أجاب مركزالأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، على سؤال ورد إليه عن مولد النبي، يقول "ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟ أن الله تعالى أتم بمولد النبي النعمة، وقوَّم به الملةَ، وهدىٰ به العربَ والعجمَ، وحلَّت به أكابرُ النِّعَم، واندفعت به عظائمُ النِّقَم، فميلادُه ﷺ كان ميلادًا للحياة، وفي يوم الميلاد تتم نعمةُ الإيجاد التي هي سببُ كلِّ نعمةٍ بعدَها.
مولد النبي
وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن يوم مولد النبي الكريم، هو سبب كل نعمة للخلق في الدنيا والآخرة.
وأوضح، أن الله تعالى كرَّم أيامَ ميلادِ الأنبياء علىٰ نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وجعلها أيامَ بركةٍ وسلامٍ؛ فقال سبحانه وتعالىٰ عن سيدنا يحيىٰ بن زكريا علىٰ نبينا وعليهما الصلاةُ والسلامُ: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ...} [مريم:15]، وقال علىٰ لسان سيدنا عيسىٰ ابنِ مريم علىٰ نبينا وعليهما السلام: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ...}. [مريم:33]
وكما كانت لبني إسرائيلَ أيامٌ نجَّاهم اللهُ تعالىٰ فيها من ظلمِ فرعونَ وبَطْشِهِ، وأمر نبيَّه موسىٰ علىٰ نبينا وعليه الصلاةُ والسلامُ أن يذكِّرهم بها؛ فقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَىٰ النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم:5]، فكذلك من أيام الله تعالىٰ علىٰ أهل الأرض مولدُ النبي ﷺ الذي دفع اللهُ به عن أهل الأرض ظلماتِ الغيِّ والبغيِ والضلالة.
حكم الاحتفال بمولد النبي
وتابع مركز الأزهر: سنَّ لنا رسولُ اللهِ بنفسه جنسَ الشكرِ لله تعالىٰ علىٰ ميلاده الشريف؛ فقد صحَّ أنه ﷺ كان يصوم يوم الاثنين، فلما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه». [أخرجه مسلم] وإذا ثبت ذلك وعُلم فمن الجائز للمسلم -بل من المندوبات له- ألا يمرَّ يومُ مولدِه من غير البهجة والسرور والفرح به ﷺ، وإعلانِ ذلك، واتخاذِ ذلك عُنوانًا وشعارًا.
وقال الإمام السخاويُّ رحمه الله تعالىٰ في (الأجوبة المرضية جـ3 صـ1116 ط. دار الراية 1418هـ): ثم ما زال أهلُ الإسلامِ في سائر الأقطار والمدن العظام يحتفلون في شهر مولده ﷺ وشرَّف وكرَّم، يعملون الولائمَ البديعةَ المشتملةَ علىٰ الأمورِ البهِجَةِ الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويُظهرون السرورَ، ويَزيدون في المبرَّاتِ، بل يعتنون بقراءة مولدِه الكريمِ، وتظهر عليهم من بركاته كلُّ فَضْلٍ عميم)اهـ. وما ذكره الإمامُ السخاويُّ رحمه الله تعالىٰ هو ما نقصده بعمل المولدِ النبويِّ الـمُنيف صلىٰ الله وسلم علىٰ صاحبه.
وتساءل مركزالأزهر: فهل ينكر عاقلٌ ذو لُبٍّ سليمٍ جوازَ الفرحِ بمولدِه، والاحتفاءِ بطلعته المُنيرةِ علىٰ الأرض ﷺ بهذه الطريقة الشرعية التي تندرج كلُّ تفصيلةٍ منها تحتَ أصلٍ من أصولِ الشرع الشريف، وقواعده الكلِّيَّة؟
وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الاحتفال بمولد النبي من المندوبات، وهو مظهر من مظاهر تعظيمه وتوقيره الذي هو عنوان محبته ﷺ التي لا يكتمل إيمانُ العبدِ إلا بتحقيقها.