتماعية والطبية للأجانب غير الأوروبيين، وهي تعهدات ألهبت حماسة الجمهور الحاضر.

إلى ذلك، دعا زمور المسلمين إلى "الاندماج"، وتعهد أن يطرح كل هذه التدابير على "الشعب الفرنسي" للاستفتاء، وقال "بقاؤنا لا يخضع لحسن نية القضاة الأوروبيين". وطروحات زمور حول الهجرة هي أكثر ما يجذب أنصاره.

وقالت المشاركة ماريا، وهي محاسبة متقاعدة تعيش في منطقة باريس، مرتدية معطفا من الفرو، بلكنة بولندية إنها تدعم زمور للوقوف في وجه "الاستبدال العظيم"، النظرية التي سيحل بموجبها الأفارقة والمسلمون محل الشعوب الأوروبية. 

وأضافت المرأة البولندية التي وصلت إلى فرنسا في العشرين من عمرها "لاجئة من بلد شيوعي" وهي "فرنسية بالزواج"، أن "في شارعي، لا يجري الحديث سوى بالعربية، يجب أن نحافظ على تقاليدنا، وألا تطغى عليها الثقافة الإسلامية".

 

أما فرنسوا، وهو كبير المسؤولين الماليين في شركة ناشئة، فقال إن لدى زمور "حبا لفرنسا لا ألمسه لدى المرشحين الآخرين"،وأضاف "لديه قناعات قوية".

وقالت امرأة رفضت كشف هويتها "أرى فرنسا تتفكك منذ سنوات، والأجانب يمنحون أنفسهم الحق في فرض قوانين بلدهم الأصلي، مع إفلات تام من العقاب".

 

حقائق لا تعرفها عن زمور 

مازال يشغل فكر إريك زمور، نجم محطات التلفزيون الشهير اليميني المتشدد والمرشح الرئاسي عدد من القضايا ومعظمها تتعلق بالهجرة والإسلام.

ولكن هناك موضوع آخر تبدو آراؤه حوله غير عادية وليست أقل إثارة للجدل، خاصة كونه يهودي فرنسي، ألا وهو موضوع حكومة فيشي الفرنسية التي تعاونت مع ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

طالما دافع زمور، عن الرواية التي تقلل من ذنب فيليب بيتان، رئيس حكومة فيشي، في عمليات ترحيل اليهود الفرنسيين إلى معسكرات الاعتقال النازية.

ويجادل زمور بأن حكومة فيشي لم تبذل جهودا تذكر بهدف وقف ترحيل اليهود غير الفرنسيين (الوافدون وقتذاك حديثا من أوروبا الشرقية، وكان عددهم كبير جدا)، إلا أن الأمر كان مختلفا فيما يتعلق باليهود الفرنسيين.

 

وفيما يتعلق باليهود الفرنسيين، يقول زمور إن حكومة فيشي كانت تشعر انها مسؤولة قانونيا عنهم، وحيثما أمكنها تفاوضت مع ألمانيا النازية لإبقائهم في فرنسا.

والنتيجة كانت، حسب قوله، هي أنه بينما تم ترحيل 40 في المئة من اليهود غير الفرنسيين وكانت نهاية اغلبهم القتل، فإن نسبة من تم ترحيلهم من اليهود الفرنسيين كانت 10 في المئة فقط.

وقد تم ترحيل معظمهم في العام الأخير من الاحتلال النازي، عندما استولت ألمانيا على الشطر الجنوبي من فرنسا.

ونجا حوالي 75 في المئة من إجمالي اليهود في فرنسا الذين كان يبلغ عددهم 330 ألفا، فرنسيين وغير فرنسيين، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى التي وقعت تحت الاحتلال النازي.

وتم ترحيل حوالي 75 ألف يهودي من فرنسا إلى معسكرات الإعتقال، حوالي 24 ألف منهم كانوا من اليهود الفرنسيين، وقتل جميعهم ولم ينج منهم سوى بضعة آلاف.

إن وصف آراء زمور بأنها مثيرة للجدل هو أقل ما يمكن أن توصف بها، فهي تتناقض مع الرواية التاريخية السائدة وكذلك مع آراء معظم الفرنسيين.

 

ومنذ أن أقر الرئيس جاك شيراك عام 1995 بمسؤولية الدولة الفرنسية في المساهمة بتسريع الهولوكوست، قليلون شككوا في تواطؤ حكومة فيشي في قتل اليهود.

