مع اقتراب فصل الشتاء، تسجل دول أوروبية ارتفاعات ملحوظة ومقلقة في معدلات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا، رغم قطعها أشواطًا معقولة في إنجاز تلقيح سكانها.
وأعلنت السلطات الصحية الألمانية، أمس الخميس، فرض قيود صارمة على غير الملقحين ضد فيروس كورونا في كامل البلاد بعد أن كانت مقتصرة على المناطق المتضررة، في خطوة تسعى إلى الحد بصورة جذرية من حياتهم الاجتماعية "لوقف الارتفاع الهائل" في الإصابات الجديدة ورفع الضغط عن المستشفيات.
مأساوية.. ميركل تحذر من خطورة موجة كورونا الرابعة
وبحسب قناة "فرانس 24"، تشهد ألمانيا موجة رابعة شديدة الشراسة وصفتها المستشارة أنجيلا ميركل بـ "المأساوية للغاية". وأوضحت ميركل بعد اجتماع أزمة مع رؤساء الحكومات الإقليميين: "نحتاج سريعا إلى وقف الارتفاع الهائل" في الإصابات الجديدة وخفض نسبة إشغال أسرّة العناية المركزة.
عُقد الاجتماع في وقت قفز عدد الإصابات الجديدة إلى 65371 في غضون 24 ساعة، وفق بيانات معهد روبرت كوخ للرصد الصحي، وهو رقم لم تشهد له البلاد مثيلا منذ بداية الجائحة.
ويسعى المسؤولون أن يحدوا بشكل جذري من الحياة الاجتماعية لغير الملقحين. والتدابير التي تستهدف غير الملقحين سارية المفعول أصلاً في المناطق المتضررة لكنها سوف تمتد من الآن فصاعدا لتشمل كامل البلاد.
من ناحية أخرى، ستبقى المدارس مفتوحة، لكنّ التلاميذ سيخضعون لاختبارات منتظمة. كما قرر المسؤولون عودة السكان بشكل مكثف إلى العمل عن بُعد حيثما كان ذلك ممكنًا والالتزام بإبراز تصريح صحي في وسائل النقل وفي مكان العمل.
وفي مؤشر إلى الوضع الصحي الطارئ في البلاد، قرر المسؤولون إلزامية التطعيم ضد كوفيد-19 لموظفي المستشفيات ودور المسنين، وهو أمر رفضته حكومة ميركل حتى وقت قريب. لكنّ الجدول الزمني لتطبيق هذا الإجراء لا يزال غير واضح.
وشدد المسؤولون الألمان على أن "التطعيم يُمثّل سبيل الخروج من الوباء"، حاثين جميع من لم يتخذوا قرارهم بعد، على إظهار "التضامن" والقيام بهذه الخطوة.
فرنسا تتجنب الإغلاق رغم تزايد الإصابات
وسجلت فرنسا أكثر من 20 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا الأربعاء وذلك للمرة الأولى منذ 25 أغسطس مع تسارع الموجة الخامسة للجائحة.
وأعلنت وزارة الصحة الفرنسية تسجيل 20294 إصابة جديدة بكوفيد-19 ليرتفع العدد الإجمالي للحالات إلى 7.33 مليون.
وقال جابرييل أتال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية إن البلاد تشهد موجة خامسة من جائحة كوفيد-19، لكن فرض المزيد من الإجراءات الإضافية للحد من تفشي المرض غير مطروح على جدول الأعمال في الوقت الراهن.
وقال للصحفيين بعد اجتماع للحكومة "الجائحة تنتشر في كل مكان. لكننا نتكيف على نحو أفضل من ذي قبل بفضل اللقاحات وجواز المرور الصحي".
تشديد القيود في بلجيكا
من جهة أخرى، وسعت بلجيكا استخدام الكمامات والعمل الإلزامي عن بعد يوم الأربعاء، في محاولة لاحتواء موجة جديدة من حالات الإصابة بكوفيد-19.
وقال رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو إن "إشارات الإنذار تومض باللون الأحمر". وأضاف أن الاستخدام الإلزامي للكمامات في الأماكن المزدحمة سيشمل الآن من يبلغون 10 أعوام أو أكثر، وأن العمل عن بعد سيكون إلزاميا لمدة 4 أيام من أسبوع عمل من 5 أيام حتى 12 ديسمبر.
إيطاليا.. الإصابات تتضاعف في أقل من أسبوعين
وفي إيطاليا حيث تضاعف عدد الإصابات اليومية في أقل من أسبوعين ليزيد الأربعاء عن 10 آلاف للمرة الأولى منذ شهر مايو الماضي، قال المفوّض الحكومي المكلّف إدارة الطوارئ الصحية، فرنشيسكو فيليولو، إن الفيروس خسر كثيراً من قدرته على الفتك بفضل اللقاحات، لكنه ما زال يتمتع بقدرة على الانتشار، تتضاعف مع التراخي في تدابير الوقاية والقيود الاجتماعية.
وكان وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا ذكّر أن هذا العدد من الإصابات سجّلته إيطاليا في الربيع الماضي عندما كان الوباء في مرحلة الانحسار، بينما هو اليوم في الاتجاه المعاكس وبوتيرة أسرع رغم التغطية اللقاحية التي بلغت 84 في المائة من السكان البالغين.
أوروبا على بعد خطوات من شتاء قاس
"الوباء يدقّ مجدداً على الأبواب، والسلاح الوحيد المتوفّر إلى الآن لصدّه هي اللقاحات". بهذه العبارات وصفت المفوّضة الأوروبية للشؤون الصحية ستيلّا كيرياكيديس، أمس، المشهد الوبائي الذي يتفاقم في أوروبا منذ أيام، بوتيرة أعادت إلى الأذهان السيناريو المأساوي الذي عاشته بلدان الاتحاد الأوروبي خلال ربيع العام الماضي في بداية الجائحة.
واعتبر هانز كلوجه، مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في أوروبا، أن القارة تواجه «شتاء قاسياً». وقال إن «حالة الطوارئ الصحية العامة لم تنتهِ بعد، والارتفاع الحالي للحالات في معظم بلدان المنطقة، الناجم عن مزيج من تغطية لقاحية غير كافية، وتخفيف التدابير الوقائية، وانتشار متحوّر (دلتا) الأكثر قابلية للانتقال، يظهر أننا نواجه شتاء قاسياً».