الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خريجو الأزهر في الصومال لـ صدى البلد: نتعاطى مع الأسباب الحقيقية التي تقف وراء التطرف.. والعمل الميداني السبيل الوحيد في غياب الإنترنت

عبدالرحيم شيخ آدم
عبدالرحيم شيخ آدم نائب رئيس منظمة خريجي الأزهر بالصومال

نائب رئيس رابطة خريجي الأزهر فرع بيدوا الصومالية :

  • 873 طالباً وطالبة من الصومال يستقبلهم الأزهر هذا العام.. و22 مبعوثاً إلى مقديشو
  • نتفاعل مع فريقين أحدهما لا تزال على المنهج المعتدل.. وآخر  ممن تأثروا بالغلو والتطرف
  • نرسخ لـ العدل والمساواة كأساس للدين الإسلامي .. وندعم الحقوق الإنسانية
  • نؤمن بأن تحصين الجيل الجديد وخاصة الصغار سبيل لاجتثاث جذور التطرف

873 طالباً وطالبة يستقبلهم الأزهر الشريف هذا العام من الصومال، وهناك 22 مبعوثاً من الأزهر في مقديشو، تعد البَعثة الأزهرية هناك من أقدم البَعثات العربية، فضلًا عن وجود معهد أزهري وفرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وهو ما يؤكد تقدير واهتمام الأزهر الشريف بالارتقاء بالتعليم في القارة الأفريقية، انطلاقًا من مسؤولية الأزهر ودوره تجاه العالم العربي والإسلامي، بحسب حديث فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف مطلع العام الجاري خلال لقائه وزير الأوقاف والشؤون الدينية بجمهورية الصومال الفيدرالية علي روبلي، وسفيرها لدى القاهرة إلياس شيخ عمر أبو بكر.

شيخ الأزهر والوزير الصومالي علي روبلي

الأزهر والتطرف وجهاً لوجه في الصومال 

تعد الصومال واحدة من الدول التي تواجه تحديات كثيرة أبرزها التطرف والإرهاب، والذي أدى مؤخراً لمقتل سبعة وإصابة العشرات على يد حركة شباب المجاهدين الإرهابية، وفي ظل الجهود المبذولة من قبل الدولة المصرية على الصعيد العسكري ومن قبل الأزهر على الصعيد الفكري والديني، كان حوار "صدى البلد" مع نائب رئيس رابطة خريجي الأزهر فرع بيدوا الصومالية الشيخ عبد الرحيم شيخ آدم، والتي تقع في  الجنوب الغربي للعاصمة مقديشو.

حيث أشار "آدم" إلى التحديات والعوائق التي تقف حائلاً دون القضاء على الجماعات الإرهابية المنتشرة بأنحاء البلاد، وجهود الأزهر للتحصين الفكري الذي يسعى لمنع الاستقطاب الممنهج للفكر المتطرف من ناحية، وسد الطريق أمام عودة من سبق وأعلن انشقاقه عن تلك الجماعات ونبذ أفكارها.

الشيخ عبد الرحيم شيخ آدم

* في البداية.. اطلعنا على الوضع الميداني للصومال؟

الصومال بلد تعاني من استغلال جماعات الفكر المتطرف للصراعات المجتمعية لزرع بذور الفتنة وتغذية الانقسام داخل المجتمع، وهو ما يعطي الفرصة أمام هذه الجماعات المنحرفة للسيطرة وفرض بقية أفكارهم المشبوهة، وبدورنا كخريجي الأزهر الشريف نعمل على معرفة الأسباب الأساسية التي تقف وراء التطرف والعنف، والتحذير من خطورة تجنيد الأطفال والشباب واستغلالهم في أعمال تخالف مبادئ الدين الإسلامي المبني على الوسطية، والتعريف بقيم الحق والخير، والتراحم وقبول الآخر، ونبذ التعصب والكراهية، وتعزيز حب الوطن والانتماء لديهم، ونبذ التطرف والأفكار الهدامة، والاتحاد لحماية أبنائنا من هذه المخاطر، فهي مسئولية المجتمع لحفظ أمن وسلام وأمان البلاد.

* وما هي أبرز التحديات التي تقابلكم؟

التحديات التي نعاني منها في غرب الصومال كثيرة منها: عدم إمكانية استخدام التواصل الإجتماعي لأننا في بلدٍ يسعى المتطرفون المتشددون والمسلحون الذين ينفذون الاختطافات والاغتيالات لاختطافه بالكلية وبالتالي لا مجال لأن تكون لدينا من البنية التحتية أو وسائل الاتصال والتواصل الحديثة كغيرنا من البلدان.

