الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.سونيا أحمد رزق تكتب: أكتوبر الإنتصار

صدى البلد


الأحداث دوماً هي ما تميز الأزمان...والإنتصارات بالطبع هي التي تخلدها... وإنتصار أكتوبر كان أعظم تأريخ.. فلقد غير مسار التاريخ.. ليس بالنسبة لشعب مصر وحدها بل لكامل شعوب المنطقة..كان بمثابة النهار الذي محى ظلمة القهر الرؤوس  كانت منكسة تثقلها قسوة الهزيمة المرة... وتداعيات النكسة لم تكن ببعيدة.. ما من أحد كان يستطيع أن يعتز بعمل أنجزه ولا يمكن أن يشعر بسعادة كاملة, فالكل محصور  ببوتقه فوق لهيب  الإحتلال حينما لا يملك قدرته الكاملة  ليفرض سيطرته على أرضه.. يظل هكذا يغلي بصمت.. وألوان الحياة السائدة هي الألوان السوداء والرمادية .. حياة بالطبع قاسية...
وكانت ساعة الصفر.. بعد أن فار التنور.. وكان الإنفجار حرباً  إتخذ قرارها بطلاً.. لم تكن كل الظروف بالطبع مواتية.. ولكن هناك تحديات وإصرار , صنع جيشنا بهما المستحيل ونصر الله حينما تحقق غير كل المفاهيم... فلا يوجد شيئا إسمه مستحيل ولكن هناك فقط صعوبات... تحتاج تحديات وفوق كل شيء لابد أن توافق توفيقا من الله عز جل.
كانت البداية.. بعد تخطيط وإختيار دقيق لساعة الصفر  يوم السبت السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ الساعة الثانية ظهراً.. إختيار للوقت عبقري وبداية جوية قوية نجحت في أهدافها.. وعنصر المفاجأة كان كفيل أن يصيب العدو بالشلل.. وتوالت أيام أكتوبر حامية ,في تلك الأيام تجمع كل الشعب يتابع الاخبار كأنه فرد, ففي المصاعب تذوب كل الفوارق والخلافات والمشاحنات, كل مواطن أصبح موقنا فقط أنه مصري وبلده تحارب عدو قوي مغتصب أرضه.
وعظمة المقاتل المصري تجلت بوضوح بأكتوبر الإنتصار, لحظات العبور التاريخية, وتحطيم خط بارليف, كل يوما من أكتوبر 1973  بذاته ملحمة منقطعة النظير, ملاحم تتوالى وتتعاظم وتخبر العالم باكمله من هو المصري.
ولن يعرف أحدا أبدا قيمة عظمة إنتصار إكتوبر, إلا إذا قارن بين الحياة في مصر قبل السادس من إكتوبر وبعده, كمن فتح عيناه وقت النهار ولم يعرف أبداً لون سواد الظلمة, من يتمتع بالحرية ولم يستشعر معنى أن  يكون  سجين بأرضه لا يملك حريته, نقيضان تماما مثل الصحة والمرض, العلة والمعافاة.
نحن الآن نعيش في وطن حر معافى ,إستطاع أن يتخلص من أعداءه وسبب دائه,  ولكي نرى الصورة أوضح بشكل عملي ,فقط مقارنة بسيطة , فبعد حرف 1967  كان ضمن ما إحتلته إسرائيل  هضبة الجولان  بسوريا وأرض سيناء بمصر..أصبحتا مصر وسوريا تحت رحمة الصهاينة , أما الآن فما هو الحال؟؟
أشفق على حال أصدقائي بسوريا حينما يريد أحدهم أن يذهب لزيارة الأهل بالجولان, كأنه يذهب لدولة أخرى لها سيادة خاصة, ويتم التفتيش الدقيق لهم, والموافقة أو الرفض على الدخول.
حينما يأتي أكتوبر أمعن في رفع قامتي ورفع رأسي, وأمحو أي علامات حزن تعتريني, أكتوبر شهر الإنتصار , فيه شاهدت  أسرى الاعداء بالتلفاز يسيرون صفاً مكبلين بالأصفاد منكسي الرأس يبكون وأنا أعرف تماما معنى بكاء الرجال , تكفيني جدا تلك الصورة, لكي أشعر بعظمة ما حدث لهم , يتركون أرضي بخزى أكبر مما أزاقوه لجنودنا, وعار يلحقهم كل وقت بعد أن كذبوا كذبتهم المعروفة وصدقوها..أكذوبة الجيش الذي لا يقهر, والذي قهره أبطالنا...أبطال أكتوبر..أحب أكتوبر من كل عام لأنه يحمل عبق الإنتصار, وطيب دماء الشهداء الاحياء, اللذين إختارو لنا الحياة, وطهرو تراب مصر ورمالها من تدنيس عدو غادر وإختارو لنا الحياة بكبرياء المنتصرين.