الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رحيل عبد الكريم الكابلي |ابن الداعية الإسلامي الذي تحول لأيقونة غناء سودانية

الموسيقار الكبير
الموسيقار الكبير عبد الكريم الكابلي

فقد السودان والوطن العربي أيقونة موسيقية وشعرية كبيرة، لم تترك ركنا أو زاوية في الشعر والغناء إلا وكان لها فيه بصة جعلت منها قيثارة إنه الموسيقار السوداني عبد الكريم الكابلي، الذي رحل عن عالمنا الخميس، بعد معاناة طويلة مع المرض في ولاية ميشيجان الأمريكية، حيث كان يقيم مع عائلته.

نشأته وبداية نبوغه الفني والشعري

ويعتبر عبد الكريم عبد العزيز محمد الكابلي، الذي ولد في مدينة بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر في عام 1932، التي تربى وترعرع بها هو ورفيق دربه الشاعر الكبير حسين بازرعة، من أشهر الفنانين السودانيين، الذين أثروا التراث الفني السوداني وعرف بتعدد مواهبه الفنية في الغناء والشعر والتلحين والبحث في التراث الموسيقي السوداني.

تزوج والد عبد الكريم الكابلي بمدينة القلابات من صفية إبنة الشريف أحمد محمد نور زروق من أشراف مكة الذين هاجروا للمغرب ثم جاءوا للسودان لنشر الدعوة الإسلامية.

ونشأ عبد الكريم الكابلي ما بين مدن بورتسودان وسواكن والقلابات وطوكر وتلقى دراسته بخلوة الشيخ الشريف الهادي والمرحلة الأولية والوسطى بمدينة بورتسودان والمرحلة الثانوية بمدينة أم درمان بكلية التجارة الصغرى (سنتان) وبعد أن تخرج منها التحق بالمصلحة القضائيه بالخرطوم وتعين في وظيفة مفتش إداري بإدارة المحاكم وذلك في العام 1951.

عمل الكابلي بالمصلحة القضائية لمدة 4 سنوات ثم تم نقله إلى مدينة مروي ومكث بها لمدة ثلاث سنوات إلى أن تم نقله مرة أخرى إلى مدينة الخرطوم واستمر بها حتى وصل الى درجة كبير مفتشي إدارة المحاكم في العام 1977، وبعد ذلك هاجر الى المملكة العربية السعودية ليتعاقد مع إحدى المؤسسات السعودية مترجما في مدينة الرياض في العام 1978، ولم تستمر غربته طويلا، حيث عاد الى السودان في العام 1981، ليواصل رحلته الإبداعية مرة أخرى محترفا الغناء ويتربع على قمة الهرم الفني مع عدد من كبار المبدعين السودانيين.

سنوات من الغناء بجلسات الأصدقاء

بدأ الكابلي الغناء في الثامنة عشر من عمره؛ وظل يغني في دائرة جلسات الأصدقاء والأهل لمدة 10 سنوات إلى أن واتته الفرصة الحقيقية نوفمبر عام 1961، عندما تغنى برائعة الشاعر تاج السر الحسن أنشودة "آسيا وإفريقيا" بحضور الرئيس الراحل  جمال عبد الناصر خلال زيارته للخرطوم وفتها.

أكثر ما ميز مسيرة الكابلي، جمعه بين ثلاث مواهب يندر أن تجتمع في فنان، فإضافة إلى حسه الموسيقي المرهف فهو مثقف ومترجم وباحث تراثي من الطراز الرفيع.

ويعد عبد الكريم الكابلي واحدا من أهم عمالقة الفن السوداني، حيث لحن وكتب العديد من الأغنيات لكبار الفنانيين السودانيين، عدا تلك التي كان يكتبها ويلحنها ويغنيها بنفسه.

لم يغن الفنان الراحل باللهجة السودانية المحلية فقط، بل أن العديد من أغانيه كانت بالعربية الفصحى التي ساهمت في نشر أغانيه وذيوع صيته خارج السودان أيضاً.

خاطب عبد الكريم الكابلي في غنائه العديد من جوانب الحياة التي تتصل في خصوصيتها بالسودان وفي عموميتها بالمبادئ الإنسانية الخيرة، تم تعيين الدكتور عبد الكريم الكابلي سفيراً فخرياً من قبل صندوق الأمم المتحدة للسكان.

أعمال عبد الكريم الكابلي التراثية

وللكابلي دراسات في التراث السوداني فقد غاص فيه وخرج بروائع من درره من أغنيات التراث، وله الكثير من الأغنيات التي تربعت علي عرش الأغنيات في السودان منها: "حبيبة عمري" للشاعر الحسين الحسن، و"يا ضنين الوعد" لـ صديق مدثر، "أراك عصي الدمع" لأبي فراس الحمداني، "أكاد لا أصدق"، و"زمان الناس"، و"حبك للناس"، و"آه لو تصدق"، و"شمعة"، و"ماذا يكون حبيبتي"، ومعزوفة لدرويش متجول للشاعر محمد مفتاح الفيتوري، و"قمر دورين"، و"زينة وعاجباني"، و"عقبال بيك نفرح يا زينة"، و"أمطرت لؤلاً" للخليفة يزيد بن معاوية، "ابكيك للذكرى"، و"سكر سكر"، و"شذى الزهر" لمحمود عباس العقاد، و"وسادة يا ملك الكناري" لأحمد بك شوقي.

وقد خلد الكابلي ببعض أغنياته مدنا سودانية منها: "كسلا"، و"مروي"، وغنى عدداً من أغنيات التراث مثال "متين يا علي تكبر تشيل حملي"، و"ما هو الفافنوس"، كما قدم أنشودة "ليلة المولد يا سر الليالي" لـ محمد المهدي المجذوب، وقدم رائعة الشاعر التجاني حاج موسى في عز الليل، التي قدمها بعده النور الجيلاني بلحن مختلف.

عرف عبد الكريم الكابلي بعلمه الغزير بالتراث والفن والأدب، وتميز بأسلوب جذاب في السرد والسيرة، وكان لذلك أن قدم كثيرا من البرامج الثقافية والتراثية في الإذاعة والتلفزيون.

تزوج الكابلي وله عدد من الأبناء والبنات، ومؤخرا هاجر إلى الولايات المتحدة واستقر بها وحصل على الجنسية.