* إذن كيف تتعاملون مع هذه الظروف وكيف تنشرون المنهج المعتدل؟ 

سبيلنا لنشر الوسطية والاعتدال بين أبناء وطننا يقوم على العمل الميداني بشكلٍ رئيسي، فنحن ننتشر بين الناس من خلال الخطب والمحاضرات والدورات والتدريس وما إلى ذلك، ونتعاون مع الفرع الرئيسي بالقاهرة في تنمية مهارات الخريجين وتدريبهم على أحدث الوسائل عن طريقة الدورات التدريبية لكي نكون أرفع وأقدر على مواجهة التطرف والتمكن من نشر الوسطية.

* وماذا عن الأولويات وتحديدها في ظل ما أخبرتنا بشأنه من صعوبة التواصل الإلكتروني والتركيز على  العمل الميداني؟

أولوياتنا دائماً تتمثل في تنفيذ أهدافنا والمتعلقة بتعليم الجيل الجديد وخاصة الصغار وتربيتهم على المنهج الوسطية وعدم الغلو والتطرف بفتح المدارس والمؤسسات التعليمية، فنحن نؤمن بأن ذلك هو السبيل الوحيد لاجتثاث التطرف والإرهاب من جذوره، والحمد لله استطعنا أن ننجز الكثير والكثير وكلنا أمل في أن يوفقنا الله تبارك وتعالى في تلك المهمة التي لا نبتغي فيها غير وجهه الكريم.

 * ماذا عن الشرائح المستهدفة في سبيل نشر الفكر الوسطي والتحصين من التطرف؟

المستهدفون عندنا على فرقتين، فرقة لم يزالوا على المنهج المعتدل وهؤلاء نربيهم ونعلمهم على المنهج القويم لكي نرفع معنوياتهم لأنهم لم يتأثر والتطرف.

أما الأخرى هم الذين تأثروا با الغلو والتطرف بأسلوب سهل وبالحكمة والموعظة الحسنة.

* ما هي الأمور التي تركزون عليها في مخاطبة الشباب؟

العدل والمساواة فهما أساس الدين الإسلامي، فالإسلام جاء ليرسي قواعد ومبادئ العدالة والمساواة بين جميع البشر على اختلاف ألوانهم وانتماءاتهم، كما أننا نؤكد على الحقوق الإنسانية، التي هي من صميم الدين فليس هناك فضل أو تمييز بين الناس، فالبشر على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وثقافتهم سواء، والفارق بينهم العمل الصالح وصدق الإيمان بالله عز وجل.

كما أننا نبين لهم أن ديننا ومنهجنا هو الوسطية والاعتدال كمنهج رباني قويم، وسبيل عدل بين الإفراط والتفريط والغلو والتساهل، ولابد من التمسك بتعاليم ديننا الحنيف ورسالة الأزهر الشريف كي نتمكن من تعزيز قيم الإسلام القائمة على التسامح والوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والمغالاة.

* وهل يتفاعل معكم الجماهير الصومالية اثناء التحدث معهم؟

نعم بكل تأكيد.. فنحن سفراء الأزهر بعالميته وأفضلية مناهجه الوسطية فهم المنبر المعتدل الذي يلتف الناس حوله من كل بقاع الأرض، ونحن كخريجي الأزهر في الصومال نحظى بمكانة متميزة بين الناس ويرحبون بما نطرحه من موضوعات من شأنها دعم استقرار وطننا الغالي وتصحيح الصورة المغلوطة عن الدين الإسلامي الحنيف وأيضاً نشر الفكر المعتدل في أرجاء الصومال كمساهمة في مكافحة الأفكار المتطرفة.

جانب من التفاعل

يبلغ عدد سكان الصومال أكثر من 15 مليون نسمة وفق تقديرات عام 2019، معظمهم من البدو، والدين الرسمي للدولة هو الإسلام ويعتنق غالبيتهم المذهب الشافعي، وتنتشر الطرق الصوفية بقوة في الصومال، لاسيما الطريقة "القادرية" المعتدلة أما اللغة الرسمية للدولة هي الصومالية والعربية.

ودخلت "الصومال" بعد الاستقلال عام 1960، في حالة من الفوضى، خاصة مع الإطاحة بنظام الرئيس "محمد سياد بري" عام 1991. وفشلت حكومة الوحدة التي تشكلت عام 2000 في السيطرة على البلاد، ما أدى إلى انفصال بعض المناطق الهادئة نسبيًا. 

كما أدى استيلاء ائتلاف من محاكم الشريعة الإسلامية – كما أسمت نفسها -عام 2006 على العاصمة مقديشو وجزء كبير من جنوب البلاد إلى تدخل القوات الإثيوبية، ومن ثم قوات الاتحاد الإفريقي. وبدأت "الصومال" تتجه نحو الاستقرار منذ تنصيب حكومة جديدة مدعومة دوليًا عام 2012، لكن السلطات الجديدة لا تزال تواجه تحدي حركة «الشباب» المتحالفة مع تنظيم القاعدة.

