هل انتهت الأزمة الكورونية وراح زمنها وولى،.. أم أن الخوف من الوباء تبخر في الهواء، وكأنه ما كان؟!،.. أقول هذا الكلام بمناسبة ما نشهده في المواصلات العامة.. المحال التجارية.. جهات العمل المختلفة وغيرهم من الأماكن التي تتجاهل كافة الإجراءات الاحترازية الوقائية لهذا الفيروس المميت.. نعم .. مميت.. فرغم أننا لم نصل بعد إلى ذروة الموجة الرابعة من الجائحة الكورونية إلا أن هناك زيادة في أعداد الإصابات والوفيات وفقاً لأرقام الرصد اليومي لوزارة الصحة، وهو ما أكده الدكتور عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية..
والغريب أنك لو تحدثت مع أحد الضاربين عرض الحائط بالكحول والكمامة عن مخاطر ما يعرضون أنفسهم وأهاليهم والمجبرين على التعامل معهم بلا حول لهم ولا قوة نلت منهم ردات فعل لها العجب،.. فهذا يباغتك بنظرة سخرية مردداً معلومات ليس لها أساس عن ذهاب كورونا لحال سبيلها،.. وتلك تفاجئك بمفاهيمها المغلوطة بين التوكل والتواكل قائلة "خليها على الله".. وهؤلاء يعلنون عن عدم حاجاتهم لأي من الإجراءات الاحترازية بحجة تلقيهم اللقاح!.. غافلين أو متغافلين عن ما ينشر على مدار ال24ساعة بصفحة وزارة الصحة، وتتناقله جميع وسائل الإعلام حول ضرورة ارتداء الكمامة وأتباع جميع الإرشادات الوقائية حتى بعد أخذ اللقاح..
وبعيداً عن وزارة الصحة وكلام الأطباء،.. دعوني أحدثكم عن تجربتي الشخصية مع الأزمة الكورونية،.. لن أعيد ذكريات مره لرحيل أصدقاء وزملاء أعزاء متأثرين بمضاعفات الفيروس اللعين، ولا أتكلم عن أقرب الناس اللذين أصابهم المرض رغم تلقيهم اللقاح.. لكن أسمحوا لي أصارحكم بوجع أعانيه منذ 9شهور بالتمام والكمال مرت أيامهم ولياليهم وكأنهم 99عام!.. فقد أصبت باشتباه كورونا في شهر فبراير الماضي، وسرعان ما عزلت نفسي وأخذت برتوكول العلاج.. ولا أنكر أن الأعراض التي أصابتني تكاد تكون أخف من أي نزلة برد سبق وتعرضت لها، لكن للأسف جاءت مضاعفاتها أوجع من أشد الحالات الكورونية.. فبين ليلة وضحاها، فقدت حاسة الشم، وفشلت جميع الوصفات الطبية في إعادتها!.. ومن يعرفني جيداً يعلم أن ذلك المسمى بعصب الشم كان مصدر سعادتي الوحيد.. فلو أردت الكتابة عن الحب لابد أن استنشق عطر مرتبط بأحلى الذكريات وإلا خانني القلم، وإذا حاولت نسيان جرح ذهبت لأقرب محل زهور علني استنشق رحيق الفرح في أي من وروده.. باختصار،.. نجوت من المرض وفقدت رائحة كل حلو.. وليت الأمر توقف عند هذا الحد بل ازدادت الكارثة مع إصابتي بما يسمونه "الباراسوميا" التي لا يستطيع أحد الشعور بمقدار أهوالها.. وحدهم من نجوا من هذا الوباء الفتاك يمكنهم استيعاب ماهية المعاناة جراء "هلاوس شمية" كفيلة بكراهية ضحاياها لمعظم أصناف الطعام والشراب، لما تسببه من روائح عفنة لا وجود لها إلا في أنوفهم فقط!..
أعزائي غير المعنيين بالموجه الرابعة من الجائحة الكورونية،.. الوباء لم ينتهي بعد، واللقاح لازم وضروري لحمايتنا من مضاعفات المرض اللعين.. لكن القضاء على كوفيد يعتمد على رغبة الشعوب، وذلك باستخدام الأدوات الصحية المتاحة بشكل فعال على حد قول مدير منظمة الصحة العالمية..
وأخيراً وليس بآخر،.. الدولة قامت بمجهودات لا تعد ولا تحصى للتصدي لتلك الجائحة، ووفرت جميع أنواع اللقاحات الواقية، يبقى دوري أنا وأنت ونحن في تلقي التطعيم، وأتباع الإرشادات الاحترازية للحفاظ على ذاتنا وناسنا وكل متعامل معنا.. "اللهم أني بلغت اللهم فأشهد"..