أثار اختبار روسيا صاروخًا مضادًا للأقمار الصناعية، الاثنين الماضي، جدلًا حاميًا وحالة من الشد والجذب بين موسكو وواشنطن، إذ اتهمت الأخيرة الأولى بتهديد سلامة الفضاء، فيما تصر روسيا على كون تجربتها آمنة.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أجرت يوم الاثنين تجربة ناجحة في الفضاء أسفرت عن تدمير قمر صناعي روسي خارج الخدمة، رافضة مزاعم الخارجية الأمريكية والبنتاجون بأن تصرفات روسيا تسببت بحدوث أخطار على المحطة الفضائية الدولية.
وأكّد وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، أن الشظايا الناتجة عن تدمير القمر الصناعي لا تشكل أي تهديد أو خطر للأنشطة الفضائية، وقال إن الصاروخ المضاد للأقمار الصناعية أصاب القمر الصناعي القديم "بدقة متناهية".
وأدانت الولايات المتحدة إجراء تجربة روسيا الصاروخية ووصفتها بأنها "خطيرة وغير مسؤولة" وشكلت تهديدا لحياة طاقم العمل على متن المحطة الفضائية الدولية.
وقال نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، في بيان صحفي مقتضب بشأن الواقعة: "في وقت سابق من اليوم، قام الاتحاد الروسي بإجراء متهور تضمن تجربة صاروخ مضاد للأقمار الصناعية على أحد الأقمار الصناعية المملوكة له".
وأضاف: "نتج عن هذه التجربة 1500 قطعة من الحطام المداري الذي يمكن تعقبه ومئات الآلاف من قطع الحطام الأصغر حجما التي تهدد مصالح جميع الدول" في المحطة الفضائية.
ووفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أسفرت التجربة عن تفجير أحد الأقمار الصناعية الروسية، مخلفا بعض الحطام مما اضطر طاقم المحطة الفضائية الدولية إلى الاحتماء داخل كبسولات.
ويوجد على متن المحطة الدولية سبعة أفراد يشكلون طاقم العمل الحالي، من بينهم أربعة من الولايات المتحدة، وواحد من ألمانيا، واثنان من روسيا. وتسير المحطة الفضائية الدولية في مدار على ارتفاع نحو 420 كيلو مترا.
لكن وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" قللت من شأن خطورة الحادث. وقالت روسكوزموس: "ابتعد الجسم، الذي أجبر الطاقم على دخول المركبات الفضائية اليوم كإجراء وقائي، عن مدار المحطة الفضائية الدولية. وتوجد المحطة الآن في المنطقة الخضراء".
وقالت روسكوزموس: "ابتعد الجسم، الذي أجبر الطاقم على دخول المركبات الفضائية اليوم كإجراء وقائي، عن مدار المحطة الفضائية الدولية. وتوجد المحطة الآن في المنطقة الخضراء".
ومرت المواد مجهولة المصدر التي تناثرت في مدار المحطة الدولية دون وقوع خسائر، لكن التركيز في الوقت الراهن على المصدر الذي أتت منه تلك الأشياء.
ويبدو أن تلك المواد جاءت من حطام قمر التجسس الروسي كوزموس-1408، وهو قمر صناعي روسي للتجسس أُطلق عام 1982 ويزن أكثر من طن وتوقف عن العمل منذ سنوات عدة.
وقالت شركة ليولابس، شركة لتتبع الحطام الفضائي، إن أجهزة الرادار الخاصة بها في نيوزيلندا رصدت عدة أجسام في المكان الذي كان من المفترض أن القمر الصناعي المتوقف عن العمل يوجد فيه.
هناك عدد من الدول بإمكانها إطلاق أقمار صناعية من الأرض، من بينها الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، والهند.
ويندر إجراء مثل هذه التجارب الصاروخية، لكنه دائما ما يثير إدانات على نطاق واسع عندما يحدث لما يسببه من تلوث يلحق أضرارا بالجميع.
يُذكر أنه عندما دمرت الصين أحد الأقمار الصناعية القديمة، التي توقفت عن العمل بعد أن كان يستخدم في رصد الأوضاع المناخية، في 2008، خلفت تلك العملية أكثر من 2000 قطعة من الحطام المداري القابل للرصد. ولا تزال تلك المواد تشكل خطرا على البعثات الفضائية، بما فيها البعثات الصينية نفسها.
وتجدر الإشارة، إلى أن القوات الفضائية الأمريكية كانت قد أعلنت في ديسمبر 2020، أن روسيا أجرت اختبارا لصاروخ مخصص لتدمير الأقمار الصناعية. وقبل ذلك في شهر أبريل أعلنت عن اختبار روسيا لصاروخ مضاد للأقمار الصناعية.
ولكن ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية أعلنت حينها، أن واشنطن بهذه الطريقة تحاول تبرير خططها الخاصة بنشر الأسلحة في الفضاء.
وتحتل المحطة الدولية مدارا في الفضاء يحرص غيرها من مشغلي المركبات والمعدات في الفضاء على جعله خاليا طوال الوقت من المركبات والمعدات سواء التي لا تزال تعمل أو تلك التي خرجت من الخدمة.
مع ذلك، يحرص رواد الفضاء على اتباع إجراءات احترازية عندما تقترب من هذا المدار شظايا من الأقمار الصناعية والصواريخ القديمة.
وتعني السرعة التي تتحرك بها تلك الشظايا أنه يمكنها بسهولة اختراق جدران وحدات المحطة الفضائية.
وتتضمن تلك الإجراءات الاحترازية عادة إغلاق البوابات بين الوحدات، مثلما حدث يوم الاثنين، والصعود إلى الكبسولات التي نقلتهم إلى المحطة. وتبقى تلك الكبسولات مرتبطة بجسم المحطة الدولية طوال فترة عمل أفراد الطواقم المختلفة لاستخدامها "كقوارب نجاة" حال الحاجة إلى الهروب السريع.