الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اسأل روحك !

نهال علام
نهال علام

وبدأت نهاية العام، اليوم الأول في الشهر الأخير من عام طويل كان للبعض مرهقاً ولآخرين حزيناً، وثُلة قليلة كانوا من الناجين دون فقد أو مرض أو اشتياق وحنين.

وما الجديد! أليست تلك سنة الحياة! عام يعقبه عام، فرح وترح ، غياب ولقاء، فقد وافتقاد كل هؤلاء أبطال لياليه ونهاراته! ومهما كانت مهاراتك فلن تستطيع أن تجابه مهاترات الحياة وتمضي قُدماً دون تأثُر وكفاك الله شر التَغيُر !

فالتغيير سنة الحياة والتغيُر فريضة على أصحاب الحياة، بالسلب أو الايجاب كلاهما سواء، فهذا يعنى أنك ستصبح كما لم تُمسِ، ربما للأفضل ولكن كُل مِنا يشتاق إلى أمسِه أو بعض نفسِه، وجوه رأيناها، أرواح ألفناها لحظات عشناها دمعات ذرفناها وضحكات أنستنا الآهات وابتسامات لن تفارق الذكريات.

ولكن هيهات فالذاكرة الإنسانية لها آلية انتقائية تبحث عن المواقف الجلية تنقشها على جدران الماضي الذي لا سبيل للهروب منه إلا إليه.

فالبداية الوحيدة التي نحظى بها هي لحظة خروجنا من بطون إمهاتنا، أما كل ما هو آت مجرد بدايات لنهايات تعتمد على حسابات ما قدمته في تلك الفترات، فالأمر أشبه بحياتك الدراسية عندما تنتهي رحلتك المدرسية لتبدأ المرحلة الجامعية المرهونة بنتائجك في تلك المرحلة التعليمية، تتحدد حياتك واختياراتك وأحياناً مستقبلك وعلاقاتك على تلك البداية المبنية على ما سبقها من نهاية وذلك لُب الحكاية!

نَختار أو نُختار!تلك أحد الأسرار التي حيرت البشرية، وجعلت بعض القرارت المصيرية أشبه بالحقن الوريدية، وربما تلك الحيرة هي ما تجعل التعامل مع بعض تعقيدات الحياة أقل إيلاماً وتقبل تقلباتها أكثر احتمالاً.

فتلك آفة مرور الأعوام، فالعام بضع أيام وقودها الصبر، والكُل يبحث عن الجَبر الذي سيلقاه جزاءً على ذلك، ولكن هل نحن صابرون وإذا كنا كذلك فهل نحن راضون وإذ رضخنا فهل نحن مقتنعون وهل تلك القناعة استطاعت أن تجلب لنا السعادة؟ أجب عن السابق لتمضي نحو القادم بقلب وإن خذله الزمان سينصفه الاطمئنان! بأنه في لحظة ما في يومٍ ما في زمنٍ ما ستنتهي كل الأحزان، وسترفع رايات النسيان لكل ما أنهك سنواتك دون أن يكون في زمرة حساباتك.

ديسمبر شهر الكريسماس والأمنيات المُعلقة بحبل الخرافات حول رقبة حيوان الرّنة وهو ينقل بابا نويل مرتدياً الزلاجات، صورة بديعة وإن رآها البعض بدعة! فما أجمل أن ينتهي العام بفكرة أن هناك من يجمع الأمنيات ويلبي الطلبات فتلك الفكرة من أطيب المسكنات، تضمن انتقالاً آمناً لسلطة السنوات، وبأن ما سقط سهواً هذا العام والذي يسبقه وما سبقه من الأعوام ستجده حتماً مهما كانت المستحيلات.

ولكن هل تعرِف عن ماذا تبحث؟ أم أنك تهدِر عمرك وأنت تعبث؟ تشكي وتتوسل وأنت لا تعلم ماذا تنتظر؟ هل أنت واثق من أمنياتك ووثيق من دعواتك؟ هل هذا ما ترجوه وذلك ما تأمله!

أيام تفصلنا عن عام جديد لا نتمنى من الله إلا أن يكون هادئاً وسعيدًا، أو في أقل تقدير محتمل وأقل حزناً وأكثر تعقُلاً، ولأننا لا نملك إلا الدعوات وبعض أمنيات وحفنة معطيات، حول مقدار السعى والجد والجهد المبذول وبداخل كل منا يقبع قاضٍ وجلاد أسألهما ستحصل على الإجابات وذلك ما يساعدك على تحديد حقيقة وهوية الرغبات!

فإذا كان القادم مجهولاً فالماضي معروف، لذا ابحث عن ذاتك تأملها قبل أن تتأمل الحياة، حاسبها قبل أن تحاسب القدر، وواجهها قبل أن تواجه الغد، لا تجعل العام يمضي ويأخذ بعض نفسك دون أن تدري عنها شيئًا، أسأل روحك عمّا يُسعد روحِك لا تنتظر المعجزات لتُسعدها وأنت عاجز عن تطبيق البديهيات، رتب الأولويات لتنظم الأمنيات واعتمد على ما بين يديك لتسعَد روحَك بما تتمناه لروحَك، فأنت على عتبة بداية وإن كانت رمزية لكن عقلك وحده قادر أن يجعلها حقيقية!