تقول الرزنامة، إن مطلع الشهر الأخير من كل عام، بات ذكرى رحيل أمي، فأقول أنا تباً لدفاتر إحصاء مرات بزوغ الشمس والقمر، فذاك اليوم لم ولن يأتي.
يقول التقويم الشخصي لأسرتي، إن اليوم الذي يلي الثلاثين من نوفمبر هو الثاني من ديسمبر، ويسقط كل من يقول غير ذلك، وإن ما يتوسط هذين اليومين، جسر مخفي، يظهر لكل فرد منا بحسب موعد رحيله، فما إن تسقط حبة جديدة، فترى تلك الحبة، ذلك اليوم، ومن جعله مختلفاً، فيكون يوم عيدٍ لها، وجسراً آخر للباقين.
والحقيقة، أننا في ذلك لا نتمرد على الأقدار، حاشا، وإنما ما ترك لنا هو ما يجعلنا نسير بذلك التقويم، فما تُرك نهر لا ينضب، منهل خير سرمدي، طرق غمرتها قوارير الطيب والعطر، دروب مهدها العطاء والبذل، كهوف أنيرت بالصبر والكفاح والجَلد.
يقف في حلقي سيل من الحديث، كنت قد نويتُ أن أبني عبره جسراً صغيراً اليوم، أرسل من خلاله بعض السلامات إلى أمي، لكنه رفض التراص بشكل منمق، فمفردات العربية الثقيلة لا تسعف للفظة، فكيف أتحدث لمن ملكوا قلوبنا بالبساطة، بشيء من التعقيد، أجدها كلمات غير مجدية في التعبير، وخيانة لبساطة عرفناها، ولا نجد سواها يصلح الآن لمواجهة الأيام، فائذنوا لي أن أرسل سلاماتي بالعامية، فهي الجسر الأنسب لعبور ذلك اليوم المختلف.
ملوكة..
سلميلنا على بحة صوتك وهي بتقولنا "عايلة همكم"، سلميلنا على كل بق شاي من إيديك معرفناش نشرب بعديه، سلميلنا ع اللحاف اللي صحيتي في نص الليل تغطي جسمنا العريان بيه، سلميلناعلى فرحتك يوم فرحي وجسمك العجوز اللي رقص، سلميلناع المشاوير الطويلة اللي المشي معاكي قصرها، سلميلناعلى ليالي برد حضنك كان حطب نارها.
سلميلناعلى كل لقمة طلعتيها من بقك عشان تشبعنا، على كل كلمة صح طلعت منك اللي اتقالتله ماكانش عاجبه سماعها، على ناس نضفتيها عشان نطلع إحنا نضاف، سلميلناعلى عينيكي اللي ماكانتش بتنام غير لما نرجع، على أول صفحة جورنال رفعتيها وجنب منها علامة نصر عشان عليها اسمي، على حكايات زمان اللي بتوجع بس انتي حكتيها وإنتي بتبتسمي.
وأنا عليا هسلملك جداً على ملك، بس متنسيش في الآخر تسلميلي على اسم أبويا اللي قعدتي سنين تنادي عليا بيه، بوسيلي أبويا أوي، وسلميلي عليه.