زوجات الرسول.. يعد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أفضل الأنبياء وخاتمهم، وقد خصه الله بخصائص كثيرة تميّزه عن غيره، منها الزواج بأكثر من 4 نساء؛ ولم يكن زواجه رغبة في كثرة النساء، وإنما كان زواجه صلى الله عليه وسلم يرجع إلى أسباب اجتماعية وتشريعية وسياسية.
زوجات الرسول.. إن زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم يُطلق عليهنّ لقب أمهات المؤمنين تكريمًا لشأنهنَّ وإعلاءً لقدرهنَّ، وهنّ أيضاً زوجاته -صلى الله عليه وسلم- في الجنّة، وقد شرفهنَّ الله تعالى بذلك فقال: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6].
وقد ذكر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق عبر صفحته على فيس بوك، زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وقصص زواجه بهن، وهن:
1 – السيدة خَدِيجَة :
أُولَاهُنَّ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلاَبٍ الْقُرَشِيَّةُ الْأَسَدِيَّةُ ، تَزَوّجَهَا قَبْلَ الْوَحْيِ وَلَهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً ، وَكَانَ عُمْرُهُ -صلى الله عليه وسلم-خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَامًا ، وَلَمْ يَتَزَوّجْ عَلَيْهَا حَتّى مَاتَتْ ، وَأَوْلَادُهُ كُلّهُمْ مِنْهَا إلّا إبْرَاهِيمَ ، وَهِيَ الّتِي آزَرَتْهُ عَلَى النّبُوّةِ وَجَاهَدَتْ مَعَهُ وَوَاسَتْهُ بِنَفْسِهَا وَمَالِهَا ، وَأَرْسَلَ اللّهُ إلَيْهَا السّلَامَ مَعَ جِبْرِيلَ ، وَهَذِهِ خَاصّةً لَا تُعْرَفُ لِاِمْرَأَةٍ سِوَاهَا ، وَمَاتَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ .
وقد ساندت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حينما نزل عليه الوحي بقولها : كَلَّا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا ، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ .
مكانة السيدة خديجة عند النبي
وقد بين رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-مكانة السيدة خديجة عنده وفضلها في نصرة دين الله ، فقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ , وَفَاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّدٍ , وَمَرْيَمُ بنتُ عِمْرَانَ , وَآسِيَةُ بنتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ" .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمَّ إنَّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وَأَبَا طَالِبٍ هَلَكَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ ، فَتَتَابَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-الْمَصَائِبُ بِهُلْكِ خَدِيجَةَ ، وَكَانَتْ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلَامِ يَشْكُو إلَيْهَا .
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ - قَالَتْ - فَغِرْتُ يَوْماً ، فَقُلْتُ : مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ ، قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْراً مِنْهَا . قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " مَا أَبْدَلَنِى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنْهَا ، قَدْ آمَنَتْ بِى إِذْ كَفَرَ بِى النَّاسُ ، وَصَدَّقَتْنِى إِذْ كَذَّبَنِى النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِى بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِى النَّاسُ ، وَرَزَقَنِى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِى أَوْلاَدَ النِّسَاءِ ".
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يبر خديجة ويكشف عن مكنون حبها في قلبه بعد موتها بصلة أحبابها وأصدقائها ، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ : دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-امْرَأَةٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-بِطَعَامٍ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ الطَّعَامِ وَيَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا تَغْمُرْ يَدَيْكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ، أَوْ حَفِظَ الْعَهْدِ مِنَ الإِيمَانِ".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، وَمَا بِى أَنْ أَكُونَ أَدْرَكْتُهَا ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِكَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-لَهَا ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَتَتَبَّعُ بِهَا صَدَائِقَ خَدِيجَةَ فَيُهْدِيهَا لَهُنَّ .
2 – السيدة سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ :
ثُمّ تَزَوَّجَ بِمَكَّةَ بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ بِأَيّامٍ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ الْعَامِرِيَّةَ الْقُرَشِيّةَ ، وأمها الشموس بنت قيس بن النجار الأنصاري ، وكانت قبله تحت ابن عمها السكران بن عمرو ، أخي سهيل بن عمرو ، وكان مسلما فتوفي عنها ، فتزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وَهِيَ الّتِي وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ . وتوفيت آخر خلافة عمر .
