الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر عاقيل يكتب: تجربة وحيد

صدى البلد


السؤال الذي يطرح نفسه وبشدة : إذا كان التأهل إلى الدور المقبل قد شهد كل هذا المحطات مع إمكانية كبيرة جدا بوصول أسود الأطلس إلى محطة دور خروج المغلوب، وشهد كل هذه التداعيات واﻹنتقادات، حول أداء المنتخب واختيارات وحيد، كيف سيكون الواقع الذي يسبق الكأس الإفريقية وخوض مباريات بمستوى أعلى؟
أعلم، مثلما يعلم غيري، أن منطق كرة القدم يفرض علينا التمسك بالكثير من المعطيات التي تمنحنا حق التكهنات وفقا لما نملكه من رصيد على بقية منتخبات المجموعة، نضيف إليه بعضا من المتغيرات الأقرب لأن تكون استثناءات كي نصل إلى نتيجة التوقعات التي قد تكون نسبة درجاتها أعلى بكثير من حدود المفاجآت، أما أن يصل الحال بأن نشكك بالقدرات، استنادا لعاملي العاطفة واﻹنحياز، فهذا ما لا يمكن أن يدخل ضمن دائرة الواقع والمنطق، وقيمة المنتخبات التي يواجهها المنتخب والفارق الكبير في الإمكانات المادية واللوجيستية والبشرية.
نعم.. قد تحدث مفاجأة من العيار الثقيل، ويخسر الأسود وهذا مستبعد جدا، رغم الأداء المتقلب، والتشكيلة التي لا تستقر على حال، فإن الأمر بحاجة ماسة إلى الوقوف أمام هكذا تخوف وقيمة المنتخبات التي بإمكان المغرب مواجهتها في الدور الحاسم للتأهل إلى كأس العالم قطر 2022، وكأس افريقيا مطلع السنة القادمة.
المعقول من كل هذا، هو أن يكون مبدأ تعويض فقدان الثقة في النفس، وتحسين الأداء، والثبات على التشكيلة المثالية حاضرا وبقوة خلال مواجهات التصفيات المؤهلة لكأس للعالم، وأن تكون القدرات متاحة مسبقا من أجل إعادة الروح للمنتخب، وابعاد التخوف السائد لدى الجماهير المغربية، مثلما يفترض أن تكون عملية اﻹنسجام في خطوط المنتخب موجودة مسبقا بحكم الكم الهائل من المباريات التجريبية والرسمية التي خاضها المنتخب تحت قيادة وحيد، إلى جانب هضم تام لﻷسلوب التكتيكي الأكثر نجاعة وتناغما جيدا بين ما يطلبه المدرب الصربي من جهة واللاعبون من جهة أخرى، مع التأكيد على ضرورة خوض مباراة هجومية واستثمار الفرص واحترام الوقت دون إهداره، وتوزيع المجهود البدني على مدار شوطي اللقاء، وتحديد الأهداف الفعلية التي من شأنها أن تصل بنا إلى غاية كسب النقاط الثلاث.
في اعتقادي أن الأمل في الإستقرار على التشكيلة الأمثل والأكمل من لاعبين يطبقون أفكار المدرب على المستطيل الأخضر، موجود ولم يتلاشى، وستكون هناك فرصة ثانية للاعبينا ومدربهم في التعويض وإثبات هويتهم، والتعامل بحنكة وذكاء أكبر، من خلال المباراتين القادمتين، تدفع بالمنتخب لأن يكون أكثر تركيزا على نوعية الأسلوب الأنجع الذي سيجلب لنا خيار الإرتقاء بواقع المنتخب، وينفض غبار غياب الإستقرار عنه، وينقي الأجواء بشكل إيجابي من التصدعات، يرفع من قدرات اللاعبين المكبوتة، والمخفية إن صح التعبير، بسبب الإرتباك الذي سيطر على تفكير المدرب في المباريات الأخيرة، ومدى التصورات التي خلقت لنا جميعا توقعات تسبق حدث أفريقيا الأهم.
