أصبح العمل على تصنيع أو إصلاح الوابور أحد المهن المندثرة في مصر، بعد سنوات طويلة من اعتماد المصريين عليه في الطهي قبل ظهور الأجهزة الأحدث، فـ "الوابور" أو "البابور" هو أداة الطهي القديمة التي كانت جزءا أساسيا من مطبخ كل منزل مصري، وهي عبارة أنبوب معدني ذو فوهة نارية وشاع استخدامه قديما في اعمال الطهي.
العهد العثماني
يرصد «صدى البلد» قصة وجود الوابور في مصر واختفائه، والوابور يعني الموقد الذي يعمل باستخدام الجاز، أو الكيروسين، وله مسمى ثالث وهو "الدافور"، ويرجع أصله إلى العهد العثماني وكان يطلق على القطار الذي يعمل بالبخار ولكن بمرور الوقت أطلق الناس هذا الاسم على جهاز الطبخ الذي يعمل باستخدام الكيروسين.
والبابور أو الوابور هي في الأصل كلمة إيطالية وقيل أيضا أنها فرنسية، ويقول عاطف عبدالرحمن: "احلى ايام - زمن البساطه والقناعه - علما وابور الجاز كان لدي الطبقه المتوسطه وفوق المتوسطه - اما الفلاح كان يستعمل الحطب والقش وروث الماشية (الجلة) بعد تجفيفه على السطح علي هيئه أقراص مستديرة وتخزن على السطح لحين استعمالها".
ويتم بيع وابور الجاز حتى الآن رغم وجود العديد من أجهزة الطهي وتسخين الطعام، ولكن يُباع باعتباره تحفة أو أنتيكة، ومنها وابور الجاز النحاس الأصفر ماركة "بنس الأصلي" والتي تعد أشهر ماركات الوابور قديما.
أغاني الوابور
تغنى بالوابور الكثير إذ غنى الفنان الراحل محمد عبدالوهاب لـ "الوابور" والذي يعرف بأنه "مكنة القطار" وتعرف أيضا باسم "الدافور"، وغنى له الفنانة محمد عبدالوهاب قائلا: "يا وابور قول لي رايح على فين.. يا وابور قول لي وسافرت منين".
كذلك وفيلم لعبه الست للراحل العظيم نجيب الريحاني الذي جسد شخصيه حسن وابور الجاز يعتبر فيلم وثائقي لتسجيل هذه الفتره الزمنيه وتصوير روعه وجمال تصميم محل بريموس المتخصص في بيع وابور الجاز، أما الآن فإن وابور الجاز يتم إستخدامه إكسسوار يوضع للزينه أو قطعه أثريه كأنتيكه يتم تجميل البيت بها.
بريموس أصل الوابور
كان قد ظهر بابور الجاز لأول مره عام ١٨٩٢ عندما إخترعه المهندس السويدي فرانس ويلهلم وقام مصنع بريموس السويدي بتصنيعه وكلمه بريموس تعني باللغه السويديه موقد لذلك كان يسمي وابور بريموس.
ووفقا للباحث حنفي محمود، أحدث إختراعه ثورة في عالم الطهي والتدفئه والنظافه والإناره وظل بابور الجاز مستورد من السويد حتي عام ١٩٧٠، وأصبح محل بريموس بميدان العتبه بالقاهره أصبح المركز الإقليمي الوحيد لتلك الماركه بمنطقه الشرق الأوسط.
وكان يتم إستيراد بابور الجاز علي هيئه قطع يتم تركيبها بالقاهره والأقاليم ثم تباع داخل مصر وخارجها كالدول العربيه والإفريقيه، وفي سنة ١٩٧٠ تم التعاقد علي إنشاء مصنعين لتصنيع بابور الجاز بريموس في مصر وتم التصنيع في مصر بمقاسات مختلفه كما تم تصنيع نوعين أحدهما بدون صوت وكان يسمي “العده السكاتي” والآخر بصوت عال.
الوابور والسمكري
ويتكون وابور الجاز من خزان يملأ بالكيروسين (الجاز) وهذا الخزان به ثلاثه فتحات فتحه لملئ الخزان بالجاز عن طريق القمع وفتحه يدخل بها الكباس الذي يضخ الهواء لداخل الخزان ولا يسمح بخروجه وهذا الهواء يقوم بالضغط علي الكيروسين الساخن الذي تحول إلي بخار ليندفع في الفتحه الثالثه التي يركب عليها ما يسمي برأس الوابور أو العدة.
وبها ثلاثه مواسير ساخنه يندفع منها بخار الكيروسين ليصل إلي ما يسمي بالفونيه وهي قطعه من النحاس بها ثقب صغير يندفع منه بخار الكيروسين ليصل ألي الطربوش ويتم إشتعاله، وكانت توجد ما يسمي بإبره الوابور وهي عباره عن سلك صلب رفيع مثبت بقطعه من الصاج تستخدم في تسليك الفونيه عندما تسد بسبب الشوائب الموجوده بالجاز وتم إختراع أبره وابور أحد طرفيها سلك التسليك والطرف الآخر ماده تشعل الوابور عندما ينطفئ وهو ساخن وكان البائع ينادي عليها ويقول كده تسليك وكده توليع.
وعندما يتعطل الوابور كان يتم الذهاب به إلي مصلح وابور الجاز وهو عاده يكون في محل صغير يطلق عليه “سمكري ” وكان يقوم بتصليح الوابور ويقوم بتغيير القطع التالفه وإستبدالها بقطع جديده كالكباس أو العده كما يقوم بلحام الخزان والأرجل التي عاده ماكانت تكسر وهذه المهنه كانت من المهن الهامه فلا يخلو بيت من وابور أو أكثر.\
صوته لنوم هادئ
ويروي أنه من ضمن الفكاهات التي كانت تقال أنه يوجد بعض الأشخاص لا يمكنهم النوم إلا علي صوت الوابور، ومازالت محلات بريموس موجودة حتي الآن حيث إشترط صاحبها قبل بيعها عدم تغيير النشاط (الأدوات المنزليه ) أو الإسم.
واندثرت هذه المهنة الان، وكان تابع لوجود وابور الجاز مهنه أخري هي مهنه بائع الجاز وكان البائع يمر في شوارع البلده بعربة عبارة عن فنطاس وفي آخره حنفيه وقد يقوم هو بجر العربه أو يجرها حمار وكان معه معيار يسمي الجالون سعته لتر يستخدمه في البيع يملأه ويصب في إناء المشتري.
ومن نوادر عمل الوابور كان الجاز قليلا في الخمسينات فكانت الدوله توزع أوراق "كوبونات| علي بطاقه التموين كل بطاقه حسب عدد أفرادها، ومهنه بائع الجاز أيضا من المهن التي إندثرت إذ كان وابور الجاز شئ أساسي في جهاز العروسه كالبوتاجاز الآن.