الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أين رأس الحسين وهل موجود في مصر؟ المفتي السابق يحسم الجدل

رأس الحسين رضي الله
رأس الحسين رضي الله عنه

هل رأس الحسين موجود بمصر ؟ تعددت الآراء حول المكان الذي دفن فيه رأس الحسين ما بين بلاد الحجاز والعراق والشام وبيت المقدس ومصر، وتأرجحت بين المدينة وكربلاء والرقة ودمشق وعسقلان والقاهرة، إلا أن المصريين تفردوا بإحياء تلك الذكرى كل عام فى الأسبوع الأخير من شهر ربيع الثانى.

 

حقيقة وجود رأس الحسين بمصر

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المؤرخين، وكُتَّاب السيرة -سوى المتمسلفة- أجمعوا على أنَّ جسد الحسين رضى الله عنه دفن مكان مقتله في كربلاء، أمَّا الرأس الشريف فقد طافوا به حتَّى استقر بـ (عسقلان) الميناء الفلسطيني، على البحر الأبيض، قريبًا من مواني مصر وبيت المقدس.

 

وأضاف جمعة في تصريح له: وقد أيَّد وجود الرأس الشريف بـ (عسقلان)، ونقله منها إلى مصر جمهور كبير من المؤرخين والرواد، منهم: ابن مُيَسَّرٍ، والْقَلْقَشَنْدِي، وعليّ ابن أبي بكر الشهير بالسايح الهروي، وابن إياس، وسبط ابن الجوزي، وممن ذهب إلى دفن الرأس الشريف بمشهد القاهرة المؤرِّخ العظيم (عثمان مدوخ)؛ إذ قال: إن الرأس الشريف له ثلاثة مشاهد تزار: مشهد بدمشق دفن به الرأس أولًا، ثمَّ مشهد بعسقلان بلد على البحر الأبيض، نقل إليه الرأس من دمشق، ثمَّ نقل إلى المشهد القاهري لمصر بين خان الخليلي والجامع الأزهر، ويقول المَقْرِيزِيُّ: إنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نقلت من عسقلان إلى القاهرة في 8 جمادى الآخرة عام 548هـ، وبقيت عامًا مدفونة في قصر الزمرد حتى أنشئت له خصيصًا قبة هي المشهد الحالي، وكان ذلك عام 549هـ.

 

وأضاف المفتي السابق:  شهادة الدكتور الحسيني هاشم: يقول فضيلة الشيخ الحسيني هاشم، وكيل الأزهر وأمين عام مجمع البحوث -رحمه الله- تعليقًا على ما دَسَّهُ النَّسَّاخون على كتاب الإمام السيوطي «حقيقة السنة والبدعة» ما ملخصه: وقد أَكَّدَ استقرار الرأس بمصر أكبر عدد من المؤرخين، منهم: ابن إياس في كتابه، والْقَلْقَشَنْدِي في «صبح الأعشى»، والمقريزي الذي عقد فصلًا في خططه المسمى «المواعظ والاعتبار» ص427، وص428، وص430 يؤكد رواية (ابن مُيَسَّرٍ) أن الأفضل بن أمير الجيوش بدر الجمالي، هو الذي حمل الرأس الشريف على صدره من عسقلان، وسعى به ماشيًا حيث وصل مصر يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة 548 هجرية، وحلت الرأس في مثواها الحالي من القصر يوم الثلاثاء 10 من جمادى الآخرة سنة 548 هجرية عند قُبَّةِ باب الديلم، حيث الضريح المعروف الآن بمسجده المبارك، وكذا السَّخَاوِي -رحمه الله- قد أثبت رواية نقل رأس الحسين إلى مصر.

 

وواصل: الرأي الرسمي لمصلحة الآثار:تقول الأستاذة (عطيات الشطوي) المفتِّشة الأثرية الثقة، والمشرِفة المقيمة على تجديد القبة الشريفة في عصرنا تؤكد وثائق هيئة الآثار أنَّ رأس الحسين رضى الله عنه نُقِلَ من عسقلان إلى القاهرة -كما يقول المقريزي- في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمئة، الموافق (31 أغسطس سنة 1153م)، وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها، وحضر في القصر يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الآخرة المذكور (الموافق 2 سبتمبر 1153م).

 

 

ويضيف المقريزي: فقدم بـه (الرأس) الأستاذ مكنون في عشارى من عشاريات الخدم، وأنزل به إلى الكافوري (حديقة)، ثم حمل في السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفن في قبة الديلم بباب دهليز الخدمة (المقر الحالي)، وفي العصر الأيوبي أنشأ أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السكري المعروف بالزرزور، منارة على باب المشهد سنة 634هـ (1236م)، وهي منارة مليئة بالزخارف الجصية والنقوش البديعة، وهي تعلو الباب الأخضر، وقد تَهَدَّمَ معظمها، ولم يبقَ منها إلا القاعدة المربعة، وعليها لوحتان تأسيسيتان (وقد جددت وهي موجودة الآن).

 

وتابع: وقد احترق هذا المشهد في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة 640هـ، وقد قام بترميمه بعد هذا الحريق القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني، ووسَّعَهُ وألحق به ساقية وميضأة، ووقف عليه أراضي خارج الحسينية قرب الخندق، (ويقول بعض بَحَّاثَة المؤرخين: إن الذي أحرق المشهد هم اليهود بمصر) واستمرت عمليات التوسع والإضافة حتَّى جاء الأمير (كَتْخُدَا)، فقام بإصلاحات كثيرة؛ ففي سنة 1175هـ أعاد بناء المسجد، وعمل به صهريجًا وحنفية بفسحة، وأضاف إليه إيوانين، كما رتَّب للقائمين عليه مرتبات كثيرة ظلَّ معمولًا بها حتى سنة 1206هـ.

وأشار إلى أنه لمَّا قدم إلى مصر السلطان عبد العزيز سنة 1279هـ، وزار المقام الحسيني الشريف، أمر الخديوي إسماعيلَ بعمارته وتشييده على أَتَمِّ شكل وأحسن نظام، وقد استغرقت هذه العملية عشر سنوات؛ إذ تمت سنة 1290هـ، أمَّا المنارة التي في جنوب غربيِّ المسجد فقد تمت سنة 1295هـ، وهي غير المنارة الأيوبية التي في جنوب شرقي المسجد.


نقل في أواخر «بحر الأنساب» ما ملخصه -بتصرف- أن العلَّامة الشبراوي (شيخ الأزهر لوقته) ألَّف كتابًا أسماه «الإتحاف» أثبت فيه وجود الرأس بمقره المعروف بالقاهرة يقينًا، وذكر أن مِمَّنْ أثبتوا ذلك السَّادة الأعلام:
(1) الإمام المحدث الحافظ زَكِيُّ الدِّينِ الْمُنْذِرِيُّ. (2) الإمام المحدث الحافظ ابن دِحْيَةَ.
(3) الإمام المحدث الحافظ نَجْمُ الدِّينِ الغيطي. (4) الإمام مَجْدُ الدِّينِ بْنِ عُثْمَانَ.
(5) الإمام مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ. (6) القاضي مُحْيِي الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الظَّاهِرِ.
(7) القاضي عبد الرحيم.  كما أكد هذا الشيخ عبد الله الرِّفَاعِيُّ المَخْزُومِيُّ في مؤلَّفِهِ.
(9) والشيخ ابن النَّحْوِيِّ في مؤلَّفِهِ. (10) والشيخ القُرَشِيُّ في مُؤَلَّفِهِ.
(11) والشيخ الشبلنجي في مُؤَلَّفِهِ. (12) والشيخ حَسَنُ الْعَدَوِيُّ في مُؤَلَّفِهِ.
(13) والشيخ الشَّعْرَانِيُّ في أكثر من مَؤَلَّفٍ. (14) والشيخ المُنَاوِيُّ في مَؤَلَّفَهِ.
(15) والشيخ الصَّبَّانُ في مُؤَلَّفِهِ. (16) والشيخ الأُجْهُورِيُّ في مُؤَلَّفِهِ.
(17) كما أكَّده الشيخ أبو المَوَاهِبِ التُّونُسِيُّ. (18) الشيخ أبو الحسن التَّمَّارُ.
(19) الشيخ شَمْسُ الدِّينِ البَكْرِيُّ. (20) الشيخ كريم الدِّينِ الخَلْوَتِيُّ.
وجماهير الصوفية على اختلاف المراتب والأسماء والمشارب والأوطان، مِمَّا يرفع الحكم إلى درجة التواتر؛ لعدم التسليم بتواطؤ كل هؤلاء على الكذب، أو على الجهل والغفلة والتعصب، بالإضافة إلى كبار المؤرخين الذين أسلفنا ذكرهم.

 

وأكد الدكتور علي جمعة، أن الإجماع على أنَّ الرأس الطاهر وصل إلى القاهرة من عسقلان في (يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة خمسمئة وتسع وأربعين) فحمله الأمير (سيف المملكة مكين)، والقاضي (ابن مسكين) إلى السرداب الخليفي العظيم بقصر الزمرد، فحُفِظَ مؤقتًا بالسرداب من عاشر جمادى الآخرة في خلافة (الفائز الفاطمي) على يد وزيره (الصالح طلائع بن رزيك)، حتى بُنِيَ القبر الحالي والقبة عند باب الديلم، الواقع وقتئذ في الجنوب الشرقي من القصر الكبير، والمعروف الآن بالباب الأخضر، فحمل الرأس الشريف من السرداب العظيم إلى هذا القبر، ودفن به في الثلاثاء الأخير من ربيع الآخر على المشهور من العام التالي، وهو موعد الذكرى السنوية الكبرى بمصر للإمام الحسين رضى الله عنه.

 

أين رأس الحسين ؟

حسم الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، الجدل الدائر حول مكان رأس الحسين بن علي -رضي الله عن-، هل في مصر أم دمشق، مؤكدًا أن رأس الحسين في مصر داخل الضريح الموجود فى منطقة الأزهر.


وأوضح «عاشور» خلال لقائه ببرنامج «فتاوى الناس» المذاع على فضائية «الناس»، أن ما يتردد حول وجود رأس الإمام الحسين بالعراق بجوار الجسد كلام غير صحيح؛ مشيرًا إلى أن المؤرخين الذين أرخوا لتلك الفترة أكدوا وجود الرأس في مصر، وأقيم المسجد حول الضريح بحيث يكون المشهد بالداخل.



الشخص الذي كشف عن رأس الحسين

وأشار إلى أن الشيخ الراحل محمد إبراهيم زكي كان حاضرًا مراسم مجيء رأس الحسين من عسقلان إلى مصر، وشاهد عيان، وألف في ذلك كتابًا اسمه «مراقد آل البيت».

 

احتفال خاص
ويرجع احتفال المصريين في الأسبوع الأخير من ربيع الآخر، إلى ذكرى استقرار رأس الحسين في مسجده الحالي بالقاهرة، بعد وصوله من عسقلان في العهد الفاطمي، وتحديداً فى عام 548 من الهجرة، وهو احتفال لا يقوم به أي مسلم غير المصريين، لأنه "مولد" خاص بهم، فيقول عنه بعض الصوفية إنه «ذكرى ميلاد المصريين بوجود الحسين بينهم».



كيف وصل رأس الحسين إلى مصر ؟

وتعود رحلة نقل رأس "الحسين" بمصر إلى قصة طويلة، عندما تزينت مصر وتجملت وأضيئت المصابيح شوقًا لحضور رأس "الحسين" حفيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكان ذلك مع منتصف العام الثامن والأربعين بعد المائة الخامسة من الهجرة.

ويحكى أن الوزير الفاطمى الصالح طلائع خاف من الصليبيين أن ينتهكوا حرمة قبر رأس "الحسين" بعسقلان، والذي استقر به بعد قرابة نصف قرن من موقعة كربلاء، عام 61 هجريًا، حيث طاف قتلة الحسين "رضي الله عنه" برأسه الشريف على أسنة الرماح.

وذهب به "شمر بن ذى الجوشن" إلى يزيد بن معاوية في الشام، لينال مكافأته بولاية إحدى المدن الإسلامية، فأمعن يزيد في فعلته الشنعاء وعلق الرأس على أبواب منازل المشتركين في المعركة بدمشق ليرهب الناس.

ووجد الرأس بخزائن السلام بدمشق بعد وفاة يزيد، وذلك بعد الطوفان بها المدن الإسلامية لتستقر بعسقلان، ودفن هناك في تلك المدينة الساحلية بفلسطين، حتى يكون بعيدا عن مناصريه، فاستقر هناك قرابة الخمسة قرون، حتى اشتد وطيس الحملات الصليبية على فلسطين، فخاف الصالح طلائع فأوعز النصح للخليفة الفائز، وأجزل في نصحه له بالتفاوض مع بلدوين الثالث قائد الحملة الصليبية على عسقلان بدفع مبلغ مالى كبير مقابل الحصول على رأس الحسين وإعادة دفنها بمصر.

