قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن المال بصفة عامة أمانة عظيمة، فهو مال الله، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: "وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ " (النور:33)، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ" رواه البخاري.
الزكاة والصدقات
ولفت وزير الأوقاف في مقالة له بعنوان " أمانة التبرعات" إلى أنه في المال حقوق كثيرة منها الزكاة والصدقات، حيث يقول سبحانه:"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"، ويقول سبحانه :" وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"، موضحاً أن الزكاة إذا وُظِّفت توظيفا صحيحا في مصارفها الشرعية فإنها تسد ثغرة كبيرة في احتياجات الفقراء والكادحين والمصالح العامة للوطن، وإذا سَخَت نفس الأغنياء والقادرين بالصدقات والقيام بواجبهم في باب فروض الكفايات من إطعام الجائع، وكساء العاري، ومداواة المريض، وإعانة المحتاج، والإسهام الجاد فيما يحتاج إليه الوطن من إصلاح وسلاح وعتاد فإن وجه الحياة لأي مجتمع سيتغير، ولن يكون بين أبنائه محتاج ولا متسول .
وبين وزير الأوقاف أنه لتعظيم ثواب الصدقة فإن على المتصدق التحريبأن يضعها في موضعها ، حيث يقول الحق سبحانه:" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "، وعليه إن أراد أفضل الثواب وأعلاه أن يجتهد في ترتيب الأولويات، وأن يدرك أن الأعم نفعًا والأوسع أثرًا مقدم على غيره من الأقل نفعًا أو أثرًا، وأن ما يحفظ النفس مقدم على ما يدخل في إطار التحسينيات أو الكماليات، فإطعام الجائع، وكساء العاري، ومداواة المريض، وإيواء المشرد، مقدم على مالا يعد أساسا في إقامة حياة الإنسان وحفظها وحفظ كرامته في العيش والحياة.
وأوضح وزير الأوقاف أن عِظَم الصدقة يزداد كلما سدت حاجة من حاجات المجتمع، فإن رأيت الحاجة أمس إلى المتطلبات الصحية؛ فضعها في علاج المرضى وبناء المستشفيات وتجهيزها، وإن رأيت الأولوية للفقراء والمساكين فضعها فيهما، مشيراً إلى أنه إذا كان على المتصدق أن يتحرى موضع صدقته ، فما بالكم بالقائم على أمور الزكاة والصدقات، إذ عليه أن يكون أكثر تحريًا وتعففًا في التعامل معها، سواء بالحفاظ عليها أم بحرصه على وضعها في موضعها، أم التعفف في النظر إليها والتعامل معها، أم باتخاذ الإجراءات اللازمة لحوكمة التعامل معها، والحرص على صرفها في مصارفها الشرعية بمنتهى الدقة والأمانة واليقظة.
وشدد وزير الأوقاف على أن ما تنفقه اليوم ستجده غدًا، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى : " وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ " (البقرة : 272) ، ويقول سبحانه :" وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ " (سبأ : 39) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :" مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ" (سنن الترمذي)، وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) :" ما مِن يومٍ يُصْبحُ العِبادُ فيهِ إلا مَلَكانِ يَنزلانِ ، فيقولُ أحَدُهُما : اللهمَّ أعط مُنفِقًا خَلَفًا ، ويقولُ الآخَرُ: اللهمَّ أعطِ مُمْسِكًا تَلَفًا " (متفق عليه).
واختتم بأن كل وسيلة تؤدي إلى مزيد من الشفافية والحوكمة في التعامل مع الزكاة والصدقات من أوجب واجبات الوقت، وإذا كانت الدولة تسير في إطار الشمول المالي والدفع غير النقدي، فإننا نرى أهمية تعميم ذلك على جميع الجهات والمؤسسات القائمة على شئون الزكاة والصدقات والتبرعات وجميع وجوه البر.