مفتي الجمهورية:
- مصر لديها الكثير لتعطيه لدول العالم من خلال الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية
- العيش مع الآخر تعلمناه من سيدنا النبي وهو رسالة للمسلم كي ينطلق ويتعايش ويدير حوارًا إيجابيًّا
- بناء المسجد إلى جوار الكنيسة في العاصمة الجديدة سماحة تعلمناها من رسول الله
- ضرب الزوجة يتعارض مع مسلك النبي في التعامل مع زوجاته
-شعب البوسنة يعبر عن شخصية المسلم الحقيقي
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن البوسنة دولة متعددة الديانات والأعراق، وجميع المسلمين فيها يوقرون الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، مشيرًا إلى أن الكثير منهم تلقى العلوم داخل أروقته.
كما أوضح أن الإسلام في البوسنة يمتد لعصور، ويتناغم مع البيئة التي نعيش فيها، والدليل على أن الإسلام هناك مقبول وموجود هو بقاؤه على مر هذه العصور، مؤكدًا أن المسلمين هناك جزء من الأمة الإسلامية.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا أن هناك علاقات دينية تاريخية طويلة بين البوسنة ومصر؛ فهناك كثير من القادة والمفتين في البوسنة تخرجوا في الأزهر الشريف، وتربطنا بهم علاقات طيبة، مؤكدًا أن علماء البوسنة يمثلون نقطة ضوء كبيرة، وأن مصر لديها الكثير لتعطيه لدول العالم من خلال الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية. كذلك أعرب مفتي الجمهورية عن اعتزازه بطلاب البوسنة والهرسك وحرصهم على التعلم الديني، مُثمِّنًا التعاون مع البوسنة في هذا الإطار.
وقد أشاد فضيلة مفتي الجمهورية بتقدير شعب البوسنة لمصر والأزهر، مؤكدًا أن الدين لديهم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأزهر الشريف، حيث يعدون جامعة الأزهر جزءًا من تقاليدهم، فأهم ما يميِّز مصر والأزهر أنه لا توجد أجندات لديهما عند التعامل مع الغير، وهذا ما يفسر إقبال طلاب العالم على الأزهر ومصر.
وأضاف فضيلة المفتي أن شعب البوسنة يعبر عن شخصية المسلم الحقيقي. كما تطرق إلى قضية التعددية الدينية والتعايش السلمي، وذكر منها التجربة المصرية
وأشار إلى أن تجربة الدولة الإسلامية في عصر الرسول هي تجربة قديمة منذ فتح مصر، وكذلك تجربة الليث بن سعد، مؤكدًا فضيلته أن المصريين سواسية أمام القانون منذ دستور عام 1923، مشيرًا إلى صدور قانون جديد موحد لدُور العبادة، وأنه عند بناء العاصمة الإدارية الجديدة، كان الرئيس السيسي حريصًا على بناء المسجد إلى جوار الكنيسة، وهذه السماحة تعلمناها من رسول الله، وهي أيضًا رسالة للمسلم كي ينطلق ويتعايش ويدير حوارًا إيجابيًّا مع الآخر.
وشدَّد فضيلة المفتي على أنه ينبغي بناء العلاقات القوية المبنية على القيم المشتركة بين المؤسسات الإسلامية في كافة بلاد الإسلام وتعزيز العلاقات بينها بالوقوف على الأمور المشتركة وتشكيل شراكات تحقق الأهداف التي تجمع الأطراف. وتأتي في مقدمة هذه المؤسسات دُور وهيئات الإفتاء التي تسعى إلى دعم المعرفة الشرعية ونشر الوسطية ومحاربة الفكر المتطرف والارتقاء بمنهجية الفتوى وعلوم الإفتاء لتحقيق الفتوى المنضبطة الصحيحة؛ فإن الفتوى الصحيحة لها دَورٌ كبيرٌ في استقرار المجتمعات وتحقيق التنمية والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، بعد أن استغلت الجماعات الإرهابية النصوص الشرعية لتبرير أفعالها وزعزعة استقرار المجتمعات.
وفي رده على أسئلة المتابعين للبرنامج قال فضيلة أ. د. شوقي علام مفتي الجمهورية في رده على سؤال عن حكم ضرب الزوجات أو العنف الأسري: "نحن في حاجة ماسة وشديدة إلى إدارة حضارية للخلاف الأسري؛ لأن هذا الخلاف الأسري هو ظاهرة موجودة، وواقع لا يمكن أن تنفك عنه أسرة، سواء حصل الخلاف بنسبة كبيرة أو بنسبة صغيرة، لكن الأسرة الذكية والرشيدة والعاقلة هي التي تستطيع أن تحتوي هذه الخلافات وتميتها في مهدها".
وأضاف فضيلته: ليس هناك طرف دون طرف هو المسئول عن تفاقم المشكلات والخلافات الزوجية؛ بل كل منهما مسئول عن تلافي هذه المشكلات وإدارتها إدارة حضارية.
وأشار فضيلته إلى أن القرآن الكريم يرشدنا إلى أن ثمة مراحل وعظية ومراحل تأديبية، وأما عن الضرب؛ فهو يمثل رمزية، ويجب أن يفهم مدلوله وكيفيته وَفقًا للمسلك والنموذج النبوي الشريف في التعامل مع زوجاته؛ فتقول السيدة عائشة رضى الله عنها وعن أبيها: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا من نسائه قط، ولا ضرب خادمًا قط، ولا ضرب شيئًا بيمينه قط إلا أن يجاهد في سبيل الله"، بل إنه مغاير لمنهج الصحابة رضوان الله عليهم.
ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن حل المشكلات بالضرب وإبراز السلبيات هو مسلك الضعفاء وغير المنصفين الذين لا يديرون الأسرة إدارة حسنة، فضلًا عن تعارضه مع الميثاق الغليظ.
واختتم فضيلة المفتي حواره قائلًا: "إن العنف الأسرى يتعارض مع مقاصد هذه الحياة الخاصة في طبيعتها حيث مبناها على السكن والمودة والرحمة، بل يُهدِّد نسق الأسرة بإعاقة مسيرتها وحركتها نحو الاستقرار والأمان والشعور بالمودة والسكينة، ومن ثَمَّ تحويلها لتكون موطنًا للخوف والقلق والشجار المستمر ونشر الروح العدوانية، فضلًا عن مخالفة هذا العنف لتعاليم الإسلام؛ فقد حث الشرع الشريف على اتِّباع الرفق ووسائل اليسر في معالجة الأخطاء".