الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أدباء ونقاد: إبراهيم عبد المجيد لا يقل براعة عن كتاب الواقعية السحرية.. واحتفى بنوع من التجريب الفنّي

الكاتب إبراهيم عبد
الكاتب إبراهيم عبد المجيد

يعتبر الكاتب والروائي إبراهيم عبد المجيد، الذي أجرى أمس عملية جراحية، لإزالة ورم على العمود الفقري، أحد أبرز الأسماء في الكتابة السردية، والمشهد السردي المصري، فيما بعد جيل الستينيات، وجسدت رحلته الإبداعية أبرز المحطات والتيارات الفنية في الكتابة الروائية والقصصية.

تجربة الكاتب غنية ومتنوعة، وشهدت إنتاج غزير ومتعدد، لذا أجرى موقع صدى البلد، ملفًا عن إبراهيم عبد المجيد، استطلع فيه أراء الكتاب والنقاد حول تجربته.

 

إبراهيم عبد المجيد صاغ كتاباته خلال روح المغامرة 

وقال الناقد الأدبي الدكتور حسين حمودة، إن التجربة الإبداعية للكاتب والروائي إبراهيم عبد المجيد، غنية ومتنوعة، شهدت نتاجه الغزير المتعدد، منذ روايته المبكرة "في الصيف السابع والستين"، وحتى الآن.

وأضاف حمودة أن عالم إبراهيم عبد المجيد، خلال هذه الكتابات الوافرة، ينهض على مجموعة من القيم الكبيرة، وعلى رأسها قيمة المغامرة المتحررة التي قادته للذهاب إلى أبعد ما يمكن الذهاب إليه في وجهات شتى، على مستوى اكتشاف واستكشاف "العوالم الخام" التي شيّد بها وعليها كتاباته، وعلى مستوى "التخييل" أو "التأمل" القصصي والروائي الذي يعيد تشكيل هذه العوالم.

 

وأوضح أن إبراهيم عبد المجيد، صاغ كتاباته خلال روح المغامرة نفسها، وراهن على بلورة لغة خاصة متفردة، متجددة من نص لآخر، ومؤسسّة دائما على جهد ومعاناة رغم بساطتها الظاهرية وقدرتها التوصيلية، واستند إلى قدرة بنائية هائلة، متباينة المعالم من عمل لآخر، واحتفى بنوع من "التجريب" الفنّي الخفيّ اللطيف، الذي يتقبّله المتلقي ويشارك في إنتاج دلالاته دون أن يرتطم بأي أثر من الآثار التي تحيط بالتجريب الفنّي  في أغلب الأحوال.

 

إبراهيم عبد المجيد أنطق الجماد والحيوان

قال الكاتب والناقد الأدبي إيهاب الملاح: "أنا من مقدري التجربة الإبداعية والإنسانية للكاتب إبراهيم عبد المجيد، أحد أبرز كتاب ما بعد جيل الستينيات"، لافتا إلى أنه بدأ ينشر أعماله الأولى في أواخر الستينيات، ومطالع السبعينيات.

 

وأضاف إيهاب الملاح، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن عبد المجيد أحد أبرز الأسماء في الكتابة السردية، والمشهد السردي المصري، فيما بعد جيل الستينيات بقليل، وتجسد رحلته الإبداعية أبرز المحطات والتيارات الفنية في الكتابة الروائية والقصصية، فنستخلص مجموعة السمات الجمالية التي تخصص أشكالا عديدة من الكتاب، فهو رائد من رواد التجريد، والكتابة التاريخية، والواقعية.

 

وأوضح أنه في أعماله فتح آفاقا عالية جدًا في الاستخدام اللغوي، والتكنيك الروائي والسردي، وبناء القصة، ومن مميزاته الكبرى أنه أحد أكبر المبدعين المثقفين، فكل مبدع كبير وحقيقي لا بد أن يكون مثقفًا كبيرًا، فهو عنده القدرة على تكوين وجهة نظر في قضية من القضايا، أو هم من الهموم، موضحًا أنه يعبر عن وجهة النظر من الخيار الخيالي، وهو الإبداع.

