الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: الشرع الإسلامي جعل إعمار الكون أمرا واجبا وضروريا

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ، إن الشرع الإسلامي جعل إعمار الكون أمراً واجباً وضرورياً على الإنسان ديناً ودنيا، وهذا الإعمار عام يشمل كل الوجود والمخلوقات، ولم يفرض الشرع على الإنسان أسلوباً أو كيفية محددة يتبعها في عملية التنمية والإعمار، بل وسع عليه في ذلك، وطلب منه الاجتهاد في تحصيل كل طريق يحقق له المصلحة والسعادة في حياته، ورسم له منهاجاً عاماً وضع فيه منارات تهديه وترشده إلى المصالح الحقيقية التي تصل به إلى السعادة، وذلك ببيانه المقاصد والأهداف من وراء إعمار البيئة من حولنا، مما جعل خطوات الإنسان في بنائه إيجابية في جوهرها لا هدَّامة أو مُطَفِّفَةً، وجعلها لا تُخِلُّ بالعلاقات المُقَدَّرَةِ المحكمةِ بين عناصر الوجود.

وأضاف “جمعة” عبر “فيسبوك”: إعمار الأرض الذي كُلِّفَ الإنسانُ به يقوم على شقين: المنهج، والبناء. والإهمال لأي من الشقين يعتبر إفسادا، فإهمال البناء والتنمية يعد خللاً في القيام بوظيفة الخلافة، وكذلك إهمال تحصيل المنهج السوي القائم على الالتزام الخلقي والفضيلة يُفَوِّتُ الفرصةَ في جَعْلِ البناءَ حضارياً يُحَقِّقُ للإنسان السعادة، رابعا: المحافظة والمحبة.

وأوضح أن الإسلام تعامل مع الطبيعة والكون من منطلق الحب والاحترام، وهو مستوى رفيع يزيد على مستوى المحافظة والتنمية، فالإسلام وَجَّهَ الإنسان إلى إنشاء علاقة بينه وبين الجماد فيها مشاركة وحنين وشوق، فالكون في المنظور الإسلامي طائع لله يسبح ويسجد، يحب المطيعين ويبكي رحيلهم عن الدنيا ويبغض العاصين الكافرين ولا يبالي بزوالهم وهلاكهم، وذلك لأن المطيعين متناغمون متشاركون معه في أداء السجود والتسبيح، أما الآخرون فهم معاندون متنافرون مع كل ما يحيط بهم.

وتابع: ونحن نرى الرسول، صلى الله عليه وسلم، حينما خرج من مكة للهجرة عَبَّرَ عن حبه وتعلقه بالأرض التي نشأ فيها وتربى، حيث وقف عَلَى الْحَزْوَرَةِ- موضع بمكة- وقال: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلاَ أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ». (أخرجه الترمذي).


فالنبي، صلى الله عليه وسلم، أحب الأرض «الجماد» لفضلها وكرامتها عند الله وعنده، حيث شَرُفَتْ بأن كان فيها أول بيت وضع للناس، ولكن الرسول في ذات الحين أبغض الإنسان لفعله الجحود والكفر والجهل والفساد والإعراض. وتلك المحاور الأربعة تكوِّن رؤية حضارية شاملة تميز بها الإسلام في بيانه لمفهوم البيئة، فقدم رؤية متكاملة للكون تدعو الإنسان إلى المحافظة عليه وحسن الانتفاع بما فيه من موارد.