اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مع الفريق محمد عباس حلمي قائد القوات الجوية، واللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، والمقدم طيار بهاء الدين الغنام مدير مشروع "مستقبل مصر".
وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن الاجتماع تناول متابعة تطورات الموقف التنفيذي للمشروع القومي "مستقبل مصر" للإنتاج الزراعي، ضمن نطاق المشروع العملاق "الدلتا الجديدة" لاستصلاح إجمالي مساحة 2,2 مليون فدان.
تنفيذ مشروع مستقبل مصر
واطلع الرئيس في هذا الإطار على الموقف التنفيذي لمشروع "مستقبل مصر" بكافة مكوناته، خاصةً ما يتعلق بمسارات وصول المقنن المائي من مياه الري، إلى جانب محطة تحلية المياه الخاصة بالمشروع، بالإضافة إلى منظومة الميكنة الزراعية والتصنيع الزراعي، فضلاً عن خطط التطوير المستقبلية للمشروع والذي يتم بالتكامل والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية بالدولة.
ووجه الرئيس بتوسيع نشاط مشروع "مستقبل مصر" بحيث يتم تنفيذه في إطار شامل ومتكامل الأركان، لتحقيق الاستغلال الأمثل لأصول الدولة وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المتوفرة، خاصةً الأراضي الزراعية والمياه، بحيث يكون المشروع بمثابة قاطرة للتطور الزراعي في الدولة، من خلال تبني مفهوم الكيانات الزراعية العملاقة التي تتمتع بالقدرة على إحداث نقلة نوعية في قطاع الزراعة الحديثة وتحقيق الأمن الغذائي، بالإضافة إلى الاعتماد على أحدث التكنولوجيا العالمية في الري والزراعة.
زراعة السلع الاستراتيجية
كما وجه الرئيس بتركيز مشروع "مستقبل مصر" على زراعة السلع الاستراتيجية اللازمة لتقليل فجوة الاستيراد، فضلاً عن الاستفادة من المشروع بإدراج مختلف الأنشطة الإنتاجية ذات الصلة بالنشاط الزراعي، لتحقيق قيمة مضافة لانتاجية المشروع، وكذلك إنشاء مجمع تصنيع زراعي متكامل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من متطلبات الإنتاج، إلى جانب منظومة المعامل والصوامع والمبردات المطلوبة لعمل هذا المشروع العملاق.
أكبر مشاريع الاستصلاح الزراعي
وفي هذا الصدد قال أستاذ الاقتصاد الزراعي بمعهد بحوث الصحراء، الدكتور أشرف فياض، إن مشروع الدلتا الجديدة هو أحد مشروعات مصر الكبرى في مجال الزراعة والتنمية، وهو ليس مشروع زراعي فقط بل تنموي متكامل يحتوى على عدة أبعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها من الأبعاد.
وأوضح "فياض" في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الجانب الزراعي من المشروع يعتمد على عاملين أساسيين هما عامل المياه وتأتي من الآبار والمياه الجوفية والعامل الآخر هو عامل الطاقة التي من الممكن أن يستخدم فيها عدة أنواع مثل الطاقة الشمسية أو الكهربائية.
أنواع المحاصيل المزروعة
وأضاف أن الزراعة في الصحراء تختلف عن الزراعة بـ المناطق الأخرى وهذا يتحدد عليه نوع المحصول الذي سيتم زراعته، فهناك محاصيل من صعب زراعتها في الصحراء مثل القطن والبرسيم والحبوب وغيرها لأنها تحتاج إلى مياه حلوة لا تحتوى على كمية كبيرة من الأملاح وإنتاجية هذه المحاصيل ستكون ضعيفة، لأن طبيعة الأرض والمياه لن تسمح لك بزراعة مثل هذه المحاصيل.
واختتم: "يشمل المشروع أيضا زراعة المحاصيل العلفية، بالإضافة إلى المصانع التي تنتجها لسد الفجوة في مصر من أعلاف الحيوان، ومن المحاصيل التي يقوم هذا المشروع بإنتاجها محصول علف الفيل وحشيش السودان والبانيكم وهذه محاصيل علفية غير تقليدية تتحمل درجة الملوحة العالية".
مشروع عملاق
ومن جانبه قال عميد كلية الزراعات الصحراوية بـ جامعة الملك سلمان، الدكتور عبد الغني الجندي، إن مشروع مستقبل مصر مشروع عملاق ويكمل التنمية الزراعية المستدامة كما جاء في إستراتيجية الزراعة المصرية بأحدث المعدات والتكنولوجيات المتعارف عليها في الزراعة.
وأضاف الجندي، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن مساحة الأراضي الزراعية في مصر 9.8 مليون فدان، والآن نضيف مليون فدان أخرى في منطقة رائعة الاختيار من حيث المناخ لأنها مناسبة للاستهلاك المائي وهذا يرشد من استهلاك المياه في الزراعة، كما أن هذه المنطقة جغرافيا قريبة من الطرق والمطارات، وهذا يجعل من هذه المحاصيل محاصيل تصديرية ويعود على الاقتصاد بنفع كبير.
وأوضح الجندي أن مشروع الدلتا الجديد يعد مشروعا قوميا يشمل العديد من المحاور وليس زراعيا فقط، فهو يشمل مجتمعات عمرانية وصناعية جديدة بالإضافة إلى استصلاح الأراضي الزراعية.
وتابع: "نحن الآن لا نستصلح أراضي فقط بل نقوم بعمل المصانع اللازمة بجوارها وهذا للتقليل من تكلفة نقل المحاصيل من الأراضي إلى المصانع البعيدة عنها".
واستطرد: "المشروع سوف يوفر حوالي 5 ملايين فرصة عمل ليست فقط في المجال الزراعي بل أيضا في المجتمعات العمرانية والصناعية التي سوف تنشأ هناك، لأن هذا مشروع تنموي متكامل".
تفاصيل المشروع
ويقع مشروع "مستقبل مصر" في نطاق المشروع العملاق "الدلتا الجديدة"، على امتداد محور روض الفرج/ الضبعة الجديد، وذلك بالقرب من مطاري سفنكس وبرج العرب وميناء الدخيلة والإسكندرية، مما يساعد على سهولة توصيل مستلزمات الإنتاج والمنتجات النهائية، ويجعل المشروع مقصدا زراعيا جاذبا للمستثمرين، حيث يهدف إلى تنمية منطقة الساحل الشمالي الغربي من خلال إنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة تتسم بنظم إدارية سليمة، فضلاً عن إقامة مجمعات صناعية تقوم على الإنتاج الزراعي المكتمل الأركان والمراحل من زراعة المحاصيل وحصادها بأحدث الآليات ثم الفرز والتعبئة والتصنيع، ويوفر مشروع "مستقبل مصر" مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة.
ويهدف المشروع إلى سد الفجوة الزراعية على المستوى المحلي لتوفير منتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين وتصدير الفائض للخارج، وذلك من خلال زراعة 500 ألف فدان، حيث تم استصلاح حوالي 200 ألف فدان في المرحلة الأولى من المشروع، وجاري استصلاح المراحل الأخرى بمساحة 300 ألف فدان، وسيعتمد المشروع في توفير الموارد المائية على المحطات التي تم إقامتها لمعالجة مياه الصرف الزراعي، كما تم الانتهاء من تنفيذ البنية الأساسية الخاصة به والتي تشمل تمهيد الطرق الداخلية بإجمالي طول حوالي 500 كم، وحفر آبار المياه الجوفية، وإنشاء محطتين للكهرباء بقدرة 350 ميجاوات وشبكة كهرباء داخلية بطول 200 كم، ومخازن مستلزمات الإنتاج ومبانٍ إدارية وسكنية.