قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن النفاق داء مهلك للأفراد والأمم ، وهو أشد خطرًا من الكفر والشرك ، حيث يقول الحق سبحانه:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِالله وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لله فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ الله الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}.
وأضاف جمعة في مقال له عبر صفحته الرسمية بالفيسبوك، قائلا: أن للنفاق علامات، من أهمها: الكذب ، والخيانة ، والغدر ، وخلف الوعد ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "أَرْبَعٌ مَنْ كنَّ فِيهِ كَانَ مُنافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حَتّى يَدَعَهَا: إِذا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذا عاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذا خَاصَمَ فَجَرَ".
وأوضح الوزير يبين لنا القرآن الكريم جانبًـا من خصال وأحـوال المنافقين في مواضع عديدة ، منها :
أنهم يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع ، حيث يقول الحق سبحانه:{وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِالله وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَعَ الْقَاعِدِينَ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}، ويقول (سبحانه وتعالى):{وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}.
وتابع: منها أنهم يقيسون كل أمورهم بقدر ما يتحقق لهم من منافع ، حيث يقول الحق سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِن أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} ، ويقول سبحانه : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىوَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.
ومنها: الفساد والإفساد ، وكثرة الحلف الكاذب ، يقول سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ الله عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَالله لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
ومنها: تأليب الرأي العام ، وبث الوهن في نفوس المؤمنين الصادقين ، حيث يقول الحق سبحانه: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ الله انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.
ومنها: التحالف مع الأعداء والتواصل معهم على حساب الدين والوطن ، حيث يقول الحق سبحانه:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى الله أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}.
واستطرد: مع أن علامات النفاق التي سبق ذكرها إنما هي صفات المنافقين قديمًا وحديثًا ، فإن المنافقين الجدد قد ضموا إلى ذلك ضروبًا جديدة من الخداع ، من أبرزها: لبس مسوح الدين والمتاجرة به ، واستغلاله لتحقيق مصالح الجماعات التي تريد أن تتخذ من الدين مطية إلى السلطة ، متدثرة في ألوان شتى من التـديـن الشـكلي والتـديـن السيـاسي ، إضـافـة إلى ما يتسـم بـه المنافقون الجدد من خيانة الوطن وتحقيره وبيعه بثمن بخس. فالغاية لدى عناصر هذه الجماعة الإرهابية تبرر الوسيلة - أي وسيلة كانت - قتلًا أو تخريبًا ، أو تكفيرًا وتفجيرًا ، أو كذبًا وافتراء وبثًّا للشائعات ، فقد نشأوا على الكذب والتَّقِية ، وهم أشبه ما يكون بخفافيش الظلام التي لا يمكن أن تحيا في النور أبدًا.
وتحاول الجماعات الإرهابية زرع عيونها وجواسيسها في جميع مؤسسات الدولة ووحداتها الإدارية والمفصلية ، وفي جميع المصالح والقطاعات الحيوية ، مما يتطلب ويستدعي توخي الحذر والفرز الجيد لمن يتولون العمل القيادي بأيٍّ من مؤسسات الدولة ، وبخاصة المفاصل الحساسة بكل مؤسسة ، مع الضرب بيد من حديد - وبلا هوادة أو تردد - على يد كل من تثبت خيانته لوطنه أو لمؤسسته ، وعمالته لأي من الجماعات الإرهابية والجهات التي تمولها ، أو تدعمها ، أو تساندها ، أو تستخدمها لخدمة مطامعها ومصالحها ، وأجنداتها في تدمير وطننا ، وتفريق كيان أمتنا ومنطقتنا ، وتحويلها إلى كيانات أو دويلات ضعيفة ممزقة لا تنفع صديقًا ، ولا تضر عدوًّا ، ولا تملك من أمر نفسهـا شيئًا ، فتصير عالـة وتابعـة وأداة طيّعـة في أيدي قوى الشر والظلام والضلال.