 

وتابع: "وكذلك تتميز تجربته بأنه لا أفق يحد من خياله، فلديه خيال خصب، وهذه المسألة تميز كاتبا عن آخر، فهو يستطيع أن يصل إلى آفاق في التصور والخيال من الصعب أن تتوقعه، فهو ينطق الجماد، والحيوان، فلا يقل براعة عن كتاب الواقعية السحرية في أمريكا اللاتينية، وهذه القدرة الكبيرة في التحليق بالخيال تظهر من خلال أعماله المختلفة التي أصدرها على مدار تاريخه الإبداعي".

 

واختتم: "أعتبره واحدا من رواد الكتابة، فلا أتصور أن هناك من يمكن أن يقدم أو يقرر أن يكتب كتابة جادة دون أن يمر على أعمال إبراهيم عبد المجيد، فهي محطة مهمة في إبداعنا السردي، مثلما أرى أنه لا يمكن لأحد أن يكتب عملا ويطلق عليه رواية دون أن يمر على أدب نجيب محفوظ، وليس من السهل أن يكتب أحد من فراغ، فهو يكون حصيلة كل ما سبق من إبداع".

 

إبراهيم عبد المجيد نموذجا للالتحام بالفعل الثقافي العام

فيما قال الناقد الأدبي الدكتور حسام عقل، إن الكاتب والروائي إبراهيم عبد المجيد، يعد واسطة العقد في جيل الستينيات الروائي ، من حيث قدرته أن يجمع بين المعمار الكلاسيكي الروائي، و النزعات الحداثية التجريبية ذات الطابع الطليعي، و هو بهذا يقترب كثيرا - برغم الفروق الفنية - من محمد البساطي.

 

واضاف عقل في تصريحاته لـ "صدى البلد"، أن روايات إبراهيم عبد المجيد شكلت علامة فارقة منذ الستينيات، و كان ثمة محطات مهمة، على المستويين التيماتي الموضوعاتي، والتكنيكات الفنية الروائية، و قد برزت هذه القدرات البنائية الروائية المتنوعة، في تقديري، في رواية : "البلدة الأخرى" بصورة ذات استثنائية و فرادة، و هي التجربة الروائية التي ظهرت فيها قدراته الفنية في فتل جديلة المكونات الروائية في نسيج متسق من حيث الجملة الحوارية ورسم الشخوص، و توظيف مجسدات المكان و البنية الزمنية المتداخلة القائمة في قسم كبير منها على عمليات الفلاش باك ذات الطابع الاسترجاعي، و ظل الواقع الطبوغرافي المكاني في الخطاب القصصي للكاتب، مشدودا إلى الإسكندرية، المرفأ المكاني المفضل و موئل الأحلام

 

وتابع: "ولكن التجربة الأكثر ذيوعا واستفاضة شهرة، فيما أرى، كانت: " لا أحد ينام في الإسكندرية "، التي أمكن تحويلها لحصة درامية متلفزة، حظيت بثناء النقاد والمشاهدين معا، و استمر عبد المجيد في رصد الحراك الاجتماعي الزلزالي الانفتاحي الكبير، بأبعاده السوسيولوجية المتداخلة المركبة، من خلال الثغر، في عمله اللاحق: "الإسكندرية في  غيمة "، حيث رصد تشكل بؤر التزمت و الحواضن الراديكالية، الغريبة عن الشخصية المصرية، ومن ثم كانت رمزية "الغيمة الفكرية"، التي تنثر الفضاءات الضبابية، و ترسخ تشوهات الشخصية الوطنية، بتأثير المتغير النفطي، و زحف رأسمال الخليجي، و تسلط واقع وثقافة  البترودولار، و قد أتيح لي أن أناقش روايته المتميزة : " في كل أسبوع يوم جمعة "، بمشاركة زميلة ناقدة اكاديمية، فأثنى على المقاربة النقدية، و تمثلها بتركيز، كما أتيح لي أن أزامله في لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة، نحوا من عامين، فكان نموذجا للالتحام بالفعل الثقافي العام، و الحدب الشديد على الأجيال القصصية الجديدة و تحفيزها بقوة.

 

كما أهداني و هو على فراش مرضه، سيرته الذاتية البديعة، التي تجسد مقاطع و مراحل و أطوارا من عمره الحياتي والفني، بما يؤكد لنا تعلقه بالسرد، بتنوعه و تكتيكاته و فنونه، و تعلقه بالحياة و عشقه لها.