الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشاعر رجب الصاوي: اختيار فؤاد حداد للهجة العامية انحياز للبسطاء

الشاعر رجب الصاوي
الشاعر رجب الصاوي

تمر اليوم ذكرى ميلاد الشاعر الكبير فؤاد حداد، فبفضل شعره الذي كتبه ارتقى الحس الجمعي لدى كافة أطياف الشعب، فقد انحاز حداد إلى الفلاحين والعمال، من خلال استخدامه  للهجة العامية، ومناقشة همومهم التي عانوا منها خلال حياتهم.

 

الشاعر رجب الصاوي، في حديثه لـ"صدى البلد" قال: 
"فؤاد حداد شاعر كبير
قدر يطلع من عذابه حرير
ونسج لكل الدنيا أشعاره
وملاها نور وعبير" 


إذ أكمل الصاوي حديثه والذي قيم خلاله تجربة فؤاد حداد وقال: "حين نقيم تجربة الشاعر فؤاد حداد، فهو في رأيي أهم صفة فيه هو أنه مُلهم وملهَم، فلو نظرنا لشعر العامية فهو من وجهة نظري قد بدأ مع النيل، ومنذ أن بدأ الإنسان المصري في الغناء للحياة وللوجود، وللشمس والقمر، والحزن والأفراح، فهذا كله يعد تراثا لشعر العامية، ولو أن النيل يتحدث لتحدث هو الأخر عن هذا التراث، فقد استلهم حداد هذا التراث في شعره، وكان يبحث بعين محبة، على العناصر الإيجابية والجميلة في هذا التراث، وقد استطاع أن يعيده ويكتشفه من خلال رؤية جديدة للعالم والكون من حوله، وكأنه كان يود أن يحيي الوجدان والإنسان المصري، فاستلهام التراث كان منهجا مهما في شعره، وخاصة المواويل فتراثنا، مليء بهذه المواويل، وهي  تعبر عن أشجان الناس وشكواهم، وقد فعل حداد الأمر نفسه، كي يتماهى مع الروح المصرية، وفي نفس الوقت استطاع أن يضع مناهج في الكتابة استلهمتها الكثير من الأجيال بعده، فقد تأثروا به، لذلك عندما نقيم تجربته الآن، فهو قد أحب بلده بصورة كبيرة، وهو إنسان عظيم، وأتمنى أن يصل هذا الحب لكل المصريين.

ويضيف الصاوي: شعر العامية بدأ منذ سنوات بعيدة قبل فؤاد حداد نفسه، فلا يمكن أن ننفي المواويل القديمة أو الشعر الشعبي القديم، فقد بدأ الشعر الشعبي منذ قرون طويلة، لكنه بعد ذلك امتد إلى أن وصل إلى خطيب الثورة العرابية عبدالله النديم، فأهم مرحلة من وجهة نظري بعد عبدالله النديم، هي مرحلة بيرم التونسي، وهو أستاذنا وأستاذ فؤاد حداد نفسه، فبيرم هو المعلم الأكبر، لأنه وصل إلى تخوم شعر العامية المصرية، فأنا أعتبره شاعر عظيم جدا، وهو أستاذ لكل الأجيال.

 

روح الشعر

وأما بالنسبة للفترة التي قضاها حداد داخل المعتقل، فهذه الفترة أثرته بشكل كبير، وأغنت شعره، رغم قسوتها وقد جعلته أكثر عمقا وهذا باعترافه، فهناك الكثير من التجارب الضخمة التي يمر بها الشاعر خلال حياته، هي التي تغذي روح شعره، فقد كان طوال الوقت يتحدث عن آمال وطموحات الناس رغم ما عاناه خلال حياته، لذلك فحداد لم يختر اللهجة العامية بشكل عشوائي ولكن اختيارها كان انحيازا للفقراء وللبسطاء، في وطنه، فرغم ما عاناه إلا أنه كان دائما ما يمنح الأمل للناس، وهذه صفة عظيمة في أي شاعر كبير، فبعد هزيمة ١٩٦٧ كتب ديوان :"من نور الخيال وصنع الأجيال في تاريخ القاهرة" وكان هذا الديوان دعوة للأمل والتفاؤل وأن مصر سوف تستعيد قوتها مرة ثانية بفضل أبنائها.

 

أزمة العامية والفصحى

يتحدث الصاوي عن أن شعر العامية هو روح مصر، فحداد هو من حفر نهر شعر العامية في مصر وهذه المهمة لم تكن بسيطة، ففؤاد كان بسيط وعميق، فالمسحراتي على سبيل المثال أتذكر أنها كانت دائما ما تبعث داخلي الأمل، فلا يوجد شاعر بعث داخل طفل صغير هذا الإنجاز، وبالإضافة إلى ذلك فلا يوجد شيء اسمه عامية أو فصحى، فنهر الإبداع واحدة، أما الأدوات فهي مختلفة ومتعددة، فالفنان هو من يختار الآداة المناسبة لمشاعره ولحالته ولرؤيته الخاصة، فقد أبدع حداد بالفصحى والعامية، وقد كان طوال الوقت حتى في عاميته فصيحًا، وقد كانت لغته يفهمها كل العرب وهي لم تكن أصلا بعيدة عن الفصحى إلا قليلا، فقط كانت مُسكنة، أما الفصحى فهي مشكلة أو معربة، أما من ينظرون إلى اللغة الفصحى بأنها لغى أدنى، فأنا أعتقد أن عندهم نقص معرفي خطير.