وبمقابل ذلك كله، لا يخفى على أحد أن المنتخب الوطني يعيش في فترة تجريب اللاعبين، وهو أمر غادرته أغلب المنتخبات، بل إن الإستقرار على التشكيلة الفعلية ما يزال غائبا تماما عن أجندة المدرب الذي يعيش في مرحلة غير مكتملة الفصول، وهو ما يعني أن المدرب بعيد عما وصلت إليه منتخبات القمة أفريقيا.
منطق الأحداث والوقائع التي يسير عليها المنتخب تفرض علينا نفسها وبقوة، ويطرح ربما أحد أبرز التساؤلات التي من شأنها أن تكون الإجابة عليها، أقرب لأن تكون بديهية، أكثر من كونها بحاجة إلى الوقت للتفكير عليه والتعمق في الإجابة عليها: هل المدرب وحيد راض عن الصورة الحقيقية والأسلوب العام الذي أوصل إليه المنتخب؟ الجواب سيكون كلا بكل تأكيد، والدليل أنه في كل مباراة يخرج علينا بشكل مليء بالتناقضات والمتغيرات، إذ تحفظ بداية وسعى لخلق الحلول الفنية فيما بعد، وناور بلاعبين وزج بآخرين وأراد أن يفوز بأي شكل من الأشكال، فخسر أصوات العديد من مؤيديه بعد نهاية كل مباراة، أضاع معها الخيط والعصفور معا، برغم حسنته في اكتشاف أسماء جديدة.
حقيقة لابد أن يتفهم البعض من الذين يقفون مدافعين عن المدرب ذاته، لكنهم يفشلون في مواجهة المنطق الذي يعلو ولا يعلى عليه، والسبب أن وحيد لم يستثمر إيجابيا كل هذا الكم من المباريات، وما ستتبعه من مباراة قادمة أمام غينيا.
قد يختلف معي الكثير من المهتمين والمتابعين لأحوال المنتخب الوطني فيما أذهب إليه من رأي، يخالف الواقع أو ما نراه في النتيجة النهائية ويتطابق مع مسارات البحث عن واجهة لا تتلاءم مع فكر المدرب، إلا أن  الحقيقة الثابتة من كل هذا بريئة من النهج الذي اتخذه الصربي في أسلوب التعامل مع الحقيقة وصورة العمل.
لا أقلل من شأن المدرب وحيد، لكنني واثق جدا وأفهم معادلة رياضية بسيطة، وهي أن المدرب الذي يريد النجاح عليه أن يعتمد على عوامل تسهم في نجاح مسيرته شريطة تنفيذ نقاط الوصول إلى الهدف وأن يتعامل مع ما هو متوفر بشيء من التجرد وكثير من الإطلاع وقريب من الأدوات التي ستقوده للنتيجة، أتحدث هنا عن الفكر العشوائي وقصر النظر الواضح الذي يعيش في مرحلة التجريب الممزوجة بالمجاملات والاختيارات غير الموفقة، كما يراها هو صحيحة ويجب أن تحدث.
أجزم أن وحيد محظوظ جدا، لأنه تحول من خاسر إلى منتصر في غضون 90 دقيقة، وكاد أن يكون تحت مطرقة الجماهير المغربية الغاضبة من الأداء، لكن الحقيقة تقال، فوزنا على المنتخب الغيني، جاء بسبب تراجع مستوى الخصم وافتقاره لأوراق قد تسعفه أو تنقذه، بمقابل زج وحيد ببعض الأوراق الرابحة، بيد أن هذا الأمر قد ينفع في مباراة أو مباراتين، لكنه لن يصيب في كل مرة، وقد يخيب لمرات ويضيع كل شيء في لحظة ما أمام أعتى المنتخبات.