الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإفتاء تقود حملة لتصحيح المفاهيم في بلاد البلقان .. وعلام: لدينا مسئولية مشتركة في حماية السفينة من الخرق .. صور

الدكتور شوقي علام
الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية

- الإفتاء: 

نعمل على تعميق التعاون وتفعيل الحوار بين مصر والبوسنة

 - التصدي للفتاوى التي يتم استخدامها كأداة للهدم

- إسكات الأقلية المتطرفة ونشر المنهج الصحيح

 

حمل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال جولته الأولى إلى بلاد البلقان مهمة خاصة باعتبارها الزيارة الأولى لمفتٍ مصري، حيث واصل "علام" زيارته إلى العاصمة البوسنية سراييفو، التي تأتي بدعوة من الشيخ حسين كفازوفيتش رئيس العلماء والمفتي العام للبوسنة والهرسك وتستمر لعدة أيام، عقد اللقاءات المختلفة منها الجالية المصرية، رئيس غرفة الشعوب بالبرلمان، عضو مجلس الرئاسة، ورئيس المجلس التشريعي للمشيخة الإسلامية بالبوسنة، إلى جانب محاضرة بكلية الدراسات الإسلامية.

تدريب أئمة البوسنة

وفي لقاءٍ جمع الدكتور شوقي علام، اليوم، مع صافت سوفيتش، رئيس المجلس التشريعي للمشيخة الإسلامية بالبوسنة والهرسك، قال المفتي: "إن مصر تربطها علاقات دينية طيبة بالبوسنة والهرسك، وعندما عقدنا أول مؤتمر أنشأنا بعده الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، كان للبوسنة تمثيل مشرف وحضور كبير في الأمانة، حيث انضمت البوسنة ممثلة في الشيخ حسن كازوفيتش والشيخ مصطفى سيرتش".

وأعرب المفتي عن امتنانه للتطورات الإيجابية في البوسنة والهرسك، بما يدل على أن المواطن البوسني قادر على تجاوز الصعوبات ومواجهة التحديات.

كما أكد المفتي أن التواصل والتعاون مهم في الفترة القادمة بين المؤسسات الدينية في البلدين، منوهًا بقيامه بدور كبير في تعميق الحوار بين البلدين وتدريب أئمة البوسنة في دار الإفتاء المصرية، مشددًا على أن الفتوى تعد أداة لتحقيق الاستقرار في المجتمعات؛ كونها محركة وموجهة إلى البناء والعمران، أو قد تكون سببًا في الهدم، ودورنا أن نتصدى للفتاوى التي يتم استخدامها كأداة للهدم.

وأضاف المفتي أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم علمنا أن نعيش في سفينة واحدة، وأن لدينا مسئولية مشتركة في حماية هذه السفينة وعدم خرقها حتى لا نهلك جميعًا.

تهميش الفكر المتطرف

وقد أعرب صافت سوفيتش، من جانبه، عن تقديره لزيارة المفتي للبوسنة والهرسك، ناقلًا امتنانه لهذه الزيارة بصفته رئيسًا للعلاقات الخارجية بالبرلمان ورئيس المجلس التشريعي، حيث قال: "أنتم ضيف لجميع الشعب، وزيارتكم سوف ترسل إشارات إيجابية نحو دفع العلاقات الثنائية -خاصة في المجال الديني- إلى الأمام".

كما أكد أن لديهم مسئولية أخلاقية لتهميش الفكر المتطرف، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية بما لديها من خبرات كبيرة تمتلك القدرة على إسكات الأقلية المتطرفة ونشر المنهج الصحيح.

علاقات دينية تاريخية

كما سلط المفتي خلال لقائه اليوم، شفيق جعفروفيتش، عضو مجلس الرئاسة عن البوشناق في مقر الرئاسة، الضوء على علاقات الصداقة التي تجمع البلدين وأنها سوف تشهد طفرة كبيرة، ناقلًا تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي للبوسنة حكومة وشعبًا.

وأوضح المفتي أن هناك علاقات دينية تاريخية طويلة بين البوسنة ومصر، مشيرًا إلى أن رؤساء العالم والمفتين في البوسنة هم من خريجي الأزهر الشريف، وتربطنا بهم علاقات طيبة، مؤكدًا أن علماء البوسنة يمثلون نقطة ضوء كبيرة، وأن مصر لديها الكثير لتعطيه لدول العالم من خلال الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية. 

وأعرب مفتي الجمهورية عن اعتزازه بطلاب البوسنة والهرسك وحرصهم على التعلم الديني، مثمنًا التعاون مع البوسنة في هذا الإطار.

 الفتوى أداة للاستقرار والتحضر

وأكد المفتي أن الفتوى أداة للاستقرار والتحضر والتقدم، ولكي تؤدى هذا الدور لا بد من التأهيل الحقيقي لمن يتولى الإفتاء، موضحًا أنه قبل صدور أي فتوى لا بد من وجود معايير واضحة، أهمها الحفاظ على استقرار المجتمعات، وكذلك وحدة المجتمعات، وخصوصية المجتمعات، لافتاً إلى إنشاء الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم في عام 2015، لتكون قِبلةً جامعةً لمؤسسات وهيئات الفتوى في العالم، مشيرًا إلى أن البوسنة والهرسك حاضرة بقوة في الأمانة من خلال أعلامها ممثلين في الشيخ حسين كافازوفيتش والشيخ سيرتش، قائلًا: "نستطيع أن نتعاون معًا للحفاظ على شعوبنا".