3 – السيدة عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ :
ثُمَّ تَزَوَّجَ بَعْدَهَا أُمَّ عَبْدِ اللّهِ عَائِشَةَ الصّدّيقَةَ بِنْتَ الصّدّيق ، الْمُبَرّأَةَ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ، حَبِيبَةَ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-، تَزَوّجَ بِهَا فِي شوال قبل الهجرة بسنتين ، وبنى بها في شوال في السنة الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَلَمْ يَتَزَوّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا ، وأمها أم رومان ابنة عامر الكناني .
وَمَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ غَيْرَهَا ، وَكَانَتْ أَحَبّ الْخَلْقِ إلَيْهِ ، وَنَزَلَ عُذْرُهَا مِنَ السّمَاءِ ، وَهِيَ أَفْقَهُ نِسَائِهِ وَأَعْلَمُهُنّ ، بَلْ أَفْقَهُ نِسَاءِ الْأُمّةِ وَأَعْلَمُهُنّ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَكَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-يَرْجِعُونَ إلَى قَوْلِهَا وَيَسْتَفْتُونَهَا ، وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين من الهجرة .
- سأل عمرو بن العاص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ذات يوم : أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : "عَائِشَةُ" . فَقَالَ : مِنَ الرِّجَالِ . فَقَالَ : "أَبُوهَا" . فَقَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : "ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ". فَعَدَّ رِجَالاً .
- وَعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ : قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : «إِنِّى لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَىَّ غَضْبَى» . قَالَتْ : فَقُلْتُ : مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ « أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ» . قَالَتْ : قُلْتُ : أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.
- وَعَنْها رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي ، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- : "يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي" قُلْتُ : وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ قُرْبَكَ ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ ، قَالَتْ : فَقَامَ فَتَطَهَّرَ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي . قَالَتْ : فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ . قَالَتْ : ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ . قَالَتْ : ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الأَرْضَ ، فَجَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ، لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ ، وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) الآيةَ كُلَّهَا .
4 - السيدة حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ :
ثُمَّ تَزَوَّجَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطّاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ . وأمها وأم أخيها عبد الله زينب بنت مظعون رضي الله عنها ، أخت عثمان بن مظعون رضي الله عنه .
ولدت أم المؤمنين حفصة قبل المبعث بخمسة أعوام ، لقد كانت قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-تحت الصحابي خنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه والذي هاجر الهجرتين وشهد بدرا وأحدا فجرح بها جراحة توفي على أثرها بالمدينة ، فترملت من بعده حفصة ولها عشرون سنة .
يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ --صلى الله عليه وسلم- - قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ : إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ . قَالَ : سَأَنْظُرُ فِى أَمْرِى . فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ، فَقَالَ : قَدْ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا . قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ : إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ . فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا ، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ. قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ ذَكَرَهَا ، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا .
وقد استودع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحائف القرآن التي جمعت في عهد أبي بكر الصديق عند أم المؤمنين حفصة ، وذلك حينما حضرته الوفاة ، فظلت تلك الصحائف الشريفة وديعة عندها حتى سلمتها لعثمان بن عفان ليستنسخها ويرسلها في الأمصار ليمنع نزاع القراء .
5 – السيدة زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَة :
ثُمّ تَزَوّج -صلى الله عليه وسلم- زَيْنَبَ بِنْتَ خُزَيْمَة بْنِ الْحَارِثِ الْقَيْسِيّةِ مِنْ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ ، وكان يقال لها : أم المساكين . وأمها هند بنت عوف بن زهير بن حماطة بن جرش بن أسلم بن زيد ، وهند هي أم كل من : أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وأسماء بنت عميس الخثعمية ، وأروى بنت عميس زوج حمزة بن عبد المطلب ، وأم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلالية زوج العباس بن عبد المطلب ، ولبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية أم خالد بن الوليد .
وكانت تحت عبد الله بن جحش ، فلما استشهد في أحد تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-سنة ثلاث من الهجرة ، وَتُوُفّيَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ ضَمّهِ لَهَا بِشَهْرَيْنِ . وهي في الثلاثين من عمرها .
6 - السيدة أُمُّ سَلَمَةَ :
ثُمّ تَزَوّجَ -صلى الله عليه وسلم-أُمَّ سَلَمَةَ هِنْدَ بِنْتَ أَبِي أُمّيّةَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيّةَ الْمَخْزُومِيَّةَ ، وكانت قبله -صلى الله عليه وسلم-تحت ابن عمها أبي سلمة بن عبد الأسد ، وكانت ممن أسلم قديما هي وزوجها ، وهاجرا إلى الحبشة فولدت له سلمة . ثم قدما مكة وهاجرا إلى المدينة ، فولدت له عمر ودرة وزينب . وشهد أبو سلمة بدرا ، واستشهد في أحد.
