الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد عبدالمجيد يكتب: عشقت محمدًا

صدى البلد


 

أنا القمر، لدي من العمر ملايين السنين، لا أعلم عمري الحقيقى فكل البشر لديهم أب وأم، يخبرونهم بموعد ميلادهم، أما أنا فليس لي أب وأم يخبراني بميلادي الحقيقي. لدي وجه جميل مستدير، أو كما يقول البشر وجه مدور، كثيرًا ما تغزل الشعراء في جمالي وسمعت آهات العاشقين في ظلام الليل، وأرى سهاد المحبين ولوعتهم. لم أكن أدري أن ما عبت عليه من البشر  يومًا سيلحقني، لم أكن أدري أني سأصبح أسير الحب، آهٍ  آهٍ حقًا من يعب في الناس شيئًا لم يمت حتى يراه، وسأحكي لكم عن محبوبي وسأفصح لكم عن السر الذي كتمته أعوامًا وأزمنة عديدة، لم يعد قلبي يتحمل الكتمان، فالعشق كنور الشمس لا تحجبه الغيوم ولا الأزمان، والحب كعطر الزهر لا تمنعه الأوراق ولا الأغصان.
 

وحتى لا أطيل عليكم أو يصيبكم مني الملل سأخبركم بأمري الجلل في ليلة صافية من ليالي مكة في شهر ربيع الأول، ليلة تفوح فيها رائحة الزهر، وتتراقص الأغصان، وفي يوم الاثنين وقت السحر كنت جالسًا في صفحة السماء كعادتي أراقب المحبين، وأمنح ضوئي للعاشقين وأرى نورًا يخرج من بيت عبد المطلب؛ ليصعد إلى السماء، انطفأ نوري ساعتها وسألت نفسي من يكون هذا النور الذي لم أشاهد مثله منذ خلقني الله، ورأيت ثويبة جارية أبي لهب تخرج مسرعة من بيت عبد المطلب مسرورة تبتهج فرحًا لتخبره بمولد ذكر لأخيه عبد الله فيعتقها فرحًا بمولده، وأرى جده عبد المطلب يحمله سريعًا إلى الكعبة، بيت الله العتيق، ليطوف به حول البيت وأسمعه يقول سأسميه محمدًا حتى يكون محمودًا في الأرض وفي السماء، ورأيت عروش الظالمين تتهاوى فهذا إيوان كسرى الذي ظل شامخا سنين عديدة يتصدع، وهذه نار المجوس تطفأ، وهذه بحيرة ساوة يغيض ماؤها، كل ما كان يعبد من دون الله يتهاوى بمولده، وشعرت ساعتها بفيض الرحمة وشعرت بأمل في صباح جديد يرفع الظلم عن العبيد، بعدما أصبحن سلعة تباع وتشترى، ويمنحهن الحرية والعدل ويعيد للنساء حقوقهن، بعدما كن يبعن في أسواق الهوى، ويعيد الأرواح إلى ساحة خالقها بعدما كانت هائمة في ظلمة الشرك والطغيان، ومن ساعتها دق قلبي بالحب وشعرت بلوعته وأصبح يربطني بالأرض رباط لا ينفك أبدًا إنه رباط الحب، إنه محمد إنه حبيبي.
هذا سري وهذه حكايتي فهل تلومونني في حبي ولوعتي؟!