الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عظام جمجمة تحت طشت غسيل.. لغز اختفاء الستات في إسكندرية| نوستالجيا

صورة لـ سيدتين عام
صورة لـ سيدتين عام 1920

بلاغ بـ اختفاء السيدات.. هكذا كانت الأوراق، أسماء مختلفة بين السطور ووقائع متشابهة في المضمون، بين اختفاء زنوبة وتغيب لولو مرصعي تعددت البلاغات ودارت الشُبهات حول "سيدة البرُقع والملاية اللف" وراحت الحكاية الأشهر بين البحث والفحص يحاول حكمدار بوليس الإسكندرية فك طلاسمها.

عظام جمجمة بـ شعر رأس طويل أسفل "طشت" غسيل في شارع أبي الدرداء بالإسكندرية.. بداية الخيط الذي التقطه عسكري الدورية وأرسله عبر إشارة إلي يوزباشي قسم اللبان لينكشف بُرقع عصابة خطف الستات في العشرينات.

اختفاء السيدات في الإسكندرية.. من هنا كانت الرواية

الرابع عشر من شهر يناير عام 1920، هنا عروس البحر الأبيض المتوسط، وتسمع بين الأهالي أخبار وروايات، محضر تغيب وبلاغات إختفاء في مختلف الجهات، فهنا بلاغا لـ حكمدار البوليس، وهناك بلاغا لـ وكيل نيابه المحاكم الاهليه، والألسنة تروي وتسرد أساطير وحكايات عن عصابة خطف الستات.

الرواية الأشهر في التاريخ المصري.. الحكاية التي بثت الرعب في روح الأهالي، بدأت تخرج إلي النور في شهر يناير عام 1920، حين تم إبلاغ حكمدار بوليس الإسكندرية بواقعة اختفاء فتاة تدعى نظلة أبو الليل في ربيعها الخامس والعشرون، متوسطة الطول سمراء البشرة ونحيفة الجسد.

ضحايا ريا وسكينة

جلس حكمدار البوليس يستمع لما حدث، وقالت "أم نظلة" إليه.. سيدة ترتدي "الملاية اللف والبُرقع" كانت هنا مع بنتي ومن اليوم ده البنت إختفت وعدى 10 أيام، وفي منزل "نظلة" كانت الملابس التي غسلتها قبل اختفائها منشورة على حبل الغسيل، والشقة لا يوجد بعثرة في محتوياتها، وحينها روت "أم البنت" أمام الحكمدار أن "نظله" إختفت مرتدية "الغوايش الدهب" والخلخال في قدمها والخواتم وحلقها الذهبي في أذنها.

إلى أن أنتهي الحكمدار من بلاغ إختفاء "نظلة".. وبعد مرور قرابة خمسين يوما، جاء البلاغ الثاني أمام رئيس نيابة الاسكندرية الاهلية، والذي حمل بين طياته إختفاء الست زنوبة موسى، وظن زوجها بأن مجهولين خطفوا زنوبة سرقة ذهبها الذي كانت ترتديه، وأنها خرجت من المنزل لشراء المستلزمات، بنهاية البلاغ قال الزوج إنه لديه شكوك حول تورط سيدتان من كرموز بأسماء "ريا وسكينة" في إختفاء زوجته.

ضحايا ريا وسكينة

لم تتجه شكوك البوليس نحو ريا وسكينة.. كذلك لم يتم الربط بين إختفاء زنوبة ومن قبلها نظلة، إلا أن بلاغا ثلاثا ورد أمام وكيل نيابة المحاكم الأهلية في الإسكندرية، من فتاة صغيرة روت فيه قصة اختفاء والدتها زنوبة عليوة "الفرارجية" وحينها وصفتها الفتاة بأن عمرها 36 عام وترتدي بعض المشغولات الذهبية، بل وأكدت في كلماتها على المشاهدة الأخيرة لوالدتها قائلة.. أمي كانت مع ريا وسكينة وبعدها معرفش راحت فين.