وكان لهجرتها وزوجها حديث :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النّبِيّ ﷺ ، قَالَتْ : لَمّا أَجْمَعَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُرُوجَ إلَى الْمَدِينَةِ رَحَلَ لِي بَعِيرَهُ ثُمّ حَمَلَنِي عَلَيْهِ ، وَحَمَلَ مَعِي ابْنِي سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ فِي حِجْرِي ، ثُمّ خَرَجَ بِي يَقُودُ بِي بَعِيرَهُ فَلَمّا رَأَتْهُ رِجَالُ بَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ قَامُوا إلَيْهِ فَقَالُوا : هَذِهِ نَفْسُك غَلَبْتنَا عَلَيْهَا ، أَرَأَيْت صَاحِبَتَك هَذِهِ ؟ عَلَامَ نَتْرُكُك تَسِيرُ بِهَا فِي الْبِلَادِ ؟ قَالَتْ : فَنَزَعُوا خِطَامَ الْبَعِيرِ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذُونِي مِنْهُ . قَالَتْ : وَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ ، رَهْطُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالُوا : لَا وَاَللّهِ لَا نَتْرُكُ ابْنَنَا عِنْدَهَا إذْ نَزَعْتُمُوهَا مِنْ صَاحِبِنَا . قَالَتْ : فَتَجَاذَبُوا بَنِي سَلَمَةَ بَيْنَهُمْ حَتّى خَلَعُوا يَدَهُ وَانْطَلَقَ بِهِ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ ، وَحَبَسَنِي بَنُو الْمُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ وَانْطَلَقَ زَوْجِي أَبُو سَلَمَةَ إلَى الْمَدِينَةِ . قَالَتْ : فَفَرّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي وَبَيْنَ ابْنِي . قَالَتْ : فَكُنْت أَخْرُجُ كُلّ غَدَاةٍ فَأَجْلِسُ بِالْأَبْطُحِ فَمَا أَزَالُ أَبْكِي ، حَتّى أَمْسَى سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا حَتّى مَرّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمّي ، أَحَدُ بَنِي الْمُغِيرَةِ فَرَأَى مَا بِي فَرَحِمَنِي فَقَالَ لِبَنِي الْمُغِيرَةِ : أَلَا تُخْرِجُونَ هَذِهِ الْمِسْكِينَةَ فَرّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا قَالَتْ فَقَالُوا لِي : الْحَقِي بِزَوْجِك إنْ شِئْت. قَالَتْ : وَرَدّ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ إلَيّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي . قَالَتْ : فَارْتَحَلْت بَعِيرِي ثُمّ أَخَذْت ابْنِي فَوَضَعْته فِي حِجْرِي ، ثُمّ خَرَجْت أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ . قَالَتْ : وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللّهِ . قَالَتْ فَقُلْت : أَتَبَلّغُ بِمَنْ لَقِيتُ حَتّى أَقْدَمَ عَلَيّ زَوْجِي ، حَتّى إذَا كُنْت بِالتّنْعِيمِ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخَا بَنِي عَبْدِ الدّارِ فَقَالَ لِي : إلَى أَيْنَ يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيّةَ ؟ قَالَتْ فَقُلْت : أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ . قَالَ : أَوَمَا مَعَك أَحَدٌ ؟ قَالَتْ فَقُلْت : لَا وَاَللّهِ إلّا اللّهُ وَبُنَيّ هَذَا . قَالَ : وَاَللّهِ مَا لَك مِنْ مَتْرَكٍ فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقَ مَعِي يَهْوِي بِي ، فَوَاَللّهِ مَا صَحِبْت رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ قَطّ ، أَرَى أَنّهُ كَانَ أَكْرَمَ مِنْهُ كَانَ إذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَنَاخَ بِي ، ثُمّ اسْتَأْخَرَ عَنّي ، حَتّى إذَا نَزَلْت اسْتَأْخَرَ بِبَعِيرِي ، فَحَطّ عَنْهُ ثُمّ قَيّدَهُ فِي الشّجَرَةِ ، ثُمّ تَنَحّى إلَى شَجَرَةٍ فَاضْطَجَعَ تَحْتَهَا ، فَإِذَا دَنَا الرّوَاحُ قَامَ إلَى بَعِيرِي فَقَدّمَهُ فَرَحّلَهُ ثُمّ اسْتَأْخَرَ عَنّي ، وَقَالَ ارْكَبِي . فَإِذَا رَكِبْت وَاسْتَوَيْتُ عَلَى بَعِيرِي أَتَى فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ فَقَادَهُ حَتّى يَنْزِلَ بِي . فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِي حَتّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ ، فَلَمّا نَظَرَ إلَى قَرْيَةِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بقُباءٍ قَالَ : زَوْجُك فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ - وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بِهَا نَازِلًا - فَادْخُلِيهَا عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ ثُمّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى مَكّةَ . قَالَ : فَكَانَتْ تَقُولُ وَاَللّهِ مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ آلَ أَبِي سَلَمَةَ ، وَمَا رَأَيْت صَاحِبًا قَطّ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَة .
وكان لزواجها من رسول الله حديث :
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِى فَأْجُرْنِى فِيهَا وَأَبْدِلْنِى بِهَا خَيْراً مِنْهَا" . فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُهَا فَجَعَلْتُ كُلَّمَا بَلَغْتُ : "وَأَبْدِلْنِى بِهَا خَيْراً مِنْهَا". قُلْتُ فِى نَفْسِى : وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِى سَلَمَةَ . ثُمَّ قُلْتُهَا .
فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعَثَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ يَخْطُبُهَا فَلَمْ تُزَوِّجْهُ ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَخْطُبُهَا عَلَيْهِ فَقَالَتْ : أَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-أَنِّى امْرَأَةٌ غَيْرَى ، وَأَنِّى امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِى شَاهِداً .
فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ : "ارْجِعْ إِلَيْهَا فَقُلْ لَهَا : أَمَّا قَوْلُكِ إِنِّى امْرَأَةٌ غَيْرَى فَأَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ ، وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنِّى امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَسَتُكْفَيْنَ صِبْيَانَكِ ، وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلاَ غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ".
وتوفيت رضي الله عنها في خلافة يزيد ، وَهِيَ آخِرُ نِسَائِهِ -صلى الله عليه وسلم- مَوْتًا.
7 – السيدة زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ :
ثُمَّ تَزَوَّجَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَة ، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّتِهِ أُمَيْمَةَ ، وَفِيهَا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (فَلَمّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوّجْنَاكَهَا) وَبِذَلِكَ كَانَتْ تَفْتَخِرُ عَلَى نِسَاءِ النّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، وَتَقُولُ : زَوّجَكُنّ أَهَالِيكُنّ وَزَوّجَنِي اللّهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ، وَكَانَتْ أَوّلًا عِنْدَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَة ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-تَبَنّاهُ فَلَمّا طَلّقَهَا زَيْدٌ زَوّجَهُ اللّهُ تَعَالَى إيّاهَا لِتَتَأَسّى بِهِ أُمّتُهُ فِي نِكَاحِ أَزْوَاجِ مَنْ تَبَنَّوْهُ . وَتُوُفِّيَتْ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .
وَكَانَتْ أَوَّلَ نِسَائِهِ -صلى الله عليه وسلم-لُحُوقًا بِهِ سَنَةَ عِشْرِينَ. وكان لذلك حديث:
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- : "أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِى أَطْوَلُكُنَّ يَدًا". قَالَتْ : فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا. قَالَتْ : فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ لأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ .
8 – السيدة جُويْريَة بنت الحارث :
وَتَزَوَّجَ -صلى الله عليه وسلم-جُويْريَة بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ المُصْطَلِقِيّة وَكَانَتْ مِنْ سبايا بَنِي الْمُصْطَلِق سنة خمس من الهجرة ، فَجَاءَتْهُ تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى كِتَابَتِهَا فَأَدَّى عَنْهَا كِتَابَتَهَا ، فأعتقها وتزوجها .
وقد وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ فِى السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشِّمَّاسِ فَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا ، وَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-تَسْتَعِينُهُ فِى كِتَابَتِهَا ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِى ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ ، وَقَدْ أَصَابَنِى مِنَ الْبَلاَءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ ، فَوَقَعْتُ فِى السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشِّمَّاسِ فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِى ، فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِى . قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "فَهَلْ لَكِ فِى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ". قَالَتْ : وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَقْضِى كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ". قَالَتْ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: قَدْ فَعَلْتُ . فَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ .
فَقَالَ النَّاسُ : أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ.
تَقُولُ عَائِشَةُ رضي الله عنها : فَلَقَدْ أَعْتَقَ -صلى الله عليه وسلم-بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِى الْمُصْطَلِقِ ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا.