التعليم

رغم الجهود الحكومية، تعاني بعض المناطق في الصومال من تدهور في بعض القطاعات. ومن المشكلات الرئيسية في قطاع التعليم، على سبيل المثال، محاولة أطراف خارجية إساءة استغلال المنظومة التعليمية الصومالية في تحقيق مصالح شخصية، والإرهاب، ونقص التمويل.

وكانت القاهرة قد احتضنت منتدى "صناع السلام" في العام 2019 حيث أكدت الصومالية "سميرة آبي" مندوب التحالف الدولي للسلام والتنمية بجينيف، التركيز على مبادرة "اترك السلاح وامسك القلم" في الصومال، لافتة إلى أن هدف هذه المبادرة هو خدمة التعليم كسبيل لنبذ العنف ونشر السلم، ومكافحة ظاهرة تجنيد الأطفال باعتبارها واحدة من أبرز ممارسات تنظيم الشباب. 

 

قضايا المرأة 

لا تختلف المرأة الصومالية كثيرًا عن ذويها من بني جلدتها من نساء إفريقيا. فهي مقيدة بعادات وتقاليد وإرث ثقافي يختلف كثيرًا عما تعيشه نساء العالم أجمع. غير أنها ظلت الطرف الأضعف في الصراع في البلاد حيث لم تسلم المرأة الصومالية من بطش حركة الشباب الإرهابية. فلقد أٌجبرن على الزواج من مسلحي الحركة، وتم استغلالهن في القيام بأعباء الطهي والتنظيف في المعسكرات، وفي جمع المعلومات الاستخباراتية، ولم تقف الحركة عند هذا الحد تجاه النساء الصوماليات. بل جعلتهن الحركة ينفذن الهجمات.

وردًا على هذه الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في الصومال وغيرها من دول العالم أجمع دشن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف العديد من الحملات التي تهدف إلى إلقاء الضوء على دور المرأة في الإسلام ومكانتها من خلال تدشين حملات توعوية مثل: حملة (هن)، و(أنت ملكة)، و(رفقا بالقوارير).. وغيرها، لتعزيز مكانتها في المجتمعات والبلدان.

 

الوضع الأمني والجماعات الإرهابية

تنشط في الصومال حركة «الشباب» الإرهابية، والتي خرجت من رحم "تنظيم القاعدة" وأخذت في النمو والتطور حتى صارت التهديدَ الأكبر ليس على الصومال فحسب، بل على أمن شرق إفريقيا بأكمله.

فمنذ أن تأسست حركة الشباب الإرهابية في أوائل 2004 لم تترك باب خراب ودمار إلا وطرقته، ضاربةً بتعاليم الدّين الإسلامي الحنيف ومبادئ الفطرة الإنسانية السليمة عرض الحائط، مردّدةً مزاعم وشعارات ظاهرها الرّحمة والعدل وباطنها الإجرام والعنف الوحشي.

وهي حركة لا تعرف عن الإسلام إلا اسمًا تتشدّق بالدّفاع عنه، ولا تعي من شريعته إلا أحكامًا وحدودًا تتذرّع بتطبيق مبادئها من خلال جرائم لا تقبلها شريعة ولا يقرّ بها دين. فلقد خلفت هذه الحركة آلاف القتلى والمصابين وشردت آلاف الأسر، وتسببت في انهيار اقتصاد الصومال، وفي فقدان الأمن والسلم في المجتمع.

تنامت الأنشطة والعمليات التي تقوم بها هذه الحركة حتى وصلت في 2020 وحدها إلى نحو 220 عملية مسلحة نفذتها ضد الصوماليين سواءً كانوا من قوات الجيش أو الشرطة أو حتى المدنيين. أسفرت هذه العمليات عن وقوع حوالي 650 من الضحايا، ونحو 670 من المصابين، واختطاف نحو 100 من الصوماليين. 

والمتأمل في الوضع الحالي لدولة الصومال، يجدها تشهد صراعًا مسلحًا يرجع تاريخه إلى عام 1982 عندما اندلعت المواجهات المسلحة ضد الرئيس محمد سياد بري، وتحولت إلى حرب أهلية واسعة تركزت في أرض الصومال. ولا يزال الصراع محتدما حتى بعد سقوط "بري" عام 1991، رغم محاولات عدة لجمع الأطراف والتوصل إلى حل، كان آخرها لقاء جمع قادة الصومال وأرض الصومال في جيبوتي، يوم 15 يونيو الماضي.