قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

أسرار قيام الليل .. مدرسة المخلصين فاعلها يفوز بـ 9 نِعم وعطايا

أسرار قيام الليل
أسرار قيام الليل
×

أسرار قيام الليل .. قيام الليلمن العبادات المهمة، وسُنة مؤكدة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه، ويبحث الكثيرون عن أسرار قيام الليل ، قيام الليلله شأن عظيم في تثبيت الإيمان، والإعانة على جليل الأعمال، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا» (سورة المزمل:1-6)

والله تعالى مدح أهل الإيمان والتقوى، بجميل الخصال وجليل الأعمال، ومن أخص ذلك قيام الليل، قال تعالى: «إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (سورة السجدة: 15-17).

أسرار قيام الليل

وقد علم العارفون أنَّ قيامَ الليل مدرسةُ المخلصين، ومضمارُ السابقين، وأنّ الله تعالى إنما يوزّع عطاياه، ويقسم خزائن فضله في جوف الليل، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويحرم منها الغافلون والنَّيام، وما بلغ عبدٌ الدرجات الرفيعة، ولا نوَّر الله قلبًا بحكمة، إلاّ بحظ من قيام الليل.

والسرُّ في ذلك أن العبد يمنع نفسه ملذّات الدنيا، وراحة البدن، ليتعبّد لله تعالى، فيعوضه الله تعالى خيرًا مما فقد، وذلك يشمل نعمة الدّين، وكذلك نعمة الدنيا، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «وأربعة تجلب الرزق: قيام الليل، وكثرة الاستغفار بالأسحار، وتعاهد الصدقة، والذكر أول النهار وآخره».

وقال: "ولا ريب أنَّ الصلاة نفسها فيها من حفظ صحة البدن، وإذابة أخلاطه، وفضلاته، ما هو من أنفع شيء له، سوى ما فيها من حفظ صحة الإيمان، وسعادة الدنيا والآخرة، وكذلك قيام الليل من أنفع أسباب حفظ الصحة، ومن أمنع الأمور لكثير من الأمراض المزمنة، ومن أنشط شيء للبدن، والروح، والقلب".

ولهذا لا تجد أصح أجسادًا من قوَّام الليل، ولا أسعد نفوسًا، ولا أنور وجوهًا، ولا أعظم بركة في أقوالهم، وأعمالهم، وأعمارهم، وآثارهم على الناس، وقوَّام الليل أخلص الناس في أعمالهم لله تعالى، وأبعدهم عن الرياء، والتسميع، والعجب، وهم أشدّ الناس ورعًا، وأعظمهم حفظًا لألسنتهم، وأكثرهم رعاية لحقوق الله تعالى، والعباد، وأحرصهم على العمل الصالح.

ولا بد من تذكرة أخيرة، وهي أنه "صلى الله عليه وسلم" لم يترك هذه السُّنَّة قطُّ في حياته، لا في مرض، ولا في كسل، ولا في غيره، وهي سُنَّة قيام الليل، حيث روى أبوداود - عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، يَقُولُ: قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".

وكان ينصح أصحابه بالحفاظ عليه، وعدم التذبذب في أدائه، حيث روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرِو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِيّ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ».

وتتحقَّق هذه السُّنَّة بصلاة ركعتين أو أربع، أو أكثر، في أي وقت من بعد صلاة العشاء، وإلى قبل صلاة الفجر، وقد أراد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لجميع المسلمين أن يؤدوا هذه السُّنَّة، فجعل الأمر سهلًا على الجميع، فلم يشترط طول القيام، إنما نصح أن نصلي قدر الاستطاع، حيث روى أبو داود - وقال الألباني - صحيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ».

فلْيحرص كل مؤمن على هذه العبادة الجميلة، كلٌّ حسب طاقته، ولا تنسوا شعارنا الدائم قول الله تعالى: «وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا» النور:54

كيفية صلاة قيام الليل

الأفضل في صلاة الليل أن تكون مثنى مثنى، كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «صلاةُ اللَّيل مثنى مثنى، فإذا خَشي أحدُكمُ الصُّبح، صلَّى ركعةً واحدةً تُوترُ له ما قد صلَّى وأقل الوتر ركعة واحدة يصليها بعد صلاة العشاء، فإن أوتر بثلاث ركعات فالأفضل أن يسلّم بعد الركعتين ويأتي بواحدة، وإن أوتر بخمسة فيسلم بعد كل ركعتين ومن ثمّ يأتي بركعة واحدة، ويراعي في صلاته الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، فيخشع في صلاته ولا يتعجل فيها، فأن يصلي عددًا قليلًا من الركعات بخشوعٍ وطمأنينةٍ؛ خيرٌ له مما هو أكثر بلا خشوع.