9 - السيدة أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ :
ثُمّ تَزَوَّجَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أُمَّ حَبِيبَةَ وَاسْمُهَا رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ الْقُرَشِيّةُ الْأُمَوِيَّةُ . أمها صفية بنت أبي العاص بن أمية ، ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما ، تزوجها عبيد الله بن جحش الأسدي ، وأسلما وهاجرا إلى الحبشة ، فولدت له حبيبة ، وبها كانت تكنى . تنصر زوجها وارتد فتَزَوَّجَهَا رسول الله وَهِيَ بِبِلَادِ الْحَبَشَةِ مُهَاجِرَةً ، وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ النّجَاشِيّ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ ، وَمَاتَتْ فِي أَيّامِ أَخِيهَا مُعَاوِيَةَ .
10 - السيدة صَفِيّةُ بنت حيي :
صَفِيّةَ بِنْتَ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ سَيّدِ بَنِي النّضِيرِ مِنْ وَلَدِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ أَخِي مُوسَى ، فَهِيَ ابْنَةُ نَبِيّ ، وَزَوْجَةُ نَبِيّ ، وَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ لَهُ مِنْ الصّفِيّ أَمَةً ، فَأَعْتَقَهَا ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا ، فَصَارَ ذَلِكَ سُنّةً لِلْأَمَةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْتِقَ الرّجُلُ أَمَتَهُ وَيَجْعَلُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَتَصِيرُ زَوْجَتَهُ بِذَلِكَ.
11 – السيدة مَيْمُونَةُ بنت الحارث :
ثُمّ تَزَوّجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْهِلَالِيّةَ الْعَامِرِيَّةَ ، وكان اسمها بَرَّةً فسماها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ميمونة ، وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله بن عباس ، وكانت في الجاهلية عند مسعود بن عمرو بن عُمير الثقفي ، ففارقها وخَلَف عليها أبو رُهْم أخو حُوَيْطب ابنا عبد العُزَّى ، فتوفِّي عنها ، فتزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تَزَوَّجَهَا بِمَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ في شوال سنة سبعٍ من الهجرة ، بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنَ العمرة ، زوجه إياها العباس بن عبد المطَّلب وكان يلي أمرها ، ماتت بسرف سنة إحدى وخمسين ، وقد بلغت ثمانين سنة.
12 – السيدة رَيْحَانَةُ :
رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدٍ الْقُرَظِيَّةِ ، سُبِيَتْ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَة ، فَكَانَتْ صَفِيَّ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَعْتَقَهَا ، وَتَزَوَّجَهَا .
وكان لزواجها حديث :
كَانَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-عَرَضَ عَلَيْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَضْرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلْ تَتْرُكُنِي فِي مِلْكِك ، فَهُوَ أَخَفّ عَلَيّ وَعَلَيْك . فَتَرَكَهَا . وَقَدْ كَانَتْ حِينَ سَبَاهَا قَدْ تَعَصَّتْ بِالْإِسْلَامِ وَأَبَتْ إلَّا الْيَهُودِيّةَ ، فَعَزَلَهَا رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-وَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ لِذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا.
فَبَيْنَا هُوَ مَعَ أَصْحَابِهِ إذْ سَمِعَ وَقْعَ نَعْلَيْنِ خَلْفَهُ ، فَقَالَ : "إنَّ هَذَا لِثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْيَةَ يُبَشّرُنِي بِإِسْلَامِ رَيْحَانَةَ" . فَجَاءَهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ أَسْلَمَتْ رَيْحَانَةُ . فَسَرّهُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا .
وتُوُفِّيَ -صلى الله عليه وسلم-عَنْ تِسْعٍ من زوجاته .
- سَرَارِيُّهُ -صلى الله عليه وسلم-.
وَالسُّرِّيَّةُ الجَارِيَةُ الْمُتَّخَذَةُ لِلْمِلْكِ وَالجِمَاعِ ، سميت سُرِّيَّةً لأَنها موضع سُرورِ صاحبها ، وكَانَ لَهُ -صلى الله عليه وسلم-أَرْبَعٌ : مَارِيَةُ بنت شَمْعُونَ ، وَهِيَ أُمِّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ ، أهداها له المقوقس في سنة سبع من الهجرة ، تُوفِّيت في سنة عشرة من الهجرة ، صلى عليها عمر ، ودُفنت بالبَقِيع . وَرَيْحَانَةُ . وَجَارِيَةٌ أُخْرَى جَمِيلَةٌ أَصَابَهَا فِي بَعْضِ السَّبْيِ ، وَجَارِيَةٌ وَهَبَتْهَا لَهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ .