بأبيات ومربعات ارتجالية يقضى صبرى سعيد أبوالوفا " صرماتى أحذية"، وقته على رصيف جانبى بوسط مدينة قوص جنوب قنا ، مستقبلاً زبائنه الذين يقصدونه يومياً لإصلاح وتعديل أحذيتهم القديمة ، والاستمتاع بما يلقيه عليهم من أشعار خلال فترة الإصلاح التى قد تستغرق وقت طويل لبعض الأحذية الثمينة.
صبرى أبوالوفا ، الذى ارتبط بالرصيف منذ 15 عاماً أصبح علامة مميزة على الرصيف يقصده أهالى المنطقة، ليس لتصليح أحذيتهم فحسب ، لكن أيضاً للاستمتاع بما يردده على مسامعهم من شعر ارتجالى ، بابتسامة صافية تملأ وجهه طوال فترة عمله.
" لقمة عيش حلال" جملة يرددها دائماً مع نفسه أو مع الزبائن، للتهوين من قسوة المهنة وصعوبات الحياة اليومية التى يواجهها لتدبير احتياجات أسرته ، وتخفف عنه متاعب نظرة الناس للحرفة التى قد تصل لحد التنمر، لكنه يتحمل كونها تغنيه عن سؤال الآخرين.
"صرماتى" الاسم الأنسب الأفضل لحرفة اصلاح الأحذية ، كما يحب أن ينادى بين أصحاب الحرف دن خجل ، معتبراً أن " صرماتى" لفظ مصرى قديم متداول بين الناس منذ عقود طويلة، بجانب مصطلحات أخرى مثل " جزمجى أو منقل أو اسكافى ".
قال صبرى أبوالوفا ، عمرى الآن 36 عاماً قضيت منها 16 عاماً على الرصيف بهذه المنطقة التى اعتدت عليها منذ أن قررت أن أعمل بهذه الحرفة ، وهو ما خلق حالة من التعايش أو " العشرة" مع أهالى المنطقة، نتسامر ع بعضنا خلال أوقات الفراغ و يرشحوننى لمن يرغبون فى إصلاح أحذيتهم ، لمعرفتهم بقدرتى على الابتكار فى الإصلاح.
و تابع أبوالوفا ، أبدأ عملى من الصباح الباكر و استمر حتى الساعة الثالثة عصراً أو حسب ظروف الإقبال و بعدها اتجه إلى نهر النيل لاصطياد كمية من الأسماك ، توفر لى و لأسرتى وجبة غذاء متكاملة، خاصة و أننى أجيد الكثير من الأعمال الأخرى التى عملت بها قبل أن أعمل " صرماتى" لكننى تركتها جميعاً و قررت أن استمر فى هذه الحرفة التى وجدت نفسى فيها.
و أضاف الصرماتى ، الحياة لا تخلوا من المتاعب و مهنتى تعانى بشدة من التنمر ، لكن الشغل مش عيب ولا عار، فالعار الحقيقى هو أن يمد الإنسان يده للآخرين و يطلب منهم مساعدة أو إعانة وهو قادر على العمل، وفى النهاية العمل والرزق قدر من عند الله، وحرفتى هذه عمل بها الكثير من الصالحين ولا أخجل منها فقد أتقنتها و أصبحت مميزاً فيها لدرجة أن ما أخيطه بيدى ينافس شغل المصانع.
و أشار أبوالوفا، إلى أن الحرفة كانت تعانى بشدة من شبح الإندثار ، لكن ارتفاع أسعار الأحذية فى الفترة الأخيرة ساهم فى إحيائها و إقبال الأهالى على إصلاح أحذيتهم بدلاً من شراء جديد يؤثر على ميزانية الأسر، كما أن الأحذية التى يتم تصليحها ليست كلها قديمة أو متهالكة، فبعض الأحذية تكون جديدة و سعرها مرتفع لكن يرغب أصحابها فى الحفاظ عليها من خلال خيوط متينة و مميزة.