الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«السادات».. رجل الحب والحرب

لا أسعد ولا أشقى من طفلة لعبتها الشغف ! تنظر للحياة لتكتشف الهدف !  ولكن كباقي أقرانها تنتظر يوم العطلة الاسبوعية وترقص فرحاً لاستقبال العطلات الرسمية فهي بذاتها في كل المراحل العمرية أسعد هدف. 
ولكل أجازة حكاية ،ظاهرها عُطلة وباطنها عَطلة وفي لُبها تكمن الحكمة ،ونحن شعب لا نعبر عن الفرحة إلا بالحَلّة أو ارتداء الحُلّة!
فالطعام هو السمة الأساسية في كل احتفالات الدول العربية وعلى رأسها الدولة المصرية التي ما عرفت عيداً إلا وطهت باسمه ما يُخلد ذكرهشهور بعد مُضيه ،كعك العيد وحلاوة المولد وعيش الفتة وغيرهم من شواهد العطلات.

إلا أجازة السادس من أكتوبر فهي الوحيدة المنزهة عن الطعام والمرتبطة بمشاعر الاطعام ،كما الطعام للبدن فالاطعام للروح ،وهذا اليوم يوم استعادة الهوية والروح المصرية البهية ،ففي هذا اليوم تروى قصص الباسلين من الجنود والمقاتلين الأبطال في صفوف المحاربين ،حكاياتوحكايات من زمن مهما مرّ عليه من الزمن فهو غض التفاصيل أخضر الذكريات.

ولكن تفاصيل هذا الرجل العظيم كانت تشغلني وفي نفس الموعد من كل عام تحيرني ،يظهر في تسجيلات تأسرني يتحدث فيزلزلني ،يضحكفيطمأني ،نعم كنت تلك الطفلة التي عشقت رئيسها بالرغم أنها لم تشهده ،أحببته بأذني فكان يكفيني ما سمعته عنه ومنه ليكون البطل الذيأمضيت سنوات مراهقتي أبحث عن من يشبهه.

بطل الحرب والسلام ،رمز الحُب والغرام ،أيقونة المسالمة بلا استسلام ،المادة الخام للكاريزما التي حيرت الأنام ،أنه الرئيس الراحل محمد أنورالسادات ،امضي ما تشاء من وقتك لتبحث عن سِر هذا الرجل اقرأ ما يتيسر لك مما كُتب عنه وما كَتبه هو عن نفسه مذكراته ويومياته ،تاريخحياته طفلاً وشاباً ، مناضلاً ومقاتلاً ،حبيباً وزوجاً ،أباً وأخاً وجداً ،حكيماً وعنيداً ،مسالماً ليس مُسَلِماً. 
حياته غنية بالأحداث ووفاته مليئة بالألغاز التي لا تحصرها صفحات ولن ترصدها كلمات ،إنما هي مواقف ،جولات وصولات عاشها ،بطولات وانتصارات صنعها ؛لن يكفيها بضع عبارات وحفنة مقالات.

أربعون عاماً مرت على اغتيال الرئيس ولكن ذكرى هذا العام ليست ككل عام! فقد لحقت به الحبيبة ،الزوجة المخلصة ،السيدة الرقيقة جيهانالسادات ،قصة حب عظيمة بها كل المعاني العميقة ،فمن يزايد على الرئيس الراحل يكفيه أن يبحث في أوراق زوجته المكلومة على فقده ،وليقرأ بقلبه انبهار فتاة  في مقتبل العُمر برجل على مشارف الأربعين من عمره، هي فاتنة الجمال الذي لا خلاف عليه وهو لا يملك إلا جاذبية محل للاختلاف ،رجل دون عمل أب لثلاث أبناء ؛سجين سابق مفصول من صفوف الجيش ،وهي نصف إنجليزية جمالها وعقلها يضمن لها حياة سوية دونآي رهانات قد تؤدي لكوارث حتمية بسبب تلك الزيجة التي بدت غير عقلانية!

ولكنها استفتت قلبها وقطعاً رجاحة عقلها ،وراهنت على رجل لا يملك من الدنيا إلا شخصية غير اعتيادية ومَلكات تأثيرية استثنائية. 
لم ينتصر السادات للوطن وحده ،بل رمم هزائم الحُب ،وقدم نموذجاً للمحبة يخلده التاريخ الذي لم ينسى عنتر وعبلة وروميو وچوليت ؛لذا لنيغفل أنور وچيني ،ونحن محظوظون لأننا عاصرنا القصة وهي طازجة على اختلافِ أعمارنا ،فمن مِنا لم يشهد لقاء للسيدة العظيمة حَكت فيهعينيها المحبة وقَصَت شفتيها رحلتها في كنف الحبيب وتنطق ملامحها بقدر هذا العشق المهيب لرجل لا يجود الزمان به كثيراً.

للسادات أخطائه كعادة البشر ،فمن كان مِنا مُنزهاً يرفض مبرراته ويدير ظهره لغاياته ،لا حياة بلا أخطاء والخطأ أهل للصفح ،فإذاتصالحنا مع خطايا من سبقوه كيف لانغفر أخطائه ! وليدة ظرفي الزمان والمكان فربما لو في زمان غير الزمان ما أصدر البعض نفسالأحكام!
تحية للقائد الهمام رجل الحرب والسلام ،وزوجته الراقية التى استحقت أن تكون أول مصرية تقام لها جنازة عسكرية ،والشئ بالشئ يذكرلذا كل التحية لرئيس الجمهورية صاحب اللقطات الإنسانية ،فالسيدة جيهان عانت عقوداً من التهميش ولكن ابن الأصول أعاد لها ما تستحقهمن التقدير في حياتها وبعد موتها.

كلنا راحلون والذكرى هي التي تدوم فلنحسن ليوم لن ينفع فيه مال ولا بنون ،ولا تركة أبقي من أن نحيا بانسانية لنفارق الحياة بأعمال غير منسية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط