الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

احذر الغرق فيه.. خبراء: فضاء ميتافيرس محفوف بمخاطر مخيفة.. الذكاء الصناعي غير قابل للتحكم الكامل.. والبرمجيات قد تكتسب القدرة على تدمير العالم الحقيقي

مارك زوكربرج يشرح
مارك زوكربرج يشرح عالم ميتافيرس

منذ أعلن الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك” مارك زوكربرج تغيير اسم شركته إلى "ميتا" والشروع في تأسيس عالم "ميتافيرس" الافتراضي، راحت سيول من التكهنات والتنبؤات تقدم تصورات شديدة التباين والتنافر عن هذا العالم المنتظر، تتراوح بين أقصى درجات الترحيب وأشد درجات التخوف والتحذير، الواصلة إلى درجة الإدانة لزوكربرج وعالمه الافتراضي الذي لم يولد بعد.

ويرى أستاذ الذكاء الاصطناعي والحوسبة المكانية في جامعة ليفربول هوب البريطانية، الدكتور ديفيد ريد، إذ يرى بأن المشروع الطموح قد يعمق مشاكل وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت الحالية، مثل مخاوف خصوصية البيانات والتنمر الإلكتروني.

المتنمرون سيصبحون أكثر تطرفًا

ونقلت إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية عن بيان نشره ريد على موقع الجامعة، أن مشروع "ميتا" يأتي مع الكثير من التوقعات والمزايا الرائعة، ولكن أيضاً المخاطر المخيفة، ولهذا يجب إنشاء نظام ضبط عالٍ لمراقبة المشروع، مضيفاً أن الناس يخشون تأثير "تويتر على السياسة الآن، ولكن تأثيرك على رأيهم سيختلف بشكل كبير حينما يمكنك نقل شخص إلى منطقة حرب مثلاً وإظهار ما يحدث حقاً لهم".

ومن بين القضايا الأخرى التي تطرق لها ريد، يبرز التنمر الإلكتروني، والذي يرى أنه سيصبح أكثر تأثيراً على الصحة النفسية للأفراد، إذ من المحتمل أن يصبح المتنمرون أكثر تطرفاً، ويرى أن هذا التطور التكنولوجي سوف يطمس الخطوط الفاصلة بين الواقع الافتراضي والواقع، إذ أن المسيطر على هذا الواقع سيكون لديه حق الوصول إلى كم غير مسبوق من البيانات، وبالتالي قدر هائل من "النفوذ".

ويشرح ريد أن العديد من النماذج الأولية لأنظمة الواقع الافتراضي تتمتع بتقنيات تتبع الوجه والعين والجسم واليد، ويحتوي معظمها على كاميرات متطورة، حتى أن البعض يدمج تقنية المخطط الكهربائي للدماغ (EEG) من أجل التقاط أنماط الموجات الدماغية، بمعنى أن كل ما تقوله أو تتلاعب به أو تنظر إليه أو حتى تفكر فيه يمكن مراقبته في العالم الافتراضي، وبالتالي فإنه سيولد قاعدة بيانات هائلة عن الأفراد. ولهذا يرى أن من الخطورة سيطرة شركة واحدة فقط على هذه المعلومات.

امنعوا فيسبوك من تدمير العالم

وهناك ناقد بارز آخر لمشروع "ميتافيرس"، هو روجر ماكنامي، وهو مستثمر مبكر في "فيسبوك"، والذي أصبح منذ ذلك الحين منتقداً لاذعاً للشركة. ففي حديثه في قمة الويب في لشبونة، قال إنه يعتقد أن فيسبوك قد تسرعت بالمشروع الجديد في محاولة للتغطية على الفضائح الأخيرة التي تعرضت لها الشركة، حسبما نقل موقع "آي إف إل ساينس" العلمي.

وأكد ماكنامي في لقاء مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أنه يجب منع "فيسبوك" من إنشاء ”ديستوبيا ميتافيريس"، مضيفاً: ”يجب على فيسبوك فقدان الحق في اتخاذ قراراتهم الخاصة بهم. يجب أن تكون هناك جهة ضابطة تعطي موافقة مسبقة على كل ما يفعلونه، فمقدار الضرر الذي تسببوا فيه لا يحصى".

ولطالما شكل الذكاء الاصطناعي موضع جدل وقلق حول القدرة التي يمكن أن يصل إليها وإمكانية تغلبه على الانسان. لكن العلماء توصلوا إلى استنتاج شبه نهائي حول قدرتنا على التحكم بكمبيوتر فائق الذكاء. وأتت إجابتهم بكل بساطة: "بالتأكيد لا".

فقد استخلص مقال علمي نشر في مجلة "journal of artificial intelligence research" أن "الذكاء الخارق يطرح مشكلة مختلفة اختلافًا جوهريًا عن تلك التي تتم دراستها عادةً تحت شعار أخلاقيات الروبوت".

الذكاء الاصطناعي عصي على السيطرة

ووفقًا لإذاعة مونت كارلو الدولية، رأى المشرفون على الدراسة أنه من أجل التحكم في ذكاء خارق يتجاوز بكثير الإدراك البشري، يجب محاكاة هذا النوع من الذكاء بهدف تحليله. لكن إذا كنا غير قادرين على فهمه، فمن المستحيل وضع مثل هذه المحاكاة.

ولفت المقال إلى أنه لا يمكن وضع قواعد لحماية البشر إذا لم نفهم نوع السيناريوهات التي سيأتي بها الذكاء الاصطناعي الخارق. فبمجرد أن يعمل نظام الكمبيوتر على مستوى أعلى من نطاق المبرمجين، لا يعود بإمكاننا ضبط حدود عمله.

ويوضح المشرفون على الدراسة أن "الذكاء الخارق متعدد الأوجه، وبالتالي قد يصبح قادرًا على استخدام مجموعة متنوعة من الموارد من أجل تحقيق أهداف يحتمل أن تكون غير مفهومة للبشر، ما يصعب التحكم فيها".

الحواسب تستقل عن المبرمجين

في هذا الإطار، اعتبر عالم الكمبيوتر مانويل سيبريان من معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية أن فكرة "الآلة فائقة الذكاء التي تتحكم في العالم تبدو كنوع من الخيال العلمي". لكنه يضيف: "توجد اليوم حواسب تقوم بمهام معينة بشكل مستقل، من دون أن يفهم المبرمجون بشكل كامل كيف تعلمتها".

ويستند العلماء في تحليلهم إلى نظرية "مسألة التوقف" المتعلقة ببرامج الكومبيوتر. وهذه المسألة تهتم بمعرفة ما إذا كان برنامج خوارزميات معين سيصل إلى نتيجة ويتوقف عن البحث أو سيتسمر بالبحث إلى ما لا نهاية. لكن العالم البريطاني آلان تورنج برهن في العام 1936 أنه من المستحيل وضع برنامج خوارزميات عام لكل البرامج لمعرفة ما إذا كانت ستتوقف عن البحث أو لا.

من هنا، يشير العلماء إلى أنه من المستحيل حسابيا ورياضيا معرفة ما إذا كان بالإمكان خلق برنامج لمنع الذكاء الاصطناعي من إلحاق الأذى بالبشر وتدمير العالم.