الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد البراهمي تكتب: ركن الإسلامي الثاني

صدى البلد

 
 أما عندما يكون الدين للبشر جميعا وللناس كافة فكان يجب عليه عندما يخترع دينا أو يقوم بتأليف تشريعا , أن يجعل العقوبات في تشريعه أقل من الموجودة في الأديان السابقة لذلك الدين . فتكون أقل من المنصوص عليها في اليهودية , وفي النصرانية مثلا  . لكي يدخل عدد كبير منهم في الدين الجديد الذي أتي به . 
ولا يجعل  التشريعات في الدين الجديد أكثر إرهاقا من التشريعات السابقة . 
لأنه عندما تكون التشريعات أكثر إرهاقا فبالطبع سيتبع الناس التشريعات الأقل تعبا أو أقل إرهاقا , فلماذا لم يضع الرسول ذلك في اعتباره وهو يضع دينه الجديد ؟ 
فالمنطق والعقل البشري يقول لكي تحصل علي عدد أكبر من الناس لابد أن تتساهل معهم , ولكي تجعل أصحاب الديانات الأخرى يتبعوك يجب أن تكون الالتزامات التي ستفرضها عليهم أخفف من الموجودة فعلا في دينهم ولا تكون أكثر منها في الدين الجديد , علي الأقل لتكتسب منهم أعدادا كبيرة تدخل في دينك . 
فلو افترضنا أن الرسول هو من قام بوضع الدين الإسلامي وأوامره و نواهييه بنفسه ولا يوجد خالق أرسله بالرسالة , لكان فكر كشخص عادي , وأي شخص عادي يكون بنفس الموقف سوف يفكر في شيء واحد فقط , وهو أن يجتذب أكبر عدد من الناس والأتباع .
ولأنه بالعقل والمنطق أيضا لماذا سيترك اليهود والنصارى دينهم وهم يعلمون أنهم سيدخلون الجنة وهو يتبعون تعاليم دينهم , ويتبعون دين الرسول الذي يقول لهم أنهم سيدخلون الجنة أيضا إن اتبعوه , ففي كل الأحوال سيدخلون الجنة فليختاروا الأخف عملا والأقل إرهاقا . 
فبالعقل والمنطق كان يجب أن يجعل الرسول صلي الله عليه وسلم القرآن والشرائع طالما من تأليفه , كان يجب أن يجعلها سهلة وميسرة .
وكان ترك الناس وما يحبون , فيستمر شرب الخمر بلا تحريم , ويستمر الدين القديم , وإن أراد أن يأتي بجديد فالمفروض أن يأتي بجديد أخف وأسهل علي النفس . وليس به قيود ولا تعقيدات أو التزامات أكثر .
ألا يدل ذلك علي أن الدين صادرا من قوة عليا ؟ 
كما أن الفروض التعبدية التي  وجدت بالشريعة الإسلامية ومواقيتها وأركانها وكيفية القيام بها كلها تدل علي وجود الله وعلي أن الدين الإسلامي وما أمر به  هو من عند العلي القدير .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : بني الإسلام علي خمس 
شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمدا رسول الله . و إقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان , وحج  البيت لمن استطاع إليه سبيلا . 
وجعل تلك الأشياء هي الأساس الذي يقوم عليه الإسلام . وجعل تلك الفروض واجبة . وسنتحدث عنها جميعا 
الصلاة 
فرض الله الصلاة في الأديان السابقة , وتعرف  الصلاة في كل الأديان بأنها الدعاء والشكر ,أي أن الإنسان يدعو ربه , ويشكره علي نعمه .
وقد فرضت في الديانات السابقة , ومنها اليهودية , والنصرانية  صلاة , وفرضت في الإسلام صلاة . لكن الصلاة المفروضة في دين الإسلام , وضع لها أوقات محددة , وكان ارتباط أوقاتها مرتبطا بحركة الشمس , وظهورها وزوالها  .
وإذا نظرنا إلي هذا الأمر لوجدنا أنه مهما بلغ ذكاء العقل البشري ومهما بلغت قدرته علي التفكير , لا يخطر به أن يربط الصلاة بالشمس وحركتها وذلك منذ ألف وأربعمائة عام . 
فلا يوجد شخص أن يفكر في فرض الصلاة بهذا الشكل , ويجعلها مرتبطة بالوقت , ويجعلها علي مدار اليوم كله لأنها مرتبطة بحركة الشمس حول الأرض . 
فلو فكرنا جيدا لوجدنا أنه في كل ثانية من الوجود وعلي كل الأرض يوجد شخص أو أكثر يذكر الله سبحانه وتعالي ويقول الله أكبر , وفي كل ثانية سجود وركوع . 
ولنضرب لذلك مثلا ففي الوقت الذي يصلي فيه شخص في محافظة في محافظات جمهورية مصر ولنفرض انها محافظة قنا نجد أن الصلاة فيها يختلف الوقت من مدينة إلي أخري,  بل من قرية إلي أخري , وتبدأ من الجنوب إلي الشمال تباعا , حيث أن الشمس تشرق علي جمهورية مصر من الجنوب أولا في أسوان وتظل الصلاة تقام في مدينة تلو المدينة حتي يخرج الوقت إلي السلوم ثم إلي ليبيا ثم إلي تونس فالجزائر فالمغرب وهكذا . 
ولو تم حساب الوقت بدقة لنجد أن الآذان للصلاة علي سطح الكرة الأرضية  لا ينقطع أبدا.  
فهو مستمر في الدول العربية ثم يصل إلي كل دول العالم وبالطبع البلدان التي علي خط طول واحد لديها نفس التوقيت في الصلوات . 
ومن يتدبر ذلك الأمر سيجد أن الله جعل ذكره في كل بقاع الأرض وفي كل ثانية تمر من الوقت , ولا يستطيع شخص كائنا من كان أن يفكر بتلك الدقة المتناهية في طريقة تجعل أسم الخالق سبحانه وتعالي ( الله ) يذكر في كل ثانية من علي وجه الأرض عليها . 
قال الله تعالي :  ( إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا( صدق الله العظيم .
ومن ناحية أخري : لم يترك الدين هؤلاء البشر يصلون لله وكفي , ولكن فرض عليهم أن يتجمعوا ويتقاربوا ويتوحدوا , فجعل الصلاة في جماعة هي الأساس وجعل ثوابها أكثر من صلاة الفرد . 
لأن الدين الذي أنزله الله سبحانه وتعالي يراد به تأليف لقلوب البشر , وتوحيدهم , وتعليمهم كيفية التعامل مع بعضهم البعض , لم يخلق الله البشر ليتقاتلوا , ولا ليؤذي بعضهم بعضا . فأنزل شريعته ليعلمهم كيفية السلوك الصحيح الذي يجمع بينهم , وجعل الصلاة خمس مرات باليوم الواحد . فكيف لمن يلتقون خمس مرات باليوم أن يكره بعضهم البعض أو يتنافروا . 
ثم جعل الصلاة يوم الجمعة , أي كل أسبوع مرة فريضة واجبه قال تعالي ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة , فأسعوا إلي ذكر الله , وذروا البيع ) . أي أتركوا حتي مصادر رزقكم وأذهبوا لصلاة الجماعة . 
وفي ذلك تأكيد علي فكرة التلاقي والتوحد والتقارب , فلا يفعل ذلك إلا إله قادر حاكم يعلم طبائع البشر ونفوسهم .