لذلك، بالنسبة لمراقبي المشهد السياسي اليوم، حيث يبدو أن إريك زمور يتجه نحو الترشح للرئاسة ويرجح نيله حوالي 12 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، فإن السؤال الأهم هو: ما الذي يدفعه لاتخاذ هذا الموقف؟.

بالنسبة للغالبية العظمى من الفرنسيين، فإن الجدل حول فيشي قد حسم منذ فترة طويلة، وليس في صالح من يعارض الرواية المعتمدة إثارة ما قامت به حكومة فيشي، فلماذا استحضار تلك الفترة الآن؟.

 

أما الإجابة لها علاقة مباشرة بعقلية زمور كصحفي ومؤرخ ومفكر وليس الجانب السياسي لديه.

قبل كل شيء، من المهم التأكيد أن زمور ليس الوحيد الذي لديه هكذا، قبل سبعينيات القرن الماضي، طرح العديد من المؤرخين فكرة ما يسمى بـ "السيف والدرع" في حديثهم عن فترة الحرب العالمية الثانية في فرنسا، حيث كان الجنرال شارل ديغول بمثابة السيف، يستعد لتحرير فرنسا، وبيتان كان بمثابة الدرع الذي يحمي الناس من أسوأ فترات الاحتلال النازي حسب رأيهم.

 

وتم فضح ودحض هذه النظرية من قبل المؤرخ الأمريكي روبرت باكستون وخبير الهولوكوست الفرنسي سيرج كلارسفيلد، اللذان وجدا أن حكومة فيشي تعاونت على نطاق واسع ونشط في عمليات الترحيل.

 

وجهة نظرهم هي السائدة حاليا، لكن هناك معارضون أيضا، أحدهما هو المؤرخ الفرنسي الإسرائيلي آلان ميشيل، الذي يقول إن زمور محق تماما في تحدي الأرثوذكسية الفكرية الحديثة.

ويقول: "إن انتهاج سياسة معادية للسامية ليس مثل الرغبة في تدمير اليهود"، "وهذا هو الخطأ الأساسي لباكستون وكلارسفيلد، إنهما يعتقدان أنه إذا كنت معاديا للسامية، فأنت قاتل لليهود حتما".

"عليك أن تفصل بين الأمرين، بالطبع كانت حكومة فيشي معادية للسامية، إلا أن ذلك لا يعني أنها أرادت إبادة اليهود".

 

 زمور مثير للجدل 

أحد أسباب إثارة زمور قضية فيشي هو أنه مثير للجدل من حيث المبدأ، إنه ينغمس في الجدل الفكري ويعرف أن أكثر ما يسعده هو تبني الموقف المعارض.

يقول جان سيباستيان فيرجو، من موقع أتلانتيكو الإلكتروني: "يحب زمور أن يكون على حق، يفضل الانتصار في النقاش بدلا من إقناع الناس بالوقوف إلى جانبه، ولهذا السبب فهو ليس رجل سياسة".

لكن زمور على وشك أن يصبح سياسيا أو هكذا جعلنا نصدق، لذلك ربما هناك عبرة ما في إثارته لموضوع فيشي.

 

زمور دونالد ترامب الفرنسي 

بالنسبة للمعلق السياسي بيير هاسكي، الأمر بسيط، فهو يعتقد أن زمور ما هو إلا دونالد ترامب الفرنسي.

ويقول: "لقد تعلم زمور من ترامب أن يكون شخصا مثيراً للغضب وبالتالي احتلال مساحة كبيرة في الفضاء السياسي، يمكنه أن يقول أكثر الأشياء غرابة عن فيشي ولا أحد يهتم إن كانت حقيقة أم خيال، لكن هذا يمنحه فرصة تحديد محاور النقاش".

 

وهناك تفسير آخر وهو أنه ربما من خلال هدم أحد القناعات الراسخة في فرنسا، يريد زمور أن يظهر أنه لا يهمه الإجماع السياسي، وأنه مستعد لاتخاذ خطوات جذرية في المسألة التي تهمه في المقام الأول وهي الهجرة.

 

وليس هناك قناعة راسخة بين الفرنسيين أكبر من مقولة أن ديغول يمثل الخير وبيتان يمثل الشر، وهذا الموقف يروق للكثيرين من اليمين.