وبعد عدة جولات، اتفق ابن طلائع على أن يدفع الفاطميون ثلاثين ألف قطعة ذهب (دينار) مقابل الرأس الشريف، وذهب الأمير الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الدين الجمالى، فوقف على القبر حتى استقر عند الرأس الشريف فحمله على صدره من عسقلان في يوم الأحد الثامن من جماد الآخر، ليصل يوم الثلاثاء العاشر من نفس الشهر الموافق العام 548 الموافق يوم 31 أغسطس عام 1153 ميلاديا، وسار به في موكب مهيب، وفى اليوم المشهود خرج السلطان الفائز بصحبة الصالح طلائع لاستقبال الرأس الشريف عند مدخل مدينة الصالحية، وإجلالا لشرف الاستقبال قام المصريون بخلع نعالهم حتى لم يكن بينهم من كان مرتديا نعله، وذلك زيادة في إجلال وتقديس الرأس.

وعلى الفور جرت مراسم التسليم الشريفة عند حدود الصالحية ليحمله الموكب السلطانى ويوضع في كيس من الحرير الأخضر ويحمل على كرسى من الأبانوس وبسير ويسير خلفه كل من فيه الروح بأرض مصر فرحين مهللين مكبرين من الصالحية وحتى بوابة مسجد طلائع الذي كان تحت الإنشاء، حيث تم بناؤه خصيصًا ليدفن به رأس الحسين "رضي الله عنه".

وسادت احتفالات المصريين بقدوم الرأس أياما وليالى حتى استقر بمسجد طلائع في كيسها الحريرى الأخضر الذي بناه، حيث أمر ابن طلائع ببناء المسجد خارج القاهرة وفى الجهة الشرقية المقابلة لباب زويلة وكأن المسجد قد بنى ليرقد به الرأس ناظرا على بوابة القاهرة القديمة، وأخيرا يدخل من بوابة المسجد إلى ساحته فبوضع على لوح من خشب معطرة بالمسك وأطيب العطور الزكية، وما زالت تلك الخشبة موجودة أعلى واجهة المسجد من الداخل، ويعرفها جيدًا أهالي الدرب الأحمر بالقاهرة بمغسلة سيدنا الحسين، ولكن بيت الحكم الفاطمى بمصر لم يرض أن يدفن الرأس الحسيني بعيدًا عن مقر الحكم حتى استقر الأمر بأن يغسل الرأس في مسجد طلائع ويدفن في قصر الزمرد.



دماء الحسين
يحكى أن قطرات الدماء الموجودة عند الباب الأخضر والمنسوبة لسيدنا الحسين، ترجع إلى أن حاكم عسقلان ورسل الخليفة الفاطمى، حينما حفروا لاستخراج الرأس من مرقده، ووجدوا دماءه لم تجف رغم أنه مر على دفنه بعسقلان قرابة 500 سنة.

وبعد الاتفاق بين طرفى الحكم بمصر تم الحفر بقصر الزمرد، أسفل قبة الديلم أسفل دهليز باب الخدمة بقصر الزمرد عند الباب الأخضر والمعروف حاليًا بـ"المئذنة القديمة لمسجد الحسين"، وذلك لإتمام إجراءات نقل الرأس بعد مكوثها بمسجد طلائع، حيث تم وضع رأس سيدنا الحسين في الكيس الحريرى، ووضع على كرسى من الأبانوس، وكان ذلك عام 549 هجريا، ليصبح ذلك اليوم احتفالا لدى شعب مصر، معروفا عند الجميع بمولد سيدنا الحسين.

وتحول مقر الحكم الفاطمى من قصر الزمرد إلى مسجد سيدنا الحسين، وقد سمي الباب الأخضر نسبة إلى حرير الأخضر الذي يكسو الرأس الشريف، ويوجد بأسفل المئذنة شباك من الطوب المسدود وكأنه كان على شكل طاقة رؤيا من تلك التي كانت معروفة قديمًا في العمارة الإسلامية.

وتم سد الطاقة بعد التجديدات والتوسعات الأخيرة للمسجد عام 1965، حيث كان الشباك يطل مباشرة على سرداب الدفن الذي يحوى الرأس الشريف في حجرة يتوسطها الطست الذهبى.

وهذه الطاقة عليها قطرات دماء الحسين -حسبما يقال- وقد وضع عليها زجاج به ثقوب حتى تتيح للزائر أن يشم رائحة هذه الدماء، التي توصف بأنها تفوح بالعطر! لكن هذه الغرفة الخلفية لا تفتح إلا بالمناسبات ويكتفي فقط بفتح حجرة الدفن.