الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف رصد جمال الغيطاني التطورات العسكرية على الجبهة في انتصارات أكتوبر؟

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

لعب الكاتب الكبير جمال الغيطاني دورًا عظيمًا في حرب أكتوبر المجيدة، سواء من خلال رصده الأحداث والتطورات العسكرية على الجبهة، أو من خلال مشاركتها في بالسلاح في الحرب حسب ما كشفه في كتابه "على خط النار.. يوميات حرب أكتوبر"، فكان للقدر دورا فى توجيه موهبة الصحفى الشاب آنذاك، الذى شعر بشكل عارم بالرغبة فى تحمل مسئوليته لدفع العدوان عن مصر، فبعد التحاقه بمؤسسة أخبار اليوم بعد سنوات من العمل فى تصميم السجاد، ألح الغيطانى فى العمل على خط النار، ليقيم على الجبهة فى الخنادق بين الرجال، وليصبح الاستثناء أن يعود لتسليم كتاباته كى تجد طريقها للمطبعة، وهو ما تطور لاحقا بعد أن خصص الأستاذ موسى صبرى سيارة مجهزة بهاتف، الأمر الذى كان يعد خياليا فى تلك الأيام، لجمال الغيطانى ورفيق دربه المصور الفدائى مكرم جاد الكريم لاختصار الوقت اللازم للوصول للقارئ.

 

و نجح الغيطانى فى إبراز بطولات  الرجال ممن جاءوا من مختلف ربوع مصر،  وكيف تحول الفلاح، العامل، الطبيب، المهندس،  من مجرد إنسان عادى إلى مقاتل يبذل روحه عن طيب خاطر واصرار لا يلين فداء لهذا الوطن، كما نجح فى رصد الجوانب الإنسانية لمقاتلى الجبهة بدرجة مبهرة، إلى الحد الذى تحتار فيها أن كان يكتب بروح الأديب أم بروح المراسل العسكرى الذى يتعرض لنفس المخاطر التى يتعرض لها مقاتلو الجبهة.

 

كذلك نجح الغيطانى فى رسائله بدرجة كبيرة لدرجة استرعت انتباه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى أشاد بأول تحقيقات الغيطانى عن "الجندى المصرى على خط النار"،  وأصبحت شهادة الرئيس عبد الناصر  شهادة ثبتت أقدام الغيطانى فى موقعه الجديد كمراسل عسكرى فى مقتبل حياته آنذاك، وقد توحد الغيطانى مع عمله كمراسل عسكرى إلى مرحلة التعايش الكامل عندما أصر على الالتحاق بتدريبات المجموعة 39 قتال بقيادة إبراهيم الرفاعى،  واجتاز التدريبات التى تؤهله لعبور للقناة فى حرب الاستنزاف وظل على تواصل مع أبطال هذه المجموعة بعد الحرب وحتى رحيله وعندما سئل عن المشهد الأخير الذى سيظل ماثلاً أمام عينيه فأجاب: "إنه مشهد العلم المصرى مرفوعاً على الضفة الشرقية للقناة على حطام خط بارليف، فهو علم رفع فى القتال وليس فى احتفال" .

 

وكتاب "على خط النار يوميات حرب أكتوبر "، يمثل جانبا من رسائله الصحفية التى أمد بها جريدة الأخبار عندما عمل كمراسل عسكرى على الجبهة  خلال حرب الاستنزاف، ثم حرب ونصر أكتوبر العظيم، خلال الفترة مابين عامى 1969 ـ 1974 والتى رصد فيها الأحداث والتطورات العسكرية على الجبهة، ويحتوى الكتاب على ثلاثة فصول: رسائل فترة حرب الإستنزاف، المصرى على خط النار.. سواء لأحوال الجنود والضباط أو لسكان محافظات القناة ، ويتناول الفصل الأخير بعض رسائل الأعمال العسكرية على الجبهة مع العدو الإسرائيلى أثناء حرب أكتوبر .

 

وفى الفصل الأول رسالة صحفية مهمة للغيطاني يتحدث فيها فى ذلك الوقت عن  سر عن سر حربى يذاع لأول مرة ويقول: أخيراً وبعد صمت إستمر عامين كاملين، يزاح الستار عن عملية بحرية من أجرأ العمليات العسكرية التى تمت بعد حرب يونيو 1967 لقد أثار أختفاء الغواصة الأسرائيلية داكار كثيراً من التساؤلات فى مختلف أنحاء العالم وترك حيرة عميقة فى عقول المعلقين، الخبراء العسكريين لماذا؟

 

لأن الغواصة اختفت تماماً ولم يظهر لها أى أثر فى مياة البحر المتوسط وكأن أحد الاحتمالات القوية وقتئذ هو احتمال تعرض الغواصة الإسرائيلية لقذيفة من إحدى السفن الحربية وفعلاً داكار أغرقتها البحرية المصرية فى مياهنا الإقليمية .. ويكشف التفاصيل الكاملة للعملية الرائعة التى لا تقل أهمية عن تدمير المدمرة " إيلات " درة البحرية الإسرائيلية .

 

وحرص الغيطانى فى كتاباته من الجبهة على تدوين بطولة الإنسان المصرى ممثلا فى الجندى المقاتل، الذى تعرض عقب 1967 لحرب نفسية مكثفة لنزع الثقة وتصوير المصريين باعتبارهم شعبا لا يجيد القتال، فإن أجاد الفن والحضارة، فإن الأمر لا ينطبق على قدرته على درء العدوان، وهو ما حرصت اسرائيل والداعمون لها على تكريسه بشكل ممنهج لنزع الثقة وإحباط أى محاولة لتحرير الأرض، الأمر الذى جعل الغيطانى يحرص على أبراز بطولة الرجال ممن جاءوا من مختلف ربوع مصر، كيف يتحول ذلك الفلاح أو العامل أو المهنى أو الطبيب أو المهندس من إنسان اعتيادى، إلى مقاتل، وهو ما نجح فيه بامتياز لدرجة استرعت انتباه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى أشاد بأول تحقيقات الغيطانى عن الجندى المصرى على خط النار، مما اعتد به كشهادة تثبيت فى موقعه الجديد للمراسل العسكرى الشاب آنذاك.

 

وشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي، الكاتب الراحل جمال الغيطاني، خلال الندوة التثقيفية التي عقدت اليوم، ضمت احتفالات الذكرى الـ 48 لنصر أكتوبر، قائلا: "إن الراحل كان صديق عزيز له"، موجها حديثه إلى نجل الغيطاني المستشار محمد جمال الغيطاني، والذي شاركه في الندوة بكلمه تحدث فيها عن ذكريات والده معهم عن مشاركته في الحرب.