ساعات من الصدمة عاشها المصريين بعد حادثة مدينة الإسماعيلية والتي قتل فيها عاطل مواطن بطريقة بشعة مثل فيها بجثته عن طريق قطع رأسه بشاطور وسار بها بين المواطنين في شارع طنطا بمدينة الإسماعيلية بوسط النهار دون أي خوف أو رهبة مما فعل لتصيب هذه الحادثة كل من شاهدها بحالة من الرعب والذهول خاصة عندما أظهرت مقاطع فيديو عدم تدخل المشاهدين للحادثة بشكل كافي لمحاولة منعها فاكتفي البعض بالتقاط الفيديوهات ونشرتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعد وقت قليل من سحل المواطنين للقاتل وتسليمه للشرطة كثرت مطالبات بإعدامه خاصة من أسرة المجني عليه ذات الأصل الصعيدي فيما عرف عن القاتل أنها كان يعمل في بيع الأسماك لكنه اتجه لتناول المخدرات من الاستركس للشابو كما خرج مؤخراً من أحد مصحات علاج الإدمان، لكنه صدرت شائعات بأن المقتول تعدي على أخت القاتل ووالدته التي اختلفت الأقاويل بين وجود صلة سابقة بينهما من عدمها.
بيئة غير سليمة وراء القاتل
وعلق الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، على جريمة مدينة الإسماعيلية التي هزت الشارع المصري بإنه قد كثرت الجرائم البشعة التي لم يعتدها المجتمع المصري مؤخراً، وأن العوامل التي تؤدي لفعل جريمة بهذا النمط الوحشي تعود أولاً إلى النشأة الاجتماعية الخاطئة التي تعتمد في أساسها على التربية العنيفة والتنكيل بالشخص من أهله بجانب النبذ الاجتماعي لشخصه؛ فيلجأ في كبره إلى ما يعرف بـ «إعادة انتاج السلوك» من الجرائم العنيفة بدم بارد وتلذذ كحرق شخص أو إلقاءه من مكان مرتفع بدون أدني تفكير أو رؤية حقيقية لما يفعل.
وأضاف هندي في تصريح خاص لموقع «صدى البلد» أن هناك مجموعة من العوامل النفسية الأخري التي تساعد في تكوين شخصية مجرم عنيف مثل الاحباط، والضغط النفسي، وعدم الانتماء إلى جو أسرة، و الضغوط النفسية والمادية، واعتلال المزاج، وعدم وجود مساندة اجتماعية له، أو تعليم قدر على تهذيب سلوكه، أو يعيش في مناطق عشوائية مزدحمة.
ادمان وسلسلة من الاضطرابات
وأوضح استشاري الصحة النفسية أن القاتل بهذه الطريقة البشعة شخص عدواني لا يفكر سوي في استعمال العنف ولا يمتلك أي حل رشيد للصراعات أو الخلافات، وهو شخص سادي يتلذذ بتعذيب الآخرين بدم بارد، كما أنه شخصية معقدة قد يقدم على قتل شخص لمجرد أنه حرم من نعم لديه، وشخصية سيكوباتية تتفن في التفكير بأعمال العنف وطريقة تنفيذها.
ونوه الدكتور وليد هندي أنه لتناول المخدرات دور رئيس في ممارسة القاتل لجريمه بهذه الشكل العنيف، خاصة أنه أشارت إحصائيات أخيرة إلى أنه ما يزيد عن 20 مليون مصري يتعامل مع المخدرات بين معاطي ومدمن ومستخدم وهي بالتأكيد لها آثار تدميرية على الأشخاص، مثل الغيبوبة الحسية والضلالات وتبلد الإحساس و الانفصام عن الواقع وأعمال العنف الشديد.
وحشية في الفعل وتعظيم الانتقام
وأكد أنه للأدمان دور كبير في مثل هذه الجرائم البشعة التي تدل على انعدام سلوك الانسنة والسادية المفرطة لدي فاعلها، وكذلك الرغبة المتوحشة في الانتقام و المروق على اعراف المجتمع وقوانية وثوابته القيمية، وبوهيمية السلوك، وقد يكون الجريمة بسبب بعض الدوافع الانتقامية، وأبرزها جرائم الشرف، والتي تتسم بوحشية الفعل وتعظيم الانتقام.
وحذر من كثرة الأعمال السينمائية أو الدرامية التي تحث على العنف والتركيز مع الجرائم الشاذة في بعض الوسائل الاعلامية، بل لابد من الإكثار من تقديم الوعظ الديني من حث الناس على التقارب الطيب و عدم اعطاء جميع وقتهم لوسائل «التباعد الاجتماعي» الذي جعلت همهم الأول في حصد الليكات والشير فقط دون الاسراع إلى حل مشكلة كبيرة أو جريمة قد تحدث أمام أعينهم.
أسباب تبلد معظم المشاهدين للحادثة
وأكد أن الشخصية المصرية معروفة على مدار عهدها التاريخي بالإيثار والجدعنة وعدم التردد في مساعدة أي شخص، لكن انتشرت سلوكيات سلبية في الفترة الأخيرة من اللامبالاة واضطراب الهوية والتخلي عن ملامح الشخصية الأصلية التي تحب الخير وكذلك الذوبان في ثقافات لا تشبهنا.
ولفت إلى أنه أصبح الكثيرين أشخاص اتكاليين على الأغلب فيعتمدون في الإنفاق علي غيرهم ويقضون معظم وقتهم في عالم افتراضي على السوشيال ميديا التي لا يتحرك لهم ساكن فيها سوي لليك والشير، لكنها تخلق فيهم جانب من التبلد الاجتماعي تجاه الأشخاص على أرض الواقع، فلا ينهز لهم ساكناً إذا رأوا من يتعرض للأذى، وكذلك الأشخاص المدللين بزيادة تعودوا على اجابة طلباتهم فقط وعدم الإحساس بأدنى مسؤولية تجاه الآخرين.
وأشار إلى أنه هولاء الأشخاص إما أن يكونوا من الشخصيات النرجسية التي لا تفكر سوى في نفسها أنا ومن بعدي الطوفان وما ليش دعوة بأي مجرم أو شخصيات سوداوية تحمل غيرة وتفرح في الحاق أي أذي بغيرها إضافة إلى نوعية من الأشخاص لا يحركهم سوي هوس التريند والشير والذي يعطي لهم في الظاهر دعم نفسي زائف في عالم افتراضي بيعداً عن أرض الواقع.