يقوم المسلم بأداء ركعتين ركعتين، والمقصود أن يسلّم بعد كلّ ركعتين يؤدّيهما، ثمّ يؤدّي الوتر، وذلك اقتداءً بفعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في قيامه، وإن خاف المسلم أن يدرك صلاة الصّبح وهو لم يوتر بعد فيجوز له أن يوتر بركعةٍ واحدةٍ، يتلو فيها بعد سورة الفاتحة سورة الإخلاص، ثمّ يدعو دعاء القنوت.

وصلاة قيام اللّيل تكون في أوّل اللّيل، أو أوسطه، أو آخره، لكن في الآخر أفضل، وهو الثّلث الأخير، وعددها من حيث الأفضل أن تصلّى إحدى عشر ركعة، أو ثلاثة عشر ركعة، ومن السّنة أن يقوم المسلم بترتيل الآيات الكريمة عند القراءة، وقراءة ما تيسرّ له من القرآن الكريم، ومن المستحبّ عند القراءة أن يستعيذ بالله عند قراءة الآيات التي فيها وعيد، وأن يسأل الله الرحمة عند الآيات التي فيها رحمة، وأن يسبّح حينما تمرّ به آية تسبيح، وأن يطمئنّ في صلاته، ويخشع في ركوعه وسجوده.

والوتر إما أن يكون ركعةً واحدةً، أو ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، أو تسعًا، فعدد ركعات الوتر فرديّة، وقد رُوي عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: « الوترُ حقٌّ، فمن شاءَ أوترَ بخمسٍ، ومن شاءَ أوترَ بثلاثٍ، ومن شاءَ أوترَ بواحدةٍ»، وفيما يأتي تفصيل لما ورد في صلاة الوتر:

1- أن يصلّى الوتر ركعةً واحدةً، كما كان يؤدّيها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-.

2-أن يصلّى الوتر ثلاث ركعات، فيقوم المسلم بصلاة الثّلاث ركعات متصلات، بحيث يسلّم في نهاية الصلاة، كما كان يفعل السّلف، ويقرأ فيهم: سورة الأعلى، وسورة الكافرون، وسورة الإخلاص، أو يصلّي ركعتي شفع ويسلّم، ثمّ يتبعها بركعة وترٍ منفصلة عن أوّل ركعتين، فيشاء له ذلك مع ضرورة النّية من بداية الصّلاة.

3- أن يصلّى الوترخمس أو سبع ركعات، ويكون ذلك بتشهّدٍ واحدٍ كما كان يفعل رسول الله، فقد رُوي عن أمّسلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: « كان رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلم- يوترُبسبعٍ أو بخمسٍ، لا يفصلُ بينهنَّ بتسليمٍ ولا كلام».

4- أن يصلّى الوتر تسع ركعات، ويجلس المسلم للتّشهد في الرّكعة الثّامنة، ثمّ يتمّ الرّكعة التّاسعة، بعدها ينهي صلاته بالتّشهد والسّلام.

وبصلاة الوتر تُختم صلاة اللّيل، لكن يجوز للمسلم أن يصلّي بعد ذلك ما يشاء من عدد ركعات القيام، على أن تكون الصّلاة ركعتين ركعتين، ولا يعيد الوتر، فقد رُوي عن قيس بن عليّ أنّه قال: «لاَ وترانِ في ليلةٍ».

فضل قيام الليل
عدّ العُلماءُ بضعة َفضائل لقيام اللّيل، منها:
1-عناية النبيّ - عليه الصّلاة والسّلام - بقيام اللّيل حتى تفطّرت قدماه، فقد كان يجتهدُ في القيام اجتهاداً عظيماً.
2-قيامُ اللّيل من أعظم أسبابِ دخول الجنّة.
3-قيامُ اللّيل من أسباب رَفع الدّرجات في الجنّة.
4-المحافظونَ على قيام اللّيل مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته، فقد مدح الله أهل قيام اللّيل، وعدَّهم في جملة عباده الأبرار.
5-مدح الله أهل قيام اللّيل في جملة عباده الأبرار، فقال - عزَّ وَجَل -: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).
6-قيام اللّيل أفضَلُ الصّلاة بعد الفريضة.
7-قيامُ اللّيل مُكفِّرٌ للسّيئاتِ ومنهاةٌ للآثام.
8-شرفُ المُؤمن قيام اللّيل.
9-قيامُ اللّيل يُغْبَطُ عليه صاحبه لعظيم ثوابه، فهو خير من الدّنيا وما فيها.