قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية في مقال إلى موقع "جيوبوليتيكال مونيتور" إن التجارة الدولية ركيزة أساسية للاقتصاد المصري، كما ستكتسب أهمية أكبر في الوقت الذي توصل فيه مصر لخطط طموحة لتصبح مركزا تجاريا عالميا في حقبة ما بعد وباء كورونا.
وقال معيط: "من الأمور الأساسية لتحقيق هذا الهدف تحديث طموح عالي التقنية للموانئ المصرية لتحسين السعة والكفاءة، إلى جانب تعزيز كبير لأنظمتنا اللوجستية لتسريع الواردات والصادرات. كلاهما سيعزز الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبلاد كحلقة وصل اقتصادية رئيسية بين الشرق الأوسط وأفريقيا وبقية العالم".
وأضاف: "بعد الاضطراب الناجم عن الوباء، تلعب مصر دورًا مهمًا في استعادة سلاسل التوريد الدولية. وخضعت موانئ الدولة الواقعة على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط إلى تحسينات كبيرة يجب أن تكتمل بحلول عام 2024 بينما سيتم تشغيل تحديث الأنظمة المستخدمة لمعالجة الشحنات، مما يقلل بشكل كبير من تكاليف النقل، بشكل كامل اعتبارًا من أكتوبر 2021".
وتابع: "يشمل الإصلاح الشامل لموانئنا والذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار 58 مشروعًا واسع النطاق، من إنشاء أرصفة جديدة وساحات تجارية وأرصفة إلى تجريف ممرات الشحن وأرصفة الموانئ. بشكل منفصل، كما أن هناك خططا، قيد التنفيذ أيضًا، لبناء سلسلة من الموانئ الجافة التي ستربط طرقها وخطوط السكك الحديدية الموانئ البحرية بالمواقع الداخلية. تهدف هذه التطورات إلى تعزيز القدرة التنافسية وتحفيز نشاط الاستيراد والتصدير".
واستطرد قائلا: "ستحصل جميعها على قوة دفع كبيرة من خلال استكمال آلية تيسير التجارة الرائدة عالميا، (نظام معلومات الشحن المسبق ، أو ACI)، ستساعد على إتمام العملية الجمركية التي تغطي البضائع التي تدخل مصر. وهي جزء من بوابة التجارة الرقمية الوحيدة، المعروفة باسم نافذة، لعمليات الاستيراد والتصدير، والتي تربط جميع موانئ مصر. وتم إطلاقها في عام 2019، وقد أدى بالفعل إلى تحسين أوقات معالجة الجمارك بأكثر من 50 في المائة. ستضمن هذه التكنولوجيا، إلى جانب مراكز لوجستية جديدة عالية التقنية في الموانئ الرئيسية، استخدام مرافق الموانئ للعبور بدلاً من تخزين البضائع".
وأشار إلى أنه: "ستعمل التحسينات على تعميق العلاقات الاقتصادية مع جميع شركائنا التجاريين، مما يحقق تطلعاتنا في أن نصبح مركزًا لنقل الطاقة لشرق المتوسط والدول المنتجة للغاز. وستسمح محطات الغاز الطبيعي المسال (LNG) في موانئ إدكو ودمياط، وهما المرفقان الوحيدان من نوعها في المنطقة، لشركاء مصر في شرق البحر المتوسط ، الذين اكتشفوا مع مصر احتياطيات ضخمة من الغاز في السنوات الأخيرة، بتصدير الإنتاج للأسواق الدولية".
وتابع: "من أجل تحقيق إمكاناتهم الكاملة، سيتم دعم الموانئ والأنظمة اللوجستية المحدثة من خلال شبكة نقل وطنية واسعة النطاق. وتعتبر اتصالات الموانئ الجافة جزءًا من برنامج ضخم للسكك الحديدية وتوسعة الطرق، يشمل أكثر من 2000 مشروع، وبدأ العمل به في عام 2014 ومن المقرر أن يكتمل بحلول عام 2024. وتشمل المبادرات الرئيسية طريقًا سريعًا يربط مصر بتسع دول أفريقية أخرى لتعزيزها صادرات مصر إلى القارة بالإضافة إلى خط سكة حديد فائق السرعة يربط بين الموانئ المصرية على البحر الأحمر وسواحل البحر الأبيض المتوسط، ويشتمل بشكل حاسم على روابط لأجزاء أخرى من البلاد".
وذكر: "لقد اجتذب الهيكل التجاري المتقدم الذي نعمل على تنفيذه استثمارات أجنبية كبيرة، وهو ما نراه بمثابة تأييد قوي للسياسات الاقتصادية للبلاد. علاوة على ذلك، فإن تطوير قدرتنا على التجارة الدولية، جنبا إلى جنب مع تنفيذنا لإصلاحات شاملة وعميقة الجذور بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ستساهم بشكل كبير في تحسين بيئة الأعمال ، وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب وتحفيز النمو".
وأضاف: "على الرغم من الصدمة الاقتصادية للوباء، كان الاقتصاد المصري أحد الأسواق الناشئة القليلة التي شهدت نموًا العام الماضي، حتى مع تعرض قطاع السياحة المهم لضربة. في عام 2020 ، اجتذبت البلاد ثاني أعلى مستويات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم العربي ، وكانت أكبر متلق لأموال الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا".
وتابع: "في الواقع، أدركت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في يوليو 2021 أن عددا متزايدا من الشركات يختار مصر كقاعدة إنتاجية للقارة الأفريقية والشرق الأوسط. وهي تستفيد من العدد الكبير لاتفاقيات منطقة التجارة الحرة الموقعة بين مصر والدول الأفريقية والعربية والأوروبية وأمريكا اللاتينية. كما أصبح التصنيع مكونًا رئيسيًا للاقتصاد، حيث من المقرر أن تنمو مساهمته مع تطويرنا لقطاعات جديدة ، لا سيما لقاح كوفيد وإنتاج السيارات الكهربائية".
وقال: "يهدف إصلاح الموانئ والعمليات اللوجستية، وتوسيع البنية التحتية للنقل على نطاق أوسع وبرنامج الإصلاح الاقتصادي لدينا إلى زيادة اندماج مصر في نظام التجارة العالمي، وتعزيز ثقة المستثمرين في البلاد. وهذه الجهود لها تأثير بالفعل. حيث ارتفعت صادرات مصر في يونيو بنحو 50 في المائة عن نفس الشهر من العام الماضي، بينما انخفض عجزنا التجاري بأكثر من الربع. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، بالطبع، لكن المؤشرات مشجعة بشكل واضح".
واختتم المقال قائلا: "لقد كشف الوباء عن هشاشة سلاسل التوريد العالمية والنظام التجاري. من خلال تنفيذ خططنا لتطوير المركز اللوجستي العالمي الأكثر تقدمًا في المنطقة، لن نضمن ازدهارنا فحسب، بل سنقود أيضًا التنمية الاقتصادية للمنطقة ونبني المرونة التي تشتد الحاجة إليها في الاقتصاد العالمي".