يعمل المترجم الدكتور أنور إبراهيم، أستاذ الأدب الروسي، خلال الفترة الحالية على مشروع أدبي يخص "الأدب الروسي في المنفى".
وقال أنور إبراهيم لـ"صدى البلد"، إن ما جعله يبدأ في هذه المشروع تحديدا، أنه في بداية القرن الـ٢٠ قامت ثورة ١٩١٧، وكان الجيل الكبير من الكتاب الروس وقتها، أو ما نطلق عنهم نحن بـ"الجيل الذهبي" رحلوا ولم يلحقوا بالثورة، وظهر بعدهم جيل جديد من الكتاب والشعراء، وظهرت عدة مدارس أدبية جديدة؛ منها الرمزية والمستقبلية، وغيرها الكثير، وهذا الجيل من الشباب كان جيل مبشر جدا في الكتابة، إذ استقبلوا الثورة استقبالا حافلا باعتبار أنهم سيتمتعون بقدر من حرية التعبير، بجانب القدرة دخول مجالات جديدة، وإنشاء مدارس أدبية وفنية، فخلال هذه الفترة ظهر رسامين كبار أمثال، فاسيلي كاندينسكي، والذي أسس التجريدية.
ولكن ما حدث بعد ذلك أن هذا الجيل، دخل في صدامات كبيرة مع الثورة لأنها وضعت معايير متناقضة ومعادية، مع الأهداف التي أرداوا تحقيقها من خلال المناخ الذي حلموا به، وانتهي الأمر بانتحار بعض الكتاب والشعراء في النهاية والذين قرروا البقاء داخل روسيا.
وأما المجموعة الثانية من الكتاب فقد قرروا الرحيل عن روسيا، وهاجروا، إذ كانت هناك ثلاثة "موجات" تمت خلالها تلك الهجرة، فالبعض ذهب إلى براغ، وبعدها تحولوا من براغ إلى برلين؛ ثم في ثلاثينيات القرن الماضي ومع صعود النازية في ألمانيا، قرروا المغادرة بسبب صعوبة العيش هناك، وانتقلوا في النهاية إلى باريس، وهناك كونوا جالية كبيرة للغاية، حوت بداخلها كتاب ومبدعين، ومهندسين، ومعماريين، والمثقفين الروس في شتى المجالات، وقد حققوا إنجازات كبيرة في باريس، وحرصوا على إصدار دوريات ومجلات، ودور نشرة مختلفة، وهو الأمر الذي أدى في النهاية إلى وجود حركة ثرية للغاية لهؤلاء في المنفى.
وبالإضافة إلى ذلك فقد ظهرت تناقصات أحيانًا بينهم وبين بعضهم، إذ كانت هناك حالة من النوستالجيا للوطن، وفكر البعض منهم العودة بالفعل، وبعضهم استقروا هناك في فرنسا والبعض الأخر لم يتمكنوا من العودة إلى وطنهم روسيا، مثل الكاتب "إيفان بونين" فرغم حصوله على جائزة نوبل إلا أنه لم يستطع أن يعود إلى وطنه في النهاية.
ينهي أنور إبراهيم حديثه ويقول إن المناخ الذي عاشوه في منافهم كان يسمح لهم بالإبداع، وبخلق جدلية فيما بينهم، فكثير من كتبهم، منعت من الدخول إلى الاتحاد السوفيتي خلال هذه الفترة.