التعددية والتعايش السلمي

وقال علام: إن شعب البوسنة يعبر عن شخصية المسلم الحقيقي، متطرقاً إلى قضية التعددية والتعايش السلمي، وذكر منها التجربة المصرية، وأشار إلى أن تجربة الدولة الإسلامية في عصر الرسول هي تجربة قديمة منذ فتح مصر، والمصريون سواء أمام القانون منذ دستور عام 1923، مشيرًا إلى صدور قانون جديد موحد لدُور العبادة، وأنه عند بناء العاصمة الإدارية الجديدة، كان الرئيس السيسي حريصًا على بناء المسجد إلى جوار الكنيسة، وهذه السماحة تعلمناها من رسول الله، وهى أيضًا رسالة للمسلم كي ينطلق ويتعايش ويدير حوارًا إيجابيًّا مع الآخر.

وتابع: علينا أن نظهر الإسلام بصورة حضارية، فالرسول كان نموذجًا للتعايش في مكة، وعند هجرته وضع وثيقة المدينة المنورة للتعايش، مشيراً إلى أنه عندما يصدر فتوى يضع في اعتباره أننا نريد الإسلام في صورته الحضارية، وليس كما تريد الجماعات المتطرفة. وأكد فضيلته أن مصر اتخذت المنهج الإسلامي في التعايش، وتصدت للأفكار المتطرفة وتحصين الشباب. وتابع قائلًا: في 2014 أنشأنا أول مرصد لرصد الأفكار المتطرفة، يعمل على مدار الساعة، وأصدرنا من خلاله ما يزيد عن 600 تقرير كلها تناقش المفاهيم المتطرفة.

وأكد المفتي خلال لقائه أننا أمام مسئولية كبيرة تحتاج إلى التعاون الدولي لمواجهة التطرف، ومصر تكافح التطرف نيابة عن العالم كله، ولم تقف عند هذا الحد، بل أطلقت مبادرات البناء والتنمية، ومكافحة الفقر والجهل والمرض، نحو: مبادرة حياة كريمة، وغيرها من مبادرات صحية واقتصادية أيضًا. ونبه مشددًا: علينا كعلماء أن نقوم بمسئوليتنا كاملة.

كما أوضح أن هذه الزيارة التي يقوم بها تعطي الدافع لتعزيز التعاون بين دار الإفتاء المصرية والمشيخة الإسلامية في البوسنة، خاصة في مجال التأهيل والتدريب وبناء القدرات.

 مصر بلد مهم

من جانبه، أكد عضو مجلس الرئاسة البوسني جعفروفيتش، متانة العلاقات المتبادلة بين البلدين، متطلعًا إلى مزيد من الدفع بالعلاقات الحالية نحو المستوى المطلوب على كافة الأصعدة، وأن مصر بلد مهم بالنسبة للبوسنة والهرسك، مثمنًا تحقيق مصر تقدمًا حضاريًّا في شتى المجالات، وتشوف لتقوية مجالات التعاون.

وأضاف جعفروفيتش أن البوسنة دولة متعددة الديانات والأعراق، وجميع المسلمين فيها يوقرون الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن الكثير منهم تلقى العلوم داخل أروقته. كما أوضح أن الإسلام في البوسنة يمتد لعصور، ويتناغم مع البيئة التي نعيش فيها، والدليل على أن الإسلام هنا مقبول وموجود هو بقاؤه على مر هذه العصور، مؤكدًا أن المسلمين هنا جزء من الأمة الإسلامية.

خطوة لضبط الفتاوى

 وقال جعفروفيتش بدوره: إن تأسيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أمر يحظى بقبول عالمي، وهو خطوة لضبط الفتاوى، مشيرًا إلى أن البوسنة والهرسك بلد أوربي يسعى للانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوربي، معربًا عن رغبتهم بالدخول في هذه التحالفات مع حفاظهم على الخصوصية الثقافية والعرقية والدينية. 

كما ألمح إلى تحقيق البوسنة معادلة للتعايش السلمي مع الآخرين، موضحًا أن المشيخة الإسلامية قامت بدَور مهم للحفاظ على الاستقرار، وأنهم معتزون بإسلامهم وتقاليدهم الإسلامية، وأن لديهم اليوم دولة مستقلة تتعايش مع الشعوب والأعراق الأخرى، مؤكداً أن الدين لديهم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأزهر الشريف، معتبرين جامعة الأزهر جزءًا من تقاليدهم.

 رمانة ميزان الشرق الأوسط والعالم 

وفيما يخص علاقات البلدين قال: إن مصر بلد مهم، وهو يمثل رمانة الميزان في الشرق الأوسط والعالم ككل، معرباً عن أمله في البحث عن سبل وطرق للاستفادة المتبادلة بين البلدين قائلًا: يجب أن نسعى بكل ما أوتينا من عزم للتقارب فيما بيننا، ولا بد أن نتجاوز أي صعوبات في سبيل ذلك.