بدأت أمس، الاثنين، الجولة السابعة من المحادثات الإيرانية الأوروبية الأمريكية حول الاتفاق النووي في العاصمة النمساوية فيينا، وذلك بعد انقطاع دام 5 أشهر، في ظل حالة من القلق السائد لدى الدول المشاركة تخوفا من عدم استجابة إيران ومواصلتها حالة التعنت، ومن ناحية أخرى تخشى طهران من عدم الاستجابة إلى مطالبها كما حدث في الجولات التفاوضية السابقة، ما يشكل تهديدا بشأن العودة إلى الاتفاق النووي من جديد.
ومن ناحية أخرى، تراقب دولة الاحتلال، إسرائيل، المفاوضات بقلق بالغ من التوصل إلى تقارب لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي تراه عاجزا أمام وقف إيران عن استكمال مشاريعها الصاروخية وخطورتها على المنطقة.
أهداف إيران
أعلن وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن هدف إيران من مفاوضات فيينا هو رفع جميع العقوبات التي فرضتها أمريكا بعد انسحابها، من الاتفاق النووي قبل سنوات ثلاث، موضحا أن “ما يهم طهران في أي اتفاق هو تقديم ضمانات حتى لا تكرر واشنطن انسحابها، بعد أن أثبتنا جديتنا وحسن نيتنا ولدينا الإرادة اللازمة للتوصل إلى اتفاق جيد في فيينا”.
وشدد على أن نافذة التفاوض لن تبقى مفتوحة للأبد وعلى واشنطن والغرب معرفة ذلك، قائلا: "لن تهمنا عودة أمريكا المحتملة إلى الاتفاق النووي ما لم يتم توفير ضمانات أمريكية بأن شركاء إيران الاقتصاديين يمكنهم الدخول في تعامل اقتصادي معنا".
واعتبر أن مواصلة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن اتباع سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب تطرح تساؤلات حول وفائها بالتزاماتها في الاتفاق، مؤكدا أن إيران تدخل المفاوضات بحسن نية للتوصل إلى اتفاق جيد، لكنها لن تقبل مطالب خارجة عن نطاق الاتفاق النووي ولن تدخل في مفاوضات بشأن قضايا خارج الاتفاق.
موقف إسرائيل
في بيان قدمته إسرائيل إلى الدول المشاركة في المفاوضات مع إيران، أمس، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أن إيران تشارك في محادثات فيينا بهدف رفع العقوبات عنها فقط، وأنها تسعى لإنهاء العقوبات مقابل لا شيء تقريبا والحفاظ على برنامجها النووي سليما بينما تتلقى مئات المليارات من الدولارات بمجرد رفع العقوبات.
وطالب بينيت الدول المشاركة في محادثات فيينا بعدم الاستسلام لـ "ابتزاز إيران".
تعديل الاتفاق
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، وخبير العلاقات الدولية، إن المفاوضات في فيينا لن يحدث بها أي تقدم، وربما تكون خطوة مهمة، ولكن لا توجد بالأساس مقاربة حقيقية بين الطرفين، وحتى الآن تتحدث أمريكا عن خطط لتطوير الاتفاق النووي، وتعديله في 3 ملفات، وهو الملف النووي، وملف البرنامج الصاروخي، والممارسات الإيرانية الإسرائيلية، وغيره من رفع العقوبات الاقتصادية على إيران.
ضربة عسكرية
وأضاف فهمي، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن هناك حماسا من جانب إيران لرفع العقوبات من عليها، وهو الأمر الذي سيأخذ بعض الوقت ولن يكون سهلا بطبيعة الحال، ومن ناحية أخرى تقف إسرائيل موقف الدول الداعمة لعمل عسكري واللجوء للخطة البديلة، إذا فشلت المفاوضات، موضحا أن إسرائيل لديها النوايا الفعلية لهذا الأمر، وحذرت الإدارة الأمريكية، من مسرحية المفاوضات لأن إيران ليس لديها رؤية للتفاوض.
وأوضح فهمي أن المفاوضات ستستمر لفترة، في ظل غياب سقف زمني، ولكن فشلها لا يعني الذهاب لعمل عسكري أمريكي، لأن الولايات المتحدة، لديها الخطة البديلة وخطة العمل المشتركة، بجانب فريق المفاوضين، وعلى رأسهم روبرت مالي، المستشار الروسي الأمريكي، لشئون إيران، وهو واحد من صانعي الاتفاق النووي السابق ويؤيد عدم عسكرة الأزمة.
مصير الأزمة
واختتم: "إسرائيل هي التي ستقرر المشهد الإيراني الأمريكي، خلال الفترة المقبلة، وستذهب لعمل عسكري، وليس مجرد أعمال تخريبية، كما كان في السابق مثل الهجوم السيبراني على المفاعلات النووية الإيرانية، أو تصفية العلماء، ولكن الأمر أكبر وأعمق من هذا بكثير، وإسرائيل ستذهب إلى ضربة عسكرية إذا فشلت المفاوضات، وهناك تفاهمات إسرائيلية أمريكية في هذا السياق، وبالتالي لن يكون هناك تحفظات أمريكية كما يتصور البعض".