وفي توقيت متزامن مع بلاغ باختفاء زنوبة الفرارجية، ورد بلاغ لـ محافظ الإسكندرية حينها من حسن الجنايني، وسرد فيه أنه يقطن بجوار نقطه بوليس المعزورة، وأن زوجته نبوية إختفت من أيام وذلك بعد خروجها مرتدية "الملاية اللف" بـ غوايش ذهبية في اليد وخلخالها في القدم، إلا أنها لم تعود.

ضحايا ريا وسكينة

من هنا راحت الأخبار بين الألسنة والأذن.. روايات في الأسواق، وحكايات في "زنقة الستات" عن خطف نظلة و الفرارجية ونبوية، الأزواج والأمهات يطلبون عدم الخروج من البيوت بالمشغولات الذهبية، والفزع والرعب يجتاح السيدات فيما بينهم، فـ السيدة التي تختفي لا تظهر مجددا وكأنها "فص ملح وداب".

البلاغات لم تتوقف والروايات منها الكثير والكثير، وبوليس الإسكندرية راح يربط جرائم الإختفاء ببعضها البعض، حتى ورد بلاغا جديدا من نجار عن إختفاء زوجته فاطمة العورا "شيخة مخدمين".. في سنها الخمسين طويلة القامة ببشرة قمحية اللون وفاقدة بصر العين اليمنى، ووصف زوجها بأنها خرجت مرتدية الجلباب و"الملاية اللف" متزينة بـ 18 غويشة ذهبية، خلخال ذهبي إلا أنها لم تعود.

ضحايا ريا وسكينة

تعددت البلاغات وضمت الروايات إختفاء "لولو مرصعي" خادمة الخواجة وديع التي لم تكمل بعد ربيعها الرابع عشر، والتي خرجت إلى السوق ولم تعود، وبلاغ بإختفاء فتاة تدعى قنوع عبد الموجود، وأخر باختفاء سليمة "بائعة الجاز" من حارة اللبان، حتى البلاغ الذي سطره اليوزباشي نائب مأمور قسم اللبان، حين أبلغته الست خديجة "السودانية" باختفاء ابنتها فردوس وبرفقتها مصوغات ذهبية تقارب 102 جنيه.

وينطلق يوزباشي قسم اللبان في عنان التفكير والربط بين جرائم إختفاء السيدات في الإسكندرية، ومع تتبع المشاهدات الأخيرة لـ فردوس علم من الأهالي أنها كانت برفقة "الست سكينة" وهو ما تم الربط بينه وبين الاتهامات الموجهة في البلاغات الأخرى إلى "ريا وسكينة"

ضحايا ريا وسكينة

من هنا كانت النهاية.. عظام جمجمة وشعر طويل

وفي ديسمبر من عام 1920.. كُتبت النهاية لـ عصابة خطف النساء، حين أخطر عسكري الدورية، يوزباشي قسم اللبان بالعثور على جثة يعتقد أنها خاصة بإمرأة في الشارع، وهي عبارة عن بقايا عظام وجمجمة يتدلى منها شعر طويل وبجوارها طرحه قماش وفردة شراب سوداء، ويستمع بوليس قسم اللبان لـ "حامل القمامة" قائلا.. أنا لقيتها وأنا بلم الزبالة تحت طشت غسيل قديم.

وداخل قسم اللبان.. حضر رجل يريد التحدث مع اليوزباشي و الكونستابل وقال.. أنا كنت شغال بحفر في أوضة لتوصيل المياه، ولقيت بقايا عظام خرجت من الحائط، ولما كملت حفر طلعت باقي الجثة وجيت أبلغ عن اللي لقيته، وانتقال أحد أفراد البوليس الي منزل الرجل الذي يبعد أمتار عن القسم ليجد البلاغ صحيح.

وهنا كانت النهاية.. الحجرة التي استأجرها الرجل كانت حجرة سكينة، إلا أن مالك المنزل طردها بحكم قضائي واستطرد منزله، وحاولت سكينة بعد ذلك العودة إلا أن صاحب المنزل رفض ذلك بسبب سلوك سكينة والنساء والرجال المترددين عليها، وتم ربط جرائم الاختفاء بالظهور الأخير لـ سكينة برفقة السيدات، مع جثة حجرة سكينة.