سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أكمل خلق الله خلقًا وأكملهم برًا وأجملهم معروفًا، وأكمل الخلق معرفة بالله وعمارة بالأرض وإكرمًا للإنسان، أرسل للعالمين حلمًا وعلمًا فهو بحر لم تعييه الأعباء معجز القول والفعال وكريم الخلق مقسط معطاء، سيد ضحكه التبسم ، كله عزم ووقار وعصمة وحياء صلوات الله عليه وسلامه عليه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس صدرًا وأصدق الناس بهجة وكان ألين الناس وأحسنهم خلقا من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه، يقول واصفه وناعته لم أر قبله ولا بعده مثله.
وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن اللهُ عز وجل جعل سيدَنا رسول الله ﷺ قدوةً حسنةً، وأسوةً طيبةً في كل شيء، فكان ﷺ أحسنَ الناسِ خَلقًا وخُلقًا، وأحسنَ الناسِ صلاةً وعبادةً لله تعالى، وإذا صلَّى بغيره رَحِمَ الأمَّ والصغيرَ والضعيفَ وذا الحاجةِ.
وأشار مركز الأزهر إلى أن رسولُ اللهِ ﷺ كان بسيطًا في طعامِهِ وشرابِهِ، يأكلُ كما يأكلُ الناسُ، ويشربُ كما يشربون؛ فعَنْ سيدِنا أَنَسٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "مَا أَكَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى خوانٍ، وَلَا أَكَلَ خُبْزًا مُرَقَّقًا حَتَّى مَاتَ" أخرجه البخاري.
والخوانُ: بضم الخاء وكسرها هي المائدة التي يوضع عليها الطعام.
وتابع: عَنْ سيدنا أَنَسٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمْ يُجْمَعْ لَهُ غَدَاءٌ وَلَا عَشَاءٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ إِلَّا عَلىٰ ضَفَفٍ" أخرجه ابن حبان، والضَفَفُ: هو أن يتناولَهُ مع الناس.
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أبسطَ النَّاسِ في كلِّ الأمورِ، حتى في فراشِهِ ولباسِهِ ونعلِهِ؛ فعَنْ أمِّ المؤمنين السيدةِ عَائِشَةَ رضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّها قَالَتْ": إِنَّمَا كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللهِ ﷺ الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهُ لِيفٌ" أخرجه مسلم. والأَدَمُ هو الجلدُ المدبوغُ، وكان حَشْوُه لِيفَ النَّخْل.
وذكر مركز الأزهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان دائمَ الذكر لله تعالى على كل حال، فهو خيرُ من حمِد اللهَ تعالىٰ وشكَره؛ فعَنْ سيدِنا أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يَقُولُ: "الْحَمْدُ لِلهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مُودَعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا" أخرجه الترمذي والنسائي.
وعَنِ سيدِنا الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما قَالَ: سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ - وَكَانَ وَصَّافًا- فَقُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فقَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ... يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ، لَا يَذُمُّ مِنْهَا شَيْئًا.." أخرجه الترمذي في الشمائل.
أخلاق النبي مع الأطفال
يروى الترمذي في كتاب الشمائل من حديث سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكان سيدنا الحسن رضوان الله عليه قد تشرف بأن تربى في حجر النبوة إلا أنه يقول ذهبت لخالي هند بن أبي هالة وكان رجًلا وصافًا - له ذاكرة ترصد ولا تنسى- فسألته عن حلية رسول لعله أن يذكر لي من جميل أخلاقه ما أتعلق به منوها أنه إذا كان هذا شأن الحسن وقد تربى في حجره الشريف صلوات الله عليه ومع هذا فإنه صاحب تفتيش دائم على المزيد من أخلاقه المشرفة صلى الله عليه وسلم".
عفو النبي
لا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفوا ويصفح رحيمًا بالمؤمنين، يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي لليتيم في حجر الأرملة لو مر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا متزين بالفحش أبعثه مبشرا ونذيرا فأسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم فأجعل السكينة لباسه والبر شعاره والتقوى ضميره والحكمة مقوله والصدق والوفاء طبيعته والعفو والمغفرة والمعروف خلقه والعدل سيرته والحق شريعته والهدى إمامه والإسلام ملته.
أخلاق النبي مع أسرته
سيدنا النبي كان خلقه القرآن، كأنه قرانا يمشي على الأرض، وفي بيته صلى الله عليه وسلم كان في خدمة أهله.
وسأل رجل عائشة هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته شيئا، قالت: نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته.
والسيدة عائشة تحدثت عن أخلاق النبي، فقالت رضي الله عنها كان رسول الله رجلا من الرجال ، كان بسامًا ضحاكًا وكان يجبر بخاطر أمهات المؤمنين وكان في خدمة آل بيته وكان بساما ضحاكا، لايرى إلا مبتسما وكأنه القمر.
كلام النبي
النبى محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كان لا يتكلم بخاطره أو بهوى نفسه فى الأمور الدينية، وأن الله عزوجل وصف خلق النبى فى القرآن بقوله: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».الصبر على الأذىمن روائع أخلاق النبي ﷺ أنه كان يصبر على الأذى فيما يتعلق بحق نفسه، حتى بعدما اشتد عليه الأذى من قومه، كان يدعو لهم بالهداية.
وروي أن رسول الله ﷺ جاءه ملك الجبال يقول له: يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين! فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ: "بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". والأخشبان: جبلا مكة أبو قبيس وقعيقعان.
أخلاق النبي مع الخدم
ومع هذه الشجاعة العظيمة كان لطيفا رحيمًا فلم يكن فاحشًا ولا متفحشا ولا صخابًا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح.عن أنس رضي الله عنه قال" خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" - رواه الشيخان وأبو داود و الترمذي.
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله.وفي رواية ما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله - رواه مالك والشيخان وأبو داود.عن عائشة رضي الله عنها قالت "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم.