ساعات من الفرح لم تدم، رقصت وغنت وضحكت وصافحت الجميع وكأنها تودعهم، ولم تكن تعلم أنها الساعات الأخيرة فى حياتها، هي نادية عروس الجنة أو عروس المنيا، التي غابت ضحكتها وسكتت أنفاسها لتعلن مفارقتها الحياة بعد نصف ساعه من زفافها.
مفارقات لم تخطر ببال أحد، ظهرت على نادية طه ٢٠ عاما ابنة محافظة المنيا قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، حيث أجرت اتصالا هاتفيا بوالدها، عبرت خلاله عن سعادتها، باتمام الزفاف.
ارتدت نادية فستان الفرح وانتظرت زوجها وعندما حضر أخذ بيدها إلى منزله، متمنيا حياة سعيدة مع الفتاة التى اختارها قلبه، الفتاة التى تحمل كتاب الله فى صدرها، لكن القدر كان له شأن آخر، فقد غيبها الموت من بين يديه ولم تمض على سعادتهما سوى دقائق معدودة.
صدي البلد انتقل إلى قرية ريدة التي تقع على بعد 15 كيلو مترا من مدينة المنيا، موطن العروس الراحلة، حالة من الصدمة والحزن العميق، بعد وفاة العروس نادية طه ماضي، والتى فارقت الحياة عقب إقامة حفل زفافها.
الوالد طه ماضي لم تكف عينيه عن الدمع قائلا: إنه عاش ساعات من الفرح لم تدم كثيرا، فابنته المتوفاة رقصت مع أشقائها ابتهاجا بالعرس، واستقبلت ضيوفها وفرحت معهم، وانتهت الزفة ثم اتصلت به وعبرت له عن سعادتها وفرحتها وأنه لم يقصر معها في أي شيء.
ويضيف: “أغلقت التليفون ودخلت غرفة نومي لأستريح قليلا، فسمعت أصوات تطرق الباب على وتقول بنتك ماتت، فأسرعت إلى منزل العريس وإذا بي أجد ابنتي ملقاة على الأرض، وقد فارقت الحياة، وحاولت أن أنقذها لكن كانت روحها قد صعدت إلى بارئها، وكان «مكياج» الفرح ما زال على وجهها، ونقش الحنة والكوافير لا يزالان موجودين، ودفنت ابنتى وودعتها إلى مثواها الأخير بزينة الفرح”.
وأكد الوالد أن ابنته في ليلة الحنة كانت سعيدة وترقص مع الجميع فرحا، لكن الغريب أنها كانت تستعجل الزفاف وكأنها تشعر أنها ستفارق الحياة، وكانت تستعجل التي تزينها وتقول زوجى اقترب من الوصول ليأخذني.
وأوضح الوالد أن إبنته كانت تحفظ كتاب الله وتداوم على الصلوات في أوقاتها، وكانت تلومني لو أجلت الصلاة وتطالبني بأدائها بانتظام، وحتى الآن ما زلت أعيش فى فاجعة ولا أستطيع استيعاب ما حدث، لكن كل ما أملكه هو الدعاء لها وأن يجعلها الله من أهل الجنة ويصبرنى وشقيقاتها اللاتى يبكين ليل نهار منذ فراق شقيقتهن”.
وتابع: "ابنتى عروس الجنة كانت معروفة بين الأهل والجيران باسم "نعمة"، لكن فى البطاقة كان اسمها نادية، كانت نعمة من عند الله كبيرة، الجميع كان يحبها نظرا لأخلاقها الحميدة وحبها للجميع، فخطوبتها استمرت ما يقرب من 3 سنوات حتى استطاعت أن تحصل على الفرحة التى تتمناها، بعد أن قدرنى الله على تجهيزها".
واستطرد: “كان فرح ابنتى شيئا جميل حضره أهل القرية جميعا وكانت ليلة الحنة والفرح تصافح الناس وتضحك وترقص حتى اقتربت الساعات الأولى من النهار”.
وقال: “داعبتنى وقالت أنا جعانة فطلبت لها الطعام وبضحكة هادئة قالت العروسة تأكل قطعة لحم واحدة، وتلك كانت كلمتها الأخيرة فلم تأكل ابنتى من طعامها الذى تم تجهيزه لها خصيصا كعادة الأفراح فى القرى، فقد خطفها الموت من بين أيدينا، والجميع هنا فى صدمة كبيرة ولا نصدق، وشقيقاتها امتنعوا عن الطعام منذ وقتها وفي صدمة كبيرة”.