الربا..مفهوم الربا يعجز البعض عن فهمه، لذا يجب أن نعرف تعريف الربا، وحكم الربا في الإسلام، وأنواع الربا، الحكمة من تحريم الربا.
تعريف الربا
تعريف الربا.. قال علي جمعة: "سيدنا عمر بن الخطاب، ورد عنه أنه قال "تمنيت لو أن رسول الله حدثنا في الربا" أي حديثا قاطعا، فسيدنا عمر لم يفهم الربا جيدا، والأئمة الأربعة قالوا إن علة الربا تعبدية، ولم يعلموا هويتها، لان المشركين قالوا كما ورد القرآن الكريم "ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا".
وذكر أنه من الناحية الإقتصادية الاثنين سواء، فمثلا "شخص عنده ثلاجة وجاءه شخص ليشتريها منه بألف جنيه، فطلب المشتري الدفع بالأجل، بزيادة على السعر قدرها 1200" ومن الناحية، الأخرى "شخص عنده ثلاجة وعرضها للبيع بألف جنيه، فذهب المشترى، لمؤسسة يأخذ منه الألف جنيه ويسدده 1200 جنيه، وذهب للبائع ودفع له الألف جنيه ليشتري الثلاجة".
وتابع: بالقياس هنا الحالتين مثل بعضهما، ولكن الأولى بيع حلال، والثانية، ربا حرام، منوها أنه بالتعمق في عموم الناس وتفسير المسألة المتعلقة بحالة الربا، وجدنا أن سحب 1000 جنيه ذهب وردهم 1200، هنا نكون بعنا 1000 وحدة، مقابل 1200، وهذا يؤدي إلى مشكلة كبيرة في السوق، فالألف جنيه، بيعت 1200 ، فلم تعد قيمة الألف جنيه ثابتة، وأصبحت مع الزمن 1200، وهنا يكون معيار المقياس للأسعار في السوق يرتفع 200 جنيه على الألف أي بنسبة 20%، وهو مايعرف الآن بالتضخم، والمتضرر في التضخم هم الفقراء.
ولكن الإسلام دائما ما ينظر إلى الفقراء، فأوجب لهم في أموال الأغنياء 2,5% ومن ناحية أخرى حرم معاملات الربا، حتى يثبت الأسعار ولا يحدث التضخم في النظام النقدي.
حكم الربا في الإسلام
وردت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسّنة النّبوية تحذّر من الرّبا وأخطاره العظيمة على المجتمع، وآثاره، ومنها: قال الله سبحانه وتعالى: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، سورة البقرة،275 ، وقوله سبحانه: «وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ»، سورة الرّوم، 39.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: «لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: آكل الرّبا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه»، وقال: هم سواء. رواه مسلم، وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مُقَدَّسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر ورجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه، فَرُدَّ حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر آكل الرّبا»، رواه البخاري .
أنواع الربا
قُسّم العلماء الربا إلى عدة أنواع وهي على النّحو التالي:
الأول: ربا الفضل وهو: الزّيادة في مبادلة مال ربويّ بمال ربويّ آخر من نفس جنسه.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: «لا تبيعوا الذّهب بالذّهب، إلا مثلًا بمثل، ولا تَشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الوَرِق بالورِق إلا مِثْلًا بِمِثْلٍ، ولا تَشفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز» رواه البخاري والمقصود بالنّاجز أي الحاضر، وبالغائب أي ما هو مؤجّل.
والنوع الثانى: ربا النسيئة وهو: تأخير القبض في بيع كلّ جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، وقيل أنّ ربا النّسيئة هو: بيع الرّبوي بجنسه نسيئةً، وقيل هو أيضًا: هو تأخير القبض في بيع الرّبوي بالرّبوي، سواءً أكان من جنسه أو من غير جنسه، إذا اتفقا في العلة.
والنوع الثالث: بيع العينة وهو: أن يبيع شيئًا من غيره بثمن مؤجّل ويُسلِّمه إلى المشتري، ثمّ يشتريه قبل قبض الثّمن بثمن نقد أقلّ من ذلك القدر.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزّرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذُلًاّ لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» رواه أبو داوود.
الحكمة من تحريم الربا
وقال الإمام محمد متولي الشعراوي، فى تفسيره للآية الكريمة، إن المقصود من النداء فى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»، هم المؤمنين لأن الإيمان هو السبب الموجب لامتثال الأمر واجتناب النهى، فنهاهم الله عن أكل الربا أضعاف مضاعفة وهذا ما اعتاده أهل الجاهلية وغيرهم أنه إذا حل الدين على المعسر ولم يستطيع السداد يُزيد له فى المدة على أن يأخذ مقابلها زيادة فى المال .
وبين الشعراوى أن المراد من قوله تعالى: «لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً» أن هذا القول فيه تنبيه على شدة شناعته بكثرته، والربا هو زيادة في المال فهو يؤكل لأن كل المسائل المالية من أجل اللقمة التي تأكلها، والأضعاف هي الشيء الزائد بحيث إذا قارنته بالأصل صار الأصل ضعيفًا .
وتابع: «فمثلًا عندما يكون أصل المال مائة وسيؤخذ عليها عشرون بالمائة كفائدة فيصبح المجموع مائة وعشرين فالمائة والعشرون تجعل المائة ضعيفة وهذا هو معنى أضعاف»، مشيرا إلى معنى كلمة «مُّضَاعَفَةً» إننا سنجد أن المائة والعشرين ستصبح رأس مال جديدًا وعندما تمر سنة ستأخذ فائدة على المائة وعلى العشرين أيضا فالأضعاف ضوعفت أيضًا وهذا ما يسمى بالربح المركب.