"في غرفة كبيرة تفوح منها رائحة قوية جدا، دخلت في زحام شديد فوجدت نفسي أخيرا أمام جثة الزعيم الليبي معمر القذافي وبجانبها جثتي ابنه وحارسه الشخصي الرئيسي"، هكذا يصف الصحفي الفرنسي ألفريد دي مونتسكيو اللحظات الأخيرة في حياة القائد الليبي الراحل معمر القذافي، وذلك بعد 10 سنوات على مقتله.
نشرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية شهادة الصحفي ألفريد دي مونتسكيو الذي دخل الغرفة التي نقل إليها جثمان القذافي بعد يوم من مقتله، وعايش الأحداث واستمع لشهادات من كانوا قرب موقع الجريمة.
يقول الصحفي إنه قبل يوم من اغتيال القذافي، وتحديدا في 20 أكتوبر 2011، غادر رتل من نحو 40 سيارة مدينة سرت الساحلية، آخر معقل موال للقذافي على أمل اقتحام صفوف الثوار في حين لا يزالون نائمين.
وتوجه المراسل الذي كان يعمل في مجلة "باري ماتش" إلى مدينة سرت عقب مقتل القذافي مباشرة، وفقا للصحيفة.
ويوضح ألفريد "أطلق العنان لليبيين في ذلك اليوم"، وشاهدت بعض الليبيين يركلون جثة القذافي أو يقتلعون خصلات من شعره أو حتى بعض أظافره.
وتابع "كان غضبهم شديدا ويلتقطون صور سيلفي ويلمسون جثمانه بل ويتعمدون إهانته.. كان الأمر مثيرا للشفقة".
وأضاف "لم تلاحظ خطوط المتمردين الأولى التي أنهكتها أسابيع من القتال مرور أي شيء، إلا طائرة أمريكية بدون طيار ترصد القوات التي تحاول الهروب"، وكان ذلك الرتل يرافق القذافي الذي خسر معركة سرت.
وكانت محاولة الهروب بإيعاز من معتصم القذافي نجل الزعيم الليبي، الذي كان يأمل في عبور الصحراء والوصول إلى الجنوب للاختباء هناك، لكن ما إن بلغ الموكب ضواحي سرت، حتى أطلقت طائرة أمريكية بدون طيار صاروخا أصاب 3 من السيارات الفارة.
وعقب لحظات من الضربة الأولى للطائرة أسقطت مقاتلات الناتو الفرنسية القنابل على القافلة التي كانت تحاول شق طريقها بين نيران المتمردين على الأرض.
ووصف الصحفي الفرنسي المشهد قائلا "لقد كانت مجزرة.. كانوا ينقلون مئات من عبوات البنزين لعبور الصحراء، فمات كثير منهم وهم يزحفون على الأرض على بقع الوقود المشتعلة".
وأشار إلى أن القذافي أصيب في رأسه، كما وثقت فيديوهات المحتجين لاحقا أنه كان ينزف بغزارة، وهرب مع ابنه سيرا على الأقدام ليتعقبه الثوار قبل أن يلجأ إلى فتحتي صرف كبيرتين.
ويقول مونتسكيو "أصبح من كان يوما يطلق على نفسه ملك ملوك إفريقيا محاصرا في المجاري"، قبل أن يقضي المحتجون على المتبقي من مؤيديه ويقتلونه بالطريقة التي نشرت على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي.
ونقل عن أحد المتمردين قوله "عليك أن تفهم أن هذا الرجل الذي حكم لمدة 42 عاما، كان أسوأ من الشيطان ولم نعد ننظر إليه على أنه بشر إطلاقا".
وواصل شهادته قائلا "لقد قتل برصاصتين من مسافة قريبة"، وهو الاستنتاج الذي توصل إليه الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح جثته.
وبحسب الصحيفة، سرعان ما أعلن شاب يدعى سند الصادق العريبي في مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه هو من قتل القذافي، وعرض دليلا على ذلك خاتما من ذهب يعتقد أنه خاتم القذافي.
وأكد الصحفي الشاهد على الحادث أن الأمور صارت بهذه الطريقة، مستبعدا نظريات المؤامرة السائدة التي تقول إن القذافي اغتيل من عناصر تابعة لإحدى الدول العربية أو ربما حتى من المخابرات الفرنسية.