الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دينا شرف الدين تكتب: ضياع «القدوة» في زمن «التريند»

صدى البلد

وما زالت تحديات و استفزازات من يحسبون علي المجتمع نجوم  و من يتصدرون الصورة التي من شأنها أن تعكس درجة رقي هذا المجتمع ،

فكما تعلمنا  أنه كلما ارتقي المجتمع كلما ارتقت به كل أشكال الفنون ، تلك للتي تعكس هذا الإرتقاء بوضوح .


و لكن :
في حين تسعي القيادة السياسية للنهوض الشامل بالمجتمع  علي كافة المستويات و في مختلف الملفات ، نجد من يغرد دائماً خارج السرب ليتصدر  هذا الهراء المسمي بالتريند و إن كان علي حساب استفزاز و تحدي الجمهور ،

فكل ما يعني هذا النجم سوي عدد المشاهدات التي باتت هي المعيار الأول و الأخير للنجومية و ضمان استمرار الحصول علي أدوار البطولة بغض النظر عن حسابات القيمة و القدوة و الرسالة المرجوة لهذا العمل الفني .


فتصدرت الرداءة وساد التدني بالمجتمع و تفشت الملوثات السمعية و البصرية  بسبب تطورات العصر و تغيرات أذواق الجماهير  ، 
إذ أصبح المبرر الرسمي المتصدر لكافة الأنتقادات  ( الجمهور عاوز كده )

فكل هذه الأسباب ليست إلا شماعات يعلق عليها الأخطاء كل مذنب مقصر ليخلي مسؤوليته أمام  الآخر فحسب !

لكنها في واقع الأمر الحقيقة المرة التي علينا جميعاً التوقف أمامها و الإعتراف بها دون خجل أو تبرير إن كنا بحق نريد الإصلاح  ، 
ألا وهي أننا دون المستوي الذي يسمح لنا بالتنافس و إثبات الوجود بمناخ غني متنوع به لون متميز من جميع الألوان يرضي كل ذوق من جميع الأذواق .


فنحن الآن بحق نمر بأصعب أوقات انهيار الأخلاق و تصدر القدوة السيئة المشهد كله  علي كافة المستويات

فكلما استنشقتنا الهواء كادت أن تخنقنا رائحة الفساد و التدني  التي تنبعث من كل شئ  تراه أعيننا و تسمعه آذاننا و تدركه عقولنا   في الثقافة و الفنون  و التربية و الأخلاق !


أما عن أحدث الأمثلة التي تدلل و بقوة علي هذالإنهيار الخلقي و تلك القدوة السيئة  :

هذا النجم  الجديد الذي بات قدوة و أسطورة يسير علي نهجها أكبر قطاع من شباب مصر ، صاحب الكليبات الشهيرة و الحفلات الصاخبة و التقاليع المنقولة عن ثقافات أخري و الذي تتحدث عنه وسائل الإعلام  و التواصل الإجتماعي بتعجب و انتقاد و لكن دون جدوي 
 

و التي ما زالت و ستظل سلسلة تحدياته لكافة الأخلاقيات و ضربه لكل القيم مستمرة بشراسة ،

إذ كانت أحدث إصداراتها واقعة الصورة التي تسببت بالقضاء علي مستقبل و طموحات و أحلام  الطيار المصري الذي تم إيقافه عن العمل مدي الحياة قبل أن يفارق هذه الحياة !

و أخيراً و ليس آخراً  ، رسائله المستفزة لمشاعر الكثيرين من داخل طائرته الخاصة و مضيفاته اللاتي يرقصن معه ليشارك جمهوره هذا الهراء و يسعي جاهداً خلف أكبر كم من التعليقات و المشاركات و إن كانت أغلبها سلبية من باب البحث عن "التريند" المنشود.


أعزائي المندهشين :
لم تندهشون و تنتقدون هذا النجم  لإطلاقه هذه الكليبات التي تؤكد  للجميع أنه الأول بلا منازع  بحسابات الأرقام ؟
ألم  تكونوا أنتم من حققتم له هذه النسب من المشاهدات ، أي أنكم شركاء بالجريمة !

ألم تكونوا أنتم  من دفع آلاف الجنيهات لحضور حفلاته الصاخبة .

ألم تكونوا أنتم  السبب الأول و الأخير لرفع  هذا الشاب علي القمة و تقاضيه أعلي أجر لفنان بنسب مشاهداتكم لأعماله و إقبالكم  عليها ؟

ألم  تكونوا أنتم  من جعلتوا منه قدوة "سيئة" يحتذي بها الصبية و الشباب ليقلدوا سلوكها شكلاً و موضوعاً بشكل كارثي ؟

ألم  تكونوا أنتم  من تسببتم في إصابة هذا الشاب بهذه الحالة من الغرور و التعالي نظراً لعدم  قدرته علي تصديق ما هو فيه  و ما تخطي حاجز أحلامه  بأيديكم  و مباركتكم ؟

فقد أصبح المألوف الآن هو تصدر الأنصاف و غير المؤهلين و أشباه الموهوبين  الصورة !!

في حين تتراجع  جميع الكفاءات و المواهب و أصحاب الإمكانات في الصفوف الخلفية .

و لم تختص  مصر  و المنطقة العربية  بشكل  عام  بهذه الظاهرة  ؟؟
هل تعتبر تلك الظاهرة  من أهم  أسباب تراجعنا للخلف في حين يتقدم العالم  للأمام باستمرار دون توقف ؟


فلم تعد الكفاءة  معيار لأي شئ ، فليس بالضرورة أن يكون الطبيب الأشهر و الأعلي سعر هو الأكفأ ، و لا المغني الأشهر هو الأكثر موهبة و الأجمل صوتاً  و لا الكاتب الأشهر هو الأفضل و الأبدع و لا الفنان المتربع علي عرش النجومية و الأعلي أجراً هو المستحِق عن جدارة لأسباب هذه النجومية  !

لا أعلم من ذا الذي يتحمل المسؤولية  المباشرة عن هذا  الجرم  المجتمعي الذي لم يلتفت أحد  لمدي خطورته علي الأجيال الجديدة  ، فقد أصاب جيلين أو ربما ثلاث و ما زالت الكارثة مستمرة بشراسة !

يا أولي الأمر في كل المجالات : أفسحوا الطرق لذوي الكفاءات ، و امنحوا الفرص لمستحقيها الذين تواروا تحت أتربة الزيف و الكذب و البالونات الممتلئة بالهواء فحسب !

فإن حقاً  تمت السيطرة علي تصدر الأنصاف و عديمي الكفاءة  ليخرج للنور و يفيد المجتمع  كل موهوب و مؤهل في مجاله دون  واسطة أو محسوبية أو خلافه ، لربما تنصلح الأحوال و تستقيم الأوضاع  المقلوبة   .

                        
أمل كبير في مستقبل أفضل  